راهول غاندي يواجه ضغوطاً لدخول قفص الزوجية

ت + ت - الحجم الطبيعي

سرق راهول غاندي، سليل العائلة التي حكمت الهند للفترة الأطول من تاريخها، الأضواء أخيراً، ليس فقط لتوليه زعامة حزب المؤتمر الهندي فحسب، بل لأن هذا السياسي البالغ من العمر 47 عاما لم يدخل قفص الزوجية بعد، الأمر الذي دفع برئيس أحد الأحزاب المناهضة لحزب المؤتمر، لمساعدته في إيجاد زوجة ملائمة له.

وقال رئيس الحزب الجمهوري رامداس اثاويل، وهو حليف الائتلاف الديمقراطي الوطني الذي يقوده حزب «بهاراتيا جاناتا» التابع لرئيس وزراء الهند نارندرا مودي، إنه على استعداد للمساعدة في العثور على زوجة لسليل حزب المؤتمر، مقترحاً على راهول الزواج من امرأة من الطبقة المضطهدة، لأن الانقسام الطبقي في الهند، حسب قوله، لا يمكن اقتلاعه بمجرد تناول وجبات الطعام مع تلك المجتمعات. وكان راهول قد أجبر على الرد على سؤال بشأن موعد زواجه، وجهه إليه الملاكم الهندي الأولمبي فجندر سينغ، قائلاً: «هذا سؤال قديم، وأنا أؤمن بالقدر فيما يتعلق بالزواج، وسيأتي في وقته».

وجاءت تصريحات أثاويل المعروف بسخريته من حزب المؤتمر، قبل شهرين من تولي راهول زعامة الحزب مشكلاً الخصم الأكبر لنارندرا مودي. وفقاً للموقع التلفزيوني الهندي «ان دي تي في»، قال اثاول أيضا عن راهول غاندي إنه يبدو واثقاً من نفسه و«لم يعد بابو»، في إشارة إلى اللقب الذي أطلق على راهول غاندي على سبيل التهكم.

وأخيراً كان توليه لزعامة حزب المؤتمر متوقعاً عندما لم يتقدم أحد غيره بوثائق ترشيحه. لكن راهول العضو في البرلمان ثلاث مرات، لم يكن يؤخذ على محمل الجد في طريقة تعاطيه للسياسة في السابق، وقد رفض تولي منصب حكومي طول فترة تولي حزبه الطويل الأمد للسلطة، تاركاً نفسه عرضة للانتقاد بأنه فاقد الخبرة الإدارية، حسبما يقول كاتب العمود الصحفي شيكار غوبتا في «ذا برنت»، والذي يعتقد أن راهول تدلل لفترة طويلة وسمح بأن تجري حمايته لفترة أطول مما يجب.

لكن منذ اغتيال راجيف غاندي عام 1991، وابن رئيس وزراء الهند وحفيده، يحمل العبء السياسي المتوقع منه، فيما سمعته كزعيم متردد وافتقاره للكاريزما وأداءه الفاقد البريق في حملة الانتخابات العامة عام 2014، كانت تلقي بظلال واسعة على مدى ملاءمته للدور، حسبما يفيد المحللون، لا سيما وأن الحزب حصد 44 مقعداً فقط خلال قيادته للحملة الانتخابية، أي 8% من المقاعد البرلمانية، وكان ذلك أسوأ أداء للحزب في تاريخه.

وقد عزل غاندي نفسه لفترة قصيرة عن المشهد السياسي عام 2015، فيما كان حزب بهاراتيا جاناتا يفرض حضوره، لكنه بدا في الأشهر الأخيرة مستعيداً نشاطه، يجول على الجامعات وينتقد رئيس الحكومة نارندرا مودي ويؤكد حضوره في وسائل التواصل الاجتماعي.

وعاش راهول في نيودلهي، وعايش فترة اغتيال جدته ووالده، وكان قد قال في مقابلة تلفزيونية: «في حياتي شاهدت جدتي تُقتل، ووالدي يُقتل، وجدتي تُسجن، وأنا شخصياً مررت عبر آلام هائلة كطفل، وعندما تحدث معك تلك الأشياء، فإنك تكون قد فقدت كل ما تخاف عليه».

توجه راهول إلى بريطانيا لاستكمال تعليمه في جامعة كامبريدج، وعمل في إدارة الأعمال قبل الفوز بمقعد والده السابق في ولاية اوتار براديش في البرلمان عام 2004. وفي الحزب تولى رئاسة جناح الشبيبة، وصعد نجمه عندما أصبح نائب رئيس المؤتمر في يناير 2013.

في 16 ديسمبر، من المقرر أن يحل رسمياً مكان والدته سونيا غاندي التي تولت قيادة الحزب 19 عاما وقادته إلى نصرين انتخابيين عامي 2004 و2009. فهو في النهاية الوريث «الحتمي» لسلالة آل نهرو، وقد تم إعداده للدور منذ ولادته.

تنقل صحيفة «واشنطن بوست» عن بعض المحللين اعتقادهم بأن أعضاء حزب بهارتيا جاناتا ينظرون بإيجابية إلى تعيين غاندي، لأن ذلك يعني استمرارهم في استهدافه باعتباره الطفل المدلل لسلالة مضمحلة والفاقد للحنكة السياسية. وتشير إلى افتتاحية لـ «فايننشال تايمز» الشهر الماضي، تصفه بالشخص الودود والممتع الذي تنقصه الإرادة للفوز بالسلطة، كما تشير إلى مسح لمركز بيو للأبحاث في وقت سابق من العام والذي يشير إلى أن 58% من الهنود فقط ينظرون إليه بإيجابية، وأن نارندرا مودي يتقدم عليه بـ 30 نقطة من حيث الشعبية.

لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة نهرو، غوربريت ماهاجان يقول إن: «الكثير يعتمد على تحقيق النتائج لحزبه، فأداؤه هو درعه الوحيد أمام الانتقادات»، وسيتعين عليه إعداد حزبه من يسار الوسط قبل الانتخابات المقبلة عام 2019.

يعتقد أنصار راهول أنه نجح في الأشهر الأخيرة في توجيه بعض الضربات لحزب مودي بعد فترة طويلة بدا فيها هذا الحزب سيد الساحة، فيما يقول آخرون إن تراجع في شعبية بهارتيا جاناتا يتعلق بتباطؤ النمو.

إعادة توصيف

وفي إعادة توصيف لصورته، كان راهول ينشط أخيراً على وسائل التواصل الاجتماعي. ومن التغريدات التي شاركها مع حزب المؤتمر صور له وهو يتخذ أوضاعاً قتالية في لعبة الفنون اليابانية «ايكيدو»، تلك الصور التي تم نشرها استجابة لاقتراح الملاكم الأولمبي فيجندر سينغ، من أجل الهام الناس لممارسة الرياضة، تلقت سيلاً من التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي حيث لراهول أربعة ملايين متابع على تويتر.

ويأتي صعود غاندي لقيادة حزب مضى على وجوده 132 عاما، في وقت يكافح هذا الحزب من أجل البقاء على صلة مع الناس. منذ عام 2014، خسر الحزب الانتخابات في ست ولايات، وهو الآن في السلطة في مقاطعتين كبيرتين فقط، كارناتاكا والبنجاب، وثلاث أصغر حجماً. ولم يستطع استعادة أي من الولايات التي خسرها. تاميل نادو فاز بها المرة الأخيرة عام 1962، وغرب البنغال عام 1977، وتبدو النتائج مماثلة في ولايات هامة مثل اوتار براديش وبيهار.

لكن حدث شيء هام في الأشهر الماضية وفقاً لمراسل «بي بي سي». فقد ذهب غاندي في سبتمبر في جولة إلى الولايات المتحدة والتقى بالطلبة والخبراء، وقادة الحكومة والصحافيين، وقال للطلبة في جامعة كاليفورنيا وبيركلي إن مودي «محاور أفضل» منه. حملته أيضا على وسائل التواصل الاجتماعي بدأت تحشد الزخم، وينظر الآن إلى غاندي بأنه اكثر انفتاحاً، وقد غرد عن مرض والدته، ونشر فيديو عن كلبه أثار ضجة واسعة. الأهم، أن راهول غاندي يبدو متقبلا التحدي في غوجارات، مسقط رأس مودي، على الرغم من انقسام قادة الحزب إلى تيارات، وقد ضرب على وتر نقص الوظائف، وحظر العملة، وزيادة عدم التسامح، والاقتصاد المتباطئ، والوعود غير المحققة لحكومة مودي.

حنكة سياسية

حماسة غاندي تبدو أنها تنطلق من صفوف الحزب، لكنه بحاجة إلى المزيد من الحنكة السياسة والاستراتيجية إذا ما أراد الفوز بالانتخابات، وفقاً لـ «بي بي سي».

كثيرون يعتقدون أن التحدي الأكبر لغاندي سيكون عبء سلالته، فيما الأصول المتواضعة لمودي تلعب لصالحه. وكان ابن بائع الشاي قد هاجم راهول مراراً واصفاً إياه بالأمير، وهو نفسه اعترف أمام الطلبة في الولايات المتحدة أن الهند تحكمها السلالات، وحتى حزب بهاراتيا لا ينجو منها.

انتخابات الولايات العام المقبل ستشكل اختباراً لغاندي، فهل سيكون لزواجه التأثير السياسي الذي ردد صداه رئيس الحزب الجمهوري أخيراً، علماً أن الزواج يبقى في النهاية شأن شخصي بامتياز.

Email