إيران على صفيح ساخن

تظاهرات في شوارع طهران تندد بقمع السلطات

■عناصر من الشرطة الإيرانية قرب البرلمان إثر محاولة استهدافه| أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

احتشد أمس الآلاف من الشعب الإيراني، في تظاهرات جابت شوارع عدة في طهران، خاصة في شارع باستور المتجه إلى مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني، وأيضاً مجلس الشورى، تحت هتافات تندد بالنظام الإيراني في طهران، وإسقاط نظام الملالي، نتيجة نهبه حقوق الإنسان، وقمع الشعب ونهب ثرواته، وفي خطوة موازية أغلق الأمن الداخلي وحرس مكافحة الشغب الطرق الرئيسية والميادين الكبرى بعد انطلاق التظاهرة.

وإضافة إلى المحتجين من أهالي طهران، قدم مواطنون منهوبة أموالهم من مدن مشهد ورشت وأردبيل وكرمان والأحواز إلى العاصمة لينطلقوا نحو شارع «باستور»، حيث مكتب رئيس النظام حسن روحاني.

واحتج د عدد كبير من المتظاهرين أمام مجلس الشورى وهم يهتفون «لا نعيش تحت الظلم ونفدي أرواحنا في سبيل الحرية»، وتعتبر هذه التظاهرة تعتبر الثانية خلال عدة أيام، حيث تظاهر الأحد، الآلاف من المواطنين الذين نهبت المؤسسات التابعة لقوات الحرس وغيرها من الأجهزة القمعية للنظام أموالهم- في الشوارع المركزية للعاصمة طهران، وانطلقوا في مسيرة ليبدوا غضبهم واشمئزازهم للاضطهاد الذي يمارسه نظام ولاية الفقيه.

ويؤكد محللون أن النظام الإيراني يحمل مخططات خاصة وأحلام تمديد النفوذ والسيطرة على المنطقة بدوافع أيديولوجية طائفية، ينفق المليارات على حلفائه من أجل تسهيل مهمته في المضي قدماً بمخططات الزعامة والسيطرة.. والشعب يئن تحت وطأة ظروف اقتصادية خانقة جاءت ضريبة لتدخلات النظام الخارجية وسياساته الداعمة والمصدرة للإرهاب في المنطقة.. والانفجار الاجتماعي وشيك تؤكده مؤشرات تصاعد موجات الاحتجاجات الداخلية ضد نظام الملالي الحاكم.

دفع الثمن

وفي سبيل دعمه لنظام بشار الأسد في سوريا والحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان، في خطٍ متوازٍ مع تمويله ودعمه أذرعه وخلاياه ووكلاءه في المنطقة بصفة عامة، والذين يسعى من خلالهم إلى التغلغل في قلب الشرق الأوسط لتحقيق مشروعه الذي يصبو إليه.

واقع صعب يعيشه الإيرانيون تعبر عنه أصوات الغضب المتجددة، وهو الواقع الذي من المتوقع أن يزداد صعوبة على وقع موقف الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب من إيران والاستراتيجية المعلن عنها أخيراً، وموقف واشنطن من الاتفاق النووي، وهي الاستراتيجية المغايرة لسياسة سلفه باراك أوباما، وهو ما يعزز من حجم الضغوطات التي يعاني منها الشعب الإيراني، الأمر الذي قد يمهد الطريق إلى انفجار مجتمعي هائل في وجه نظام الملالي وتدخلاته الخارجية التي أوقعت الشعب الإيراني في مشكلات مختلفة.

تدخلات

ويفيد مصدر في المعارضة الإيرانية بأن التدخلات الإيرانية الخارجية والسياسة المتعبة من قبل نظام الملالي أدت إلى حالة اختناق كبيرة داخل إيران، وهو ما تعززه المؤشرات الاقتصادية التي تشير إلى تزايد نسب الفقر والبطالة، فتعدى عدد العاطلين 12 مليون شخص، وهناك أكثر من 30 مليوناً تحت خط الفقر، الأمر الذي كانت له انعكاسات وتأثيرات اجتماعية شديدة السلبية، من بينها زيادة متعاطي المخدرات على سبيل المثال على نطاق واسع ليشمل أكثر من أربعة ملايين شخص.

وكل تلك التداعيات الناتجة عن سياسات النظام الإيراني دفعت غالبية الشعب الإيراني إلى الاستياء من ممارسات النظام ورفض وجوده، وفق المصدر المعارض الإيراني الذي أشار في معرض تصريحاته إلى أن الوضع الاقتصادي ليس وحده العقبة أو المشكلة التي يعاني منها الإيرانيون لكن هنالك العديد من الإشكاليات المرتبطة بالحريات العامة وحقوق الإنسان، لا تخفى تلك المشكلات على أحد في ظل ممارسات تعسفية تقوم بها السلطة، وفي ظل ممارسات الحرس الثوري التي تستنزف خيرات الشعب.

انفجار

وفي ضوء ذلك، فإن المجتمع الإيراني صار على شفا «انفجار اجتماعي هائل»، ذلك ما يؤكده الخبير في الشؤون الإيرانية الباحث في العلاقات الدولية محمد محسن أبو النور، والذي يقول في تصريحات خاصة لـ «البيان»، إن طهران لديها مشاكل داخلية كبيرة جداً، خاصة في ظل الإنفاق الكثيف الذي توجهه السلطات الإيرانية إلى برامج التسليح والبرامج الصاروخية وأيضاً على الحلفاء في منطقة الشرق الأوسط بداية من النظام السوري وحتى الحوثيين في اليمن مروراً بحزب الله اللبناني. والشعب الإيراني يرى أنه أحق بهذه الأموال التي تنفق هباءً ولذا يحتج على الإنفاقات الإيرانية المختلفة التي تستنزف قدرات إيران الاقتصادية.

ويوضح أن فرص التنمية الاقتصادية داخل إيران محدودة جداً على الرغم من تنفس طهران الصعداء في فترة ما بعد توقيع الاتفاق النووي، موضحاً أن الاستراتيجية الجديدة للإدارة الأميركية الحالية بقيادة الرئيس دونالد ترامب بكل تأكيد سوف تؤثر في الداخل الإيراني، لأنها تحرم إيران من رؤوس المال الأميركية وفرص الاستثمار الجادة بالداخل، بما ينعكس على الاقتصاد الإيراني وعلى معدلات التضخم، ويجعل المجتمع الإيراني على شفا انفجار اجتماعي كبير بمرور الوقت، وهذا ما لا يدركه النظام الإيراني حتى اللحظة، وهو يدفع ضريبة سياساته وتدخلاته الخارجية. وتدفع سياسات النظام الإيراني بثروات الشعب إلى أن تستنزف كلية في سبيل دعم تحركاتها وتدخلاتها الخارجية وتصدير التوترات إلى دول المنطقة.

عداء

وبدوره، يلفت الخبير الدولي في الشؤون الإيرانية الباحث المتخصص في جامعة كيل البريطانية حمدي ملك، إلى أن الدعم الذي قدّمته إيران إلى حلفائها في المنطقة كلف الاقتصاد الإيراني الكثير والكثير. مردفاً: أنفقت إيران ولا تزال مليارات الدولارات على وكلائها في المنطقة، ومن جهة أخرى تجلب إيران العداء من قبل جيرانها والمجتمع الدولي ما يؤثر في اقتصادها بصورة مباشرة؛ فبدلاً من إنفاق هذه الأموال على تطوير الاقتصاد والتنمية تذهب الأموال الإيرانية إلى أمور تجلب المشاكل للشعب الإيراني.

والمشاكل الاقتصادية تولد عدم رضاً كبيراً في الداخل الإيراني، وهو ما يؤكده ملك، والذي يلفت في تصريح خاص لـ «البيان» إلى عدم قدرة الشركات على دفع رواتب العاملين بها ما يولد حالة الاستياء الحالية والاحتجاجات في إيران. ويفيد الخبير في الشؤون الإيرانية بأن ما تنفقه إيران على وكلائها وحلفائها بالمنطقة ليس السبب الوحيد الذي يولد المشاكل الاقتصادية الإيرانية، لكن هناك أسباب أخرى مثل «الفساد المستشري، وعدم وجود الشفافية؛ بسبب سيطرة الحرس الثوري على أهم مفاصل الاقتصاد، من بين جملة مشاكل يعاني منها الاقتصاد الإيراني».

تحول

يؤكد محللون أن التحوّل الأميركي في مسألة مكافحة نفوذ إيران في الشرق الأوسط بما في ذلك أدواته الإرهابية، سيحظى بإجماع غربي لا يمكن معارضته. وفي ذلك أيضاً أن موسكو التي تسعى لاختراق الشرق الأوسط دون استعداء للولايات المتحدة، ستأخذ جيداً بعين الاعتبار، وربما بعين الرضا، تدابير واشنطن ضد الحرس الثوري.

Email