قارب يحمل المئات يطلق نداء استغاثة قرب إيطاليا

كارثة «المتوسط» تستنفر أوروبا

حراس السواحل اليونانيون ينقذون امرأة بعد غرق قارب كان يقل مهاجرين قبالة جزيرة رودس أ ف ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

وعد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس ببذل مزيد من الجهود لوقف غرق المهاجرين في البحر المتوسط من خلال زيادة عمليات الإنقاذ وإلقاء القبض على المهربين بعد مأساة قتل فيها زهاء 700 شخص قبالة ساحل ليبيا، كما اتفقوا على عقد قمة استثنائية أوروبية الخميس في بروكسل لدراسة المسألة، في وقت وجه قارب يحمل المئات نداء استغاثة من الغرق قرب إيطاليا.

وقال وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني للصحافيين عقب اجتماعه مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ، «سمعة الاتحاد الأوروبي على المحك هنا»، وتابع قوله «لا يمكن أن يكون لدينا مشكلة أوروبية وحل إيطالي»

ووقف وزراء الخارجية دقيقة حداداً في مستهل اجتماعهم الذي ضم أيضاً وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي لمناقشة طارئة لأزمة المهاجرين. وتضمنت الحلول التي طرحها وزراء في لوكسمبورغ دعوة من بريطانيا لملاحقة المهربين في شمال إفريقيا الذين يتقاضون آلاف الدولارات لنقل الناس على قوارب مطاطية وزوارق صيد.

ملاحقة

وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إن حل أزمة المهاجرين ينبغي أن يتضمن ملاحقة من ينظمون عمليات تهريب البشر. وأضاف أن الأزمة تتطلب تحركاً أوروبياً شاملاً يتضمن استهداف المجرمين الذين يديرون عمليات التهريب.

وتركت دول شمال الاتحاد الأوروبي عمليات الإنقاذ بشكل كبير إلى دول جنوبية مثل إيطاليا. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني إنه لا مزيد من الأعذار لدول الاتحاد لعدم التحرك بعد كارثة غرق مركب المهاجرين الأخيرة في البحر المتوسط، وطالبت بخطوات فورية.

وقالت موغيريني، بعد هذه الكارثة الأخيرة (...) لم يعد لدينا أي عذر، لا مزيد من الأعذار للاتحاد الأوروبي، لا مزيد من الأعذار للدول الأعضاء

قمة استثنائية

في الأثناء، أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك عقد قمة استثنائية أوروبية الخميس في بروكسل لبحث مسألة المهاجرين غير الشرعيين بعد الحوادث الأخيرة قبالة السواحل الليبية.

وكتب توسك في تغريدة على تويتر «قررت عقد قمة أوروبية استثنائية الخميس حول مسألة الوضع في المتوسط وذلك غداة دعوة رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي إلى قمة مماثلة لقيت دعم العديد من القادة الأوروبيين. وأضاف، لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو، لا يمكن أن نقبل مصرع مئات الأشخاص أثناء محاولتهم عبور البحر إلى أوروبا

إرسال سفن

في الأثناء، أظهرت وثيقة أوروبية أن الاتحاد الأوروبي يدرس إمكانية إرسال سفن حربية إلى الساحل الليبي للتصدي لمهربي النفط والسلاح، لكنه يخشى أن تشجع هذه الخطوة المزيد من المهاجرين على الخروج للبحر على أمل أن تنقذهم هذه السفن وتنقلهم لأوروبا. وقال الدبلوماسيون الأوروبيون إن الاقتراحين العسكريين لا يتمتعان بتأييد كبير من جانب الدول الأوروبية، وأحد الخيارات المقترحة في الوثيقة هو إدارة عملية بحرية لمنع تهريب السلاح ومواجهة الهجرة غير الشرعية

نداء إغاثة

إلى ذلك، استقبل مكتب المنظمة الدولية للهجرة في العاصمة الإيطالية روما، نداء استغاثة من المياه الدولية في البحر المتوسط لإنقاذ 3 قوارب بحاجة للمساعدة. وأضافت المنظمة أن المتصل قال إن هناك 300 شخص على متن قاربه، توفي نحو 20 منهم، مؤكداً أن القارب يغرق.

وأكد رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي أن قوات خفر السواحل الإيطالية تعمل حالياً على إنقاذ نحو 450 مهاجراً كانوا على متن قاربين غرقوا قبالة السواحل الليبية.

وقال رينزي إن هناك 150 شخصاً على الأقل يستقلون قارباً صغيراً بالقرب من ليبيا على بعد 30 ميلاً بحرياً (55 كيلومتراً). وأضاف أن قارباً ثانياً يقل نحو 300 شخص، يتم إنقاذه أيضاً.

في الأثناء، قال خفر السواحل اليوناني إن قارباً خشبياً يقل عشرات المهاجرين جنح قبالة جزيرة رودس اليونانية وغرق ثلاثة على الأقل. وجرى إنقاذ أكثر من 90 شخصاً ونقل 30 إلى مستشفى. وقال خفر السواحل إن القارب تحطم بالكامل.

مؤتمر

تستضيف مصر مؤتمراً دولياً الأسبوع المقبل بشرم الشيخ بمشاركة عدد من الدول الأوروبية والإفريقية والمنظمات الدولية بهدف بحث وإيجاد حلول للتعامل مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية.

وقال مساعد وزير الخارجية للشؤون متعددة الأطراف والأمن الدولي السفير هشام بدر، في بيان عن وزارة الخارجية أمس الاثنين، إنه سيترأس الاجتماع الدولي بشرم الشيخ للجنة تسيير مبادرة الاتحاد الأوروبي والقرن الإفريقي حول مسارات الهجرة، مشيراً إلى أنه يأتي كمبادرة لمواجهة التحديات الناجمة عن ظاهرتي الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، اللتين يلجأ إليهما الشباب للبحث عن فرص عمل بالخارج.

الميليشيات الليبية ضالعة في «قوارب الموت»

 

تحولت سواحل ليبيا الوسطى والغربية الى منصات لإطلاق مراكب الموت، وكانت حادثة السبت التي أدت الى غرق 400 مهاجر غير شرعي صفارة الإنذار التي دفعت بالمسؤولين الأوروبيين الى الانتباه الى حجم المأساة التي يتسبب فيها فقدان الأمن والاستقرار وغياب مؤسسات الدولة في أجزاء مهمة من التراب الليبي لا تزال تخضع لحكم الميليشيات.

وقالت منظمة الهجرة إنها سجلت ارتفاعا كبيرا في عدد محاولات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا بالقوارب. وأكدت أن 170.000 وصلوا إلى الأراضي الإيطالية، فيما غرق نحو 3500 منذ بدء تفاقم الأزمة الليبية، وخلال أربعة أيام فقط من الشهر الجاري تم إنقاذ 6000 مهاجر غير شرعي بينما قارب عدد الغرقى خلال إبريل الحالي ألف مهاجر أغلبهم من الأفارقة.

عصابات متخصصة

ويشير المهتمون بالشأن الليبي الى وجود عصابات متخصصة في نقل المهاجرين غير الشرعيين من مناطق ليبية مثل سرت وزوارة ومصراتة وصبراتة والخمس والزاوية وزليتن مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 800 و1000 دولار للفرد الواحد وتنزل الى 500 دولار عن كل طفل، وأن هذه العصابات على علاقة وثيقة بالميليشيات المسلحة التي تتاجر في كل شيء، وهو ما عبرت عنه صحيفة «لوجورنال» الإيطاليّة في عددها الصادر أمس، عندما قالت إنّ «أيدي حكومة طرابلس الموازية مُلطّخة بدماء المُهاجرين غير الشرعيين الذين لقوا حتفهم في عرض البحر بعد ابحارهم من السواحل الليبية».

وأضافت الصحيفة أنّ تواطؤ الميليشيات مع تُجار البشر ساهم بشكل كبير في حصول كوارث إنسانية قبالة السواحل الإيطالية، بعد تدفق مراكب المُهاجرين انطلاقا من المدن الليبيّة، وأنّ حكومة طرابلس المدعومة من الميليشيات الإسلاميّة تستغل بشكل فاحش الأموال المُتأتية من الهجرة لتمويل حربها على الحكومة الشرعية.

وأشارت إلى أنّ الصلة بين حكومة طرابلس الفاقدة للشرعيّة والمُتاجرين بالبشر هي إيديولوجية بالدرجة الأولى، موضحة أنّ وجود أعضاء من الجماعة الليبيّة المُقاتلة في طرابلس جعل من علاقتها مع عصابات الاتجار بالبشر وثيقة خاصّة في عمليّاتهم على الحدود الجنوبيّة مع السودان وتشاد والنيجر. وأكّدت الصحيفة أنّ التنظيمات الجهادية عقدت اتفاقا مع الميليشيّات المُسلحّة تتكفلُ بمقتضاه بنقل المُهاجرين إلى المدن الساحليّة مثل زوارة ومصراتة مقابل 800 دولار للشخص الواحد تمهيدا لتسفيرهم بطريقة غير شرعية نحو أوروبا.

الحل في دعم الشرعية

وبحسب المحلل السياسي الليبي عبد الباسط الهامل فإن «لا حل لقضية الهجرة غير الشرعية انطلاقا من الساحل الليبي إلا دعم شرعية الحكومة المؤقتة المنبثقة عن البرلمان المنتخب وسيطرة مؤسسات الدولة من جيش وأمن على جميع الأراضي الليبية»، وهو ما أشار إليه الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبد العاطي عندما جدد أمس تأكيد بلاده على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، بما يحفظ أرواح الأبرياء الذين يتم استغلالهم من قبل عصابات الجريمة المنظمة والتنظيمات الإرهابية في ليبيا.

Email