فرنسوا.. سباح فرنسي في بحر الإنسانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

فرنسوا دو لا مارتين، سباح وغواص فرنسي في بحر الإنسانية، هوايته ومتعته إنقاذ المهاجرين وجلّهم من الجنسية الإيرانية الذين فروا من جحيم نظام الملالي عبر البحر أملاً في بلوغ الأراضي البريطانية عبر فرنسا، لا سيما بعد فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على البلاد، وتدهور الحياة بشكل كبير ووقوع الملايين بين مطرقة الفقر وسندان الإعدامات والملاحقات العشوائية في بلد بات يقبض على زمامه نظام إرهابي، فأنقذ فرنسوا خلال الأعوام الثلاثة الماضية أكثر من 500 مهاجر غامر بحياته لعبور القناة البريطانية انطلاقاً من شواطئ «كاليه، وبولون سورمير» في الأراضــي الفرنسية صوب الحدود البريطانية بحراً عبر القناة البريطانية الخطرة، يحكــمه مشاعر إنسانية لا ترى في هذا الإنسان اليائس إلا روحه وحقه في الحياة، دون أي اعتبارات أخرى مثل «اللون، والجنسية، والديانة»، الجميع في الهم والظلم والقهر إنسان.

صدفة

وقال فرنسوا، 53 عاماً «سباح وغواص محترف» فرنسي الجنسية، لـ«البيان»، أعمل في مجال تدريب السباحة والغطس في مدينة كاليه الفرنسية منذ أكثر من ربع قرن، شاهدت عبر هذا المشوار الكثير من مغامرات التسلل عبر الحدود بين فرنسا وبريطانيا، كنت في البداية أتعامل مع الأمر بسطحية.. لا أهتم، كنت أجد المبررات بيني وبين نفسي، وفي عام 2015 وتحديدا في شهر يونيو وعندما كنت أجلس على الساحل قرب ميناء كاليه، شاهدت جثة تتقاذفها تيارات المياه نحو الشاطئ، ودون وعي مني وجدتني أسبح في المياه تجاه الجثة وعقلي شبه متوقف، وعندما وصلت إليها وجدتها في حالة «تصلب» عرفت للفور أنها جثة لا حياة فيها، جذبتها وسبحت بها تجاه الشاطئ، في تلك الأثناء مرت الدقائق طويلة للغاية، أسئلة كثيرة بلا إجابة، شعور لا أنساه، وعندما خرجت إلى الشاطئ وحضرت الشرطة وتسلمت الجثة، انزويت في منزلي لمدة أسبوع كامل، كنت أفكر لماذا؟.. وما المقابل الذي يدفع إنسان لأن يغامر بحياته؟.. لماذا؟.. إنه الأمل في حياة أفضل.

إنسانية

يضيف، بحثت في الأمر فاكتشفت أن جُل المهاجرين الذين يلجؤون لهذه المغامرة مهاجرون من إيران وأفغانستان، وإيران أكثر، فقررت أن أخصص من وقتي جزءاً معقولاً لمراقبة الشاطئ وإنقاذ من يحتاجون إليّ خاصة في موسم الهجرة «من أول يونيو حتى أخر أكتوبر»، وبالفعل أنقذت أكثر من 500 مهاجر أغلبهم إيرانيون حكوا لي حكايات يشيب لها الرأس، عن الحياة تحت حكم نظام قمعي لا يحترم حقوق مواطنيه، ممارسات دفعتهم للمقامرة بحياتهم أملاً في حياة أفضل، لهذا قررت أن أساعدهم وأن أنقذهم من الموت في حال جرفتهم التيارات المائية الشديدة، حيث تمثل نسبة النجاة في هذه القناة البحرية 5 في المائة فقط، ووفق الإحصاءات يهاجر سنوياً عبر البحر أكثر من 1500 شخص، ينجح منهم حوالي 75 شخصاً، ويغرق حوالي 75 آخرين، أما الباقون فتقذفهم التيارات المائية الشديدة نحو الشاطئ من جديد، وهؤلاء من نحاول إنقاذهم.

Email