الأسواق المحلية تستفيد من انخفاض فاتورة الواردات البريطانية

خبراء: انخفاض الاسترليني إيجابي للدرهم والاقتصاد

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد مصرفيون وخبراء اقتصاديون أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وما يترتب عليه من انخفاض في الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأميركي والعملات الرئيسية الأخرى سيكون له انعكاسات إيجابية على الدرهم وعلى الاقتصاد الإماراتي بوجه عام مستبعدين حدوث أي تأثيرات سلبية على البنوك العاملة بالدولة التي تتمتع بالمتانة المالية وتنويع استثماراتها وأنشطتها وتركيزها بالدرجة الأولى على الأسواق المحلية التي تتميز بالاستقرار والعمق وتعدد الفرص.

وأوضحوا أن الأسواق المحلية ستستفيد من انخفاض الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأميركي وبالتالي أمام الدرهم المرتبط به مما يعني أن السلع والمنتجات المستوردة من المملكة المتحدة ستنخفض قيمتها وهذا في صالح الاقتصاد الوطني خصوصا وأن نسبة الواردات الإماراتية من المملكة المتحدة كبيرة مقارنة بالواردات من الولايات المتحدة الأميركية المحدودة نسبيا والتي سترتفع قيمتها بسبب ارتفاع الدولار.

وأعربوا عن اعتقادهم بأن انكشاف البنوك الإماراتية على الشركات والبنوك البريطانية والبنوك الأوروبية بوجه عام يعد معتدلا وبنسب مخاطر محدودة وفي أوعية تتمتع بدرجة أمان عالية.

ربط

وقال صالح عمر عبد الله مدير معهد الإمارات للدراسات المصرفية والمالية في أبوظبي أن الإمارات فضلت ربط الدرهم بالدولار منذ سنوات عديدة بدلا من تعويمه أو اعتماد سلة عملات عالمية موضحا أن الأحداث الأخيرة برهنت على بعد نظر مسؤولي المصرف المركزي ورجاحة سياسة الدولة النقدية في ربط الدرهم بالدولار الأميركي في ظل ارتفاع الدولار بشكل مستمر أمام العملات الرئيسية وخصوصا الجنيه الاسترليني واتجاه البنوك العالمية والمستثمرين إلى الدولار كبديل للجنيه واليورو والذهب.

واردات

وقال المحلل الاقتصادي محمد سعيد محمد الظاهري إن ارتفاع سعر صرف الدرهم مقابل الجنيه الاسترليني من شأنه أن يخفض فاتورة الواردات الإماراتية من المملكة المتحدة مما سيضع ضغوطاً انكماشية على أسعار المستهلك ويخفّض تكلفة السلع الوسيطة التي يتم استخدامها في الصادرات غير النفطية.

وأشار إلى أنه نتيجة لتطورات سعر صرف الدولار الأميركي ارتفع سعر الصرف الفعلي الحقيقي للدرهم وفقد الجنيه الاسترليني 7.74 % من قيمته أمام الدرهم وينتظر أن يزداد انخفاض العملة البريطانية بصورة أكبر خلال المرحلة المقبلة في ظل التطورات الجديدة.

مخاطر

من جانبه أكد المحلل الاقتصادي حماد عبد الله بن حماد أن البنوك الإماراتية تتمتع بإدارة عالية للمخاطر ولديها فائض كاف من العملات الأجنبية مشيرا إلى أن الدولار الأميركي وبالتالي الدرهم في ظل الأوضاع الراهنة أصبح أكثر جاذبية موضحا أن ارتفاع سعر صرف الدولار ثبت سعر فائدة «الليبور» بالنسبة للدولار بعدما كان في انخفاض مستمر.

وأضاف أن المصارف الإماراتية ستواصل خلال الفترة المقبلة سعيها للتركيز على تمويل وتقديم التسهيلات للمشروعات التي تفيد خطط التنمية وتساهم في استمرار انتعاش الاقتصاد الوطني لسنوات قادمة وكذلك الاعتناء بتوفير خدمات مصرفية متطورة لعملاء المصرف.

مكاسب

واعتبر وضاح الطه عضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد الاستثمارات والأوراق المالية البريطاني في الإمارات أن خروج بريطانيا سيؤدي إلى المزيد من انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني مقابل معظم العملات، وبالتالي فإن انخفاض الجنيه مقابل الدولار وارتباط الدرهم بالأخير سيؤدي إلى حصول الدرهم على نفس المكاسب التي سيحصل عليها الدولار.

وأضاف: «في الأسواق العالمية، هنالك تناسب عكسي بين ارتفاع قيمة العملة والأسواق المالية، فعندما ترتفع قيمة العملة – كما يحدث بالنسبة للدرهم - تنخفض الأسواق المالية وعادة ما يرتفع الذهب.

وأشار إلى أن انخفاض الحنيه الإسترليني قد يوقظ من جديد معامل الارتباط بين النفط من جهة والأسواق من جهة أخرى، ويدخل سعر النفط في حالة تذبذب جديد، فأمس ظهراً سجل نفط برنت هبوطاً بنسبة 5.26% ليسجل 48.22 للبرميل.
ولفت إلى أن تأثير شح السيولة في بريطانيا على المصارف الإماراتية سيكون محدوداً، لأن البنوك الإماراتية لديها خيارات عديدة غير البريطانية إن هي احتاجت للوصول إلى أسواق المال.

هبوط

بدوره حذّر أسامة آل رحمة رئيس مجلس إدارة «مجموعة مؤسسات الصيرفة والتحويل المالي» من مغبة التسرع في قراءة تداعيات خروج بريطانيا الذي هبط معه سعر صرف الجنيه الإسترليني بنسبة 11% تقريباً حسب بيانات أمس ليسجل 5.44 مقابل الدرهم و1.43 مقابل الدولار، متوقعاً استمرار هبوط الإسترليني خلال الفترة القادمة بعد أن شهد صعوداً قوياً الفترة الماضية.

وشّدد آل رحمة على أن تداعيات ما حدث أمس على الاقتصاد البريطاني والعالمي ستتحد وفقاً لكيفية إدارة الحكومة البريطانية لذلك الخروج، وطمأنتها للبريطانيين والمستثمرين والمجتمع الدولي بشكل عام.

وأضاف: هبوط الجنيه الإسترليني كان متوقعاً، وأدى ذلك كذلك إلى انخفاض سعر اليورو على خلفية خروج لاعب قوي في المنظومة الاقتصادية الأوروبية بالطبع.
واستبعد آل رحمة خروج الإسترليني من نادي الكبار مؤكداً أن اقتصاد بريطانيا لا يزال قوياً وجاذباً للاستثمار.

السيارات تستفيد من تراجع الجنيه

قال ميشيل عياط الرئيس التنفيذي لشركة العربية للسيارات إن صادرات السيارات البريطانية إلى دول مجلس التعاون الخليجي لن تتأثر لأن السيارات المستوردة إلى المنطقة تخضع لضريبة واحدة أيا كان منشأ السيارة، ومقدار الضريبة هو 5 % من قيمة السيارة.

غير أنه اعتبر أن التأثير الإيجابي لما حصل سيكون بسبب تراجع الجنيه الاسترليني مقابل الدولار وبالتالي مقابل عملات مثل الدرهم مرتبطة 100 % بالدولار، وهو ما سيتيح فرصاً لشراء عقارات في بريطانيا وأيضاً في شراء العملات، وستنخفض أيضا أسعار الصادرات البريطانية حيث هبط الجنيه لأقل مستوى في 30 عاماً، علما أن هناك فرصاً لشراء العقارات البريطانية المقومة بالجنيه الاسترليني المنخفض ما يعني أن قيمة العقارات هي الأخرى انخفضت.

وشدد عياط على أن دبي قادرة على استقطاب الكثير من الشركات المالية الأوروبية التي كانت تتخذ لندن مركزا لها، فالإمارات تنعم بالأمن والأمان ومن المتوقع أن تنجح بجذب الكثير من الشركات بالفترة المقبلة.
ويرى ميشيل عياط أن للأمر شقين الأول يتعلق بتجارة المملكة المتحدة مع أوروبا وهو أمر لن تظهر نتائجه قبل سنتين، فالصادارت البريطانية إلى أوروبا ستخضع لقوانين جديدة من جمارك وشهادات مطابقة لقوانين السلامة والاشتراطات البيئية لم تكن مطلوبة سابقا، وهذه أمور ستتحدد حسب المفاوضات بين الطرفين.

وأشار إلى أن الشركات المصنعة للسيارات تمتلك بعضها مصانع في بريطانيا مثل نيسان التي تملك مصانع في ساندرلاند تصنع طرازات مايكرا وقاشقاي وانفنيتي كيو 30، وأن تلك الشركات ستقوم في الفترة القادمة بإعادة النظر في فائدة وجودها في بريطانيا التي كانت جزءا من سوق يضم 350 مليون مستهلك هو السوق الأوروبي أما الآن فلم يعد الأمر نفسه، وستكون الفترة القادمة حساسة في تحديد هذه الأمور، فالتغير في الهجرة من وإلى بريطانيا سيؤثر على الأيدي العاملة، إذ كان هناك حوالي 3 ملايين مهاجر من أوروبا إلى بريطانيا وحوالي 1.5 مليون مهاجر بريطاني إلى أوروبا.

وقال صلاح يموت مدير إدارة المبيعات والتسويق في العربية للسيارات إن إنتاج السيارات العالمي في 2015 بلغ 91 مليون سيارة حصة بريطانيا منها 1.6 مليون سيارة يباع 23 % منها في السوق المحلي و20 % يصدر لأنحاء العالم، و57 % يصدر إلى أوروبا أي 912 ألف سيارة، والسؤال الذي يثار اليوم هو كيف سينعكس ذلك على صناعة السيارات البريطانية التي تخلق 800 ألف وظيفة، علماً أن صناعة السيارات البريطانية رائدة في تكنولوجيا سباقات «الفورمولا وان» التي تقوم صناعة السيارات باستيراد التكنولوجيا المطبقة فيها.

Email