محللون لـ«البيان»: الطريق ما زال طويلاً

فرنسا.. هل ينجح الحوار في مواجهة الغضب؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

استمرت احتجاجات «السترات الصفراء» في العاصمة الفرنسية باريس وعدد من المدن، وسط تعزيزات أمنية مشددة، في تحد للإليزيه، رغم وعود الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون التي اتسمت باللين والود هذه المرة خلال جلسات الحوار الوطني، التي بدأت يوم الثلاثاء الماضي، وما زالت مستمرة في المناطق الجنوبية، التي هي معقل شعبية ماكرون ومركز انطلاقه عام 2016 نحو رئاسة الجمهورية، ويرى مراقبون أن جلسات الحوار الوطني لا تزال في مرحلة «حوار مع النفس»، حيث اجتمع ماكرون وقيادي حزبه برؤساء البلديات ومسؤولين في عدد من المدن الجنوبية، في حين لم يكن لممثلي السترات الصفراء أي حضور يذكر، وهو حتى الآن يسجل كـونه «فشلاً» للحوار ولمحاولات ماكرون لاحتواء الأزمة.

وقال جان لوك مونتين، أستاذ السياسة بجامعة نيس صوفيا أنتيبوليس لـ«البيان»، إن تجدد التظاهرات، تعني أن نيران الغضب لم تنطفئ بعد، وأن ماكرون يحاور نفسه بهذا «الحوار الوطني»، حيث اقتصر الحضور خلال الجلسات التي عقدت في جنوب غرب فرنسا حتى الآن على رؤساء البلديات والبرلمانيين والمسؤولين من حزب الجمهورية إلى الأمام «حزب ماكرون»، حتى بالنسبة للتصريحات التي تناقلتها الصحف عن ماكرون لم تحمل جديداً، ولم تنقل للشعب أو للمحتجين تفاصيل التدابير القادمة، مجرد وعود بحياة أفضل دون تفاصيل، وبالتالي فإن النتيجة حتى الآن «صفر»، وما زلنا جميعاً نقف عند يوم 17 نوفمبر، الذي انطلقت منه الاحتجاجات مطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية.

طريق طويل

من جهته قال ميشال لو كليزيو، أستاذ السياسة بجامعة باريس، إن أزمة الاحتجاجات لن تنتهي بالحوار الوطني أو المؤتمرات واللقاءات الحزبية، الأمر يحتاج إلى تحركات حقيقية وتواصل مباشر مع أصحاب الأزمة أنفسهم، وهم «السترات الصفراء» الذين سقط من بينهم مئات الجرحى، والنسخة العاشرة من الاحتجاجات، السبت، حملت عنوان «تكريم القتلى والجرحى»، ولا يمكن التخلي عن هؤلاء الذين قدموا الدم من أجل المستقبل، وأيضاً تحدي الصحافة والإعلام، الذين انحازوا لماكرون وحكومته، وتحدي الشرطة، التي أفرطت في استخدام القوة ضد المتظاهرين وتكذيب لاستطلاعات الرأي المنحازة للسلطة التي ادعت أن 58 في المائة من الفرنسيين لا يرون أن هناك إفراطاً في استعمال القوة، وقد ظهر العداء الشعبي بشكل واضح عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالمواكبة مع جلسة الحوار، التي أجراها ماكرون في بلدة «سوياك» في جنوب غرب فرنسا، رغم أنها معقل شعبية ماكرون وانطلق منها عام 2016 بعد أن بلغ عدد المنتسبين إلى حزبه الـ200 ألف شخص، هي نفسها اليوم ضده وضد حواره الوطني، والاحتجاجات الآن هدفها الأول والأخير توصيل رسالة إلى ماكرون بأن الطريق طويل.

أصوات معتدلة

في الأثناء قال فيليب فرونسوا الأمين العام المساعد للجنة التنظيم بحزب الجمهورية إلى الأمام، (حزب ماكرون) إن هناك أصواتاً معتدلة داخل حركة السترات الصفراء تجاوبت بشكل إيجابي مع دعوات الحوار الوطني الكبير التي بدأت قبل أيام، ما من شأنه إنهاء التوتر، الذي أججه بعض العناصر الميالة إلى العنف بزعم التعالي في التعامل واتهام الرئيس ماكرون بالانحياز إلى الطبقة الغنية، وقد أكدت احتجاجات الأسبوع التاسع والعاشر أن العقلاء والوطنيين داخل الحركة قد انصرفوا عنها وأن من تبقى في الشارع الآن والذين لا يتجاوز عددهم بضعة آلاف هم أشخاص تستغلهم حركات سياسية لأغراض مشبوهة، فالمعلوم أن أسباب الاحتجاجات، وعلى رأسها زيادة الضرائب وانخفاض الأجور تم الاستجابة لها بشكل إيجابي ومن ثم انتهت الاحتجاجات تقريباً باستثناء العناصر المشاغبة.

Email