«بروفايل»

آخر عمالقة القرن العشرين

ت + ت - الحجم الطبيعي

بوفاة فيدل كاسترو يغيب واحد من آخر العمالقة السياسيين في القرن العشرين، حاكم جعل من جزيرة صغيرة في الكاريبي محور اختبار قوة بين القوتين العظميين الأميركية والسوفياتية، قبل أن ينسحب من السلطة لدواع صحية.

دخل ابن المهاجر الإسباني والتلميذ السابق للآباء اليسوعيين، التاريخ في الـ27 من عمره حاملاً السلاح حين حاول السيطرة في يوليو 1953 على ثاني موقع عسكري في البلاد، ثكنة لا مونكادا في سانتياغو، محاطاً بمجموعة من مئة مناصر.

وإن كانت العملية فشلت وأدت إلى سجن المحامي ونفيه، إلا أنها لم تضعف عزيمته. وبعد ثلاث سنوات على العفو عنه وإطلاق سراحه، باشر حرب شوارع استمرت 25 شهراً وأسقطت دكتاتورية باتيستا، وتكللت بانتصار ثورة «أصحاب اللحى» في 1959.

وبات انطلاقا من ذلك الحين، يجسد ثورة سرعان ما ابدت تقاربها مع موسكو، على مسافة أقل من 200 كلم من الولايات المتحدة، في وسط الحرب الباردة.

وعمد جون كينيدي الثاني بين الرؤساء الأميركيين الذين تحداهم كاسترو، إلى إنزال كوبيين معادين له في جزيرة الخنازير، لكن العملية سجلت فشلاً ذريعاً للأميركيين وحولت فيدل كاسترو إلى بطل اشتراكي.

دخول تاريخ

كان خطيباً لا يكل دخل التاريخ إلى جانب كبار الثوريين أمثال لينين وماو، بسيجاره ولحيته الكثة وبزته العسكرية الخضراء الزيتونية.

وأراد كاسترو رفيق سلاح القائد الثوري الأرجنتيني إرنستو تشي غيفارا، أن يكون بطل تصدير الثورة في أميركا اللاتينية، وكذلك في إفريقيا.تبناه نيكيتا خروتشيف وأراد نصب صواريخ نووية في كوبا، فنشبت أزمة الصواريخ في 1962، التي قادت العالم إلى شفير نزاع ذري، وخرج منها فيدل كاسترو ذليلاً ومريراً لعدم استشارته، بعدما تم التوصل إلى اتفاق بين القوتين العظميين.

تنازلات خجولة

ومع سقوط الاتحاد السوفياتي، اضطر كاسترو إلى تقديم تنازلات خجولة للرأسمالية، عاد وتراجع عنها ما إن وجد حليفاً جديداً في الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز.

وفي هذه الأثناء واصل كاسترو الحكم بقبضة من حديد فكمم أي معارضة، إلّا أنّ القرن الحادي والعشرين لم يكن قرنه، إذ أصيب في 2001 بسلسلة من النكسات الصحية، قبل أن ترغمه عملية جراحية في يوليو 2006، على التخلي عن السلطة.

Email