طهران تسعى لزعزعة استقرار موريتانيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

تسعى إيران منذ سنوات لاختراق المجتمع الموريتاني، اعتماداً على تكريس نشاط الجمعيات والترويج المذهبي، ويرى مراقبون أن استهداف نظام الملالي لموريتانيا يأتي ضمن استراتيجيته التي تشمل دول المغرب العربي ومنطقة الساحل الصحراء وغرب القارة الإفريقية، بينما كشفت دراسة سرية حديثة، عمل جهات موريتانية مع جهات إيرانية، على إعادة ما تصفه الدراسة «مكانة الشيعة في موريتانيا»، وقدمت هذه الدراسة التي كشفت عنها صحيفة «الأخبار» الموريتانية مطالب بالتركيز على المناطق الشمالية للبلاد، باعتبارها مكان اجتماع الثروة والسلطة، وكذا ضعف حضور علوم أهل السنة فيها، حيث تقل فيها المدارس التقليدية والعلماء، ما يؤهلها لتكون المنطقة المثلى لتبسط إيران نفوذها الناعم فيها.

ووفق ذات الدراسة التي أعدتها جهات محلية ونقلها إلى سلطات طهران، رئيس مؤسسة «انقلاب» الثقافية الإيرانية محمد جواد أبو القاسمي، يمكن أن تتحول موريتانيا إلى بلد موالي لإيران، كما يمكن للعمل الإيراني أيضاً في الوقت الحاضر إذا وجد تنظيماً مناسباً أن يعوض تراجع التشيع في المغرب، وذلك من خلال جهود التنظيم والتأطير وزيادة الحضور في الميادين الثقافية الدعوية والإعلامية والاجتماعية الخيرية والاقتصادية.

وفي مايو الماضي، منعت السلطات الموريتانية اجتماعاً في ضاحية دار النعيم في العاصمة نواكشوط، كان ينوي أصحابه تشكيل مجلس إسلامي خاص بالشيعة بموريتانيا، وقال تقارير إعلامية إن مدير أمن الدولة، استدعى أفراد المجموعة وأبلغهم، بخطورة الخطوة التي كانوا يخططون لها، وأكد لهم أن ما كانوا سيقدمون عليه أمر خطير ومرفوض، مضيفاً أن عليهم التوقف بشكل كامل عن أي تصرف مشابه. ولفت المصدر إلى أن المجموعة كانت تستعد للاجتماع من أجل تشكل المجلس الذي اختاروا له اسم «المجلس الإسلامي الأعلى للشيعة بموريتانيا»، ليكون المرجعية والعنوان الأول للشيعة بموريتانيا.

مد إيراني

ووفق تحقيق استقصائي لصحيفة «الصباح» الموريتانية، بدأ ظهور المد الإيراني في موريتانيا قبل 11 عاماً، وتحديداً سنة 2006، حين أعلن محاسب وزارة المرأة الموريتانية وقتها بكار ولد بكار موالاته لإيران، حيث دخل في نشاط غير مسبوق للترويج لكتب ومنهج الشيعة في البلاد، مع سعيه لإقامة حسينية في ضاحية دار النعيم التي تعتبر من أكثر مناطق العاصمة فقراً.

ولم يعر الموريتانيون اهتماماً كبيراً لتصريحات بكار ونشاطاته في نشر التشيع، حيث أرجعها الكثيرون إلى قدرة على النصب والاحتيال وتوظيف شتى الوسائل للحصول على تمويلات مالية لإقامة مشاريع تجارية خاصة، ولكن لم تكد تمر شهور قليلة على افتتاح السفارة الإيرانية في نواكشوط؛ حتى بدأ طاقم السفارة نشاطاً محموماً في عقد لقاءات مع عشرات الشخصيات الموريتانية؛ وتمويل مراكز ومدارس لحفظ القرآن وأخرى لتعليم العلوم الفقهية واللغوية؛ واتبعت السفارة «خارطة الطريق» التي رسمها بكار ومساعدوه في نشر فكرهم في البلد؛ واستغلال الفئات والمناطق التي ينتشر فيه الجهل والفقر لتحقيق أهدافهم وبلوغ مراميهم.

فكر الخميني

في أكتوبر 2013 أثار رئيس حزب الجبهة الشعبية آنذاك، اشبيه ولد الشيخ ماء العينين جدلاً واسعاً في البلاد عندما أعلن صراحة أنه يسعى منذ 16 عاماً لترسيخ فكر الخميني في موريتانيا، معتبراً أن ذلك هو «دوره ويقوم بعمله كمناضل»، وقال في مقابلة مع إذاعة صحراء ميديا، إن «الجبهة الشعبية والحزب الوحدوي هما الحزبان الأساسيان اللذان يساندان خط المقاومة في موريتانيا»، قبل أن يضيف: «نحن على خط الخميني ونساند المستضعفين في كل بلد»، وفق تعبيره.

وقال ولد الشيخ ماء العينين: «نحن نقوم بهذا العمل منذ نحو 16 عاماً من أجل ترسيخ الفكر الخميني وفكر الثورة الخمينية في موريتانيا وهذا هو دورنا ونقوم بعملنا كمناضلين». وكان الشبيه ولد الشيخ ماء العينين الذي سبق أن شغل منصباً وزارياً في الحكومة الموريتانية خلال حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطائع، قد أكد في مناسبات عدة سعيه لترسيخ ثورة الخميني في موريتانيا.

ويقول المحلل السياسي والكاتب الصحافي الدد ولد الشيخ إبراهيم، إن موريتانيا بلد مسلم سني بنسبة مائة في المائة، إلا أن تنامي الحديث عن المد الشيعي في موريتانيا غير تلك النسب خصوصاً بعد ظهور رجل موريتاني يسمى بكار ولد بكار سنة 2006 في وسائل الإعلام ليعلن اعتناقه للمذهب الشيعي، وينعت موريتانيا بأنها ثاني أكبر دولة إفريقية من حيث عدد معتنقي المذهب الشيعي بعد نيجيريا.

تحذير

وجدد مفتي موريتانيا دعوته إلى وقف النفوذ الإيراني في المنطقة، والذي وصفه بـ«المد الصفوي الفارسي»، مشيراً إلى أن هذا المد يقوم على أمور عقدية مخالفة للمذهب السني لموريتانيا.

من جانبه، طالب النائب البرلماني السابق رئيس حزب التحالف الوطني الديمقراطي، يعقوب ولد أمين، بمراجعة العلاقة القائمة بين نواكشوط وطهران، عقب ما جاء على لسان المفتي ولد حبيب الرحمن «كبير علماء موريتانيا». وقال ولد أمين إن الشيخ ولد حبيب الرحمن، وضع إصبعه على مكان الجرح، وتحدث عن وقائع وحقائق تتطلب حراكاً فعلياً للتصدي لها قبل استفحالها.

مخاطر

أدرك أغلب الموريتانيين طبيعة المخاطر التي تتعرض لها بلادهم نتيجة التدخل المباشر لنظام الملالي، وفي سبتمبر 2016 دعا مفتي موريتانيا وإمام المسجد الجامع بنواكشوط أحمدو حبيب الرحمن إلى قطع العلاقات الديبلوماسية بين بلاده وإيران، مؤكداً أن على الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، أن يقطع هذه العلاقات لأن ذلك مطلب جماهيري، وفق تعبيره.

Email