أميركا واليهود وإسرائيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحادثة البشعة التي وقعت في مدينة كنساس سيتي الأميركية قبل أيام، فتحت من جديد ملف اللاسامية، وجرائم الكراهية في الولايات المتحدة، مع أن الأبرياء الثلاثة الذين سقطوا في هجوم أحد النازيين الأميركيين على مركزين يهوديين، ليسوا يهوداً، لكن الاستهداف بحدّ ذاته كان كافياً لإثارة مخاوف وردود فعل، استحضرت سيرة الجماعات العنصرية الأميركية وعنفها ومنشوراتها ومواقعها على شبكة الإنترنت وخاصة خطابها المعادي لليهود، من زاوية أنهم «يسيطرون على أميركا».

لاسيما أن عملية الاستهداف هذه حصلت بعد نحو أسبوعين من طرح احتمال إخلاء سبيل الجاسوس الإسرائيلي، اليهودي- الأميركي، جوناثان بولارد كونه جزءاً من صفقة المساجين مع السلطة الفلسطينية؛ وما رافق ذلك من تحريك لموضوع الولاء المزدوج لليهود الأميركيين، وهو موضوع شديد الحساسية بالنسبة إليهم.

حوادث متكررة

ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها مكان يهودي- أميركي لعملية إطلاق نار أو تخريب، على يد مثل هذا المنتمي إلى أحد الفصائل من الأميركيين البيض، الذين لا يربطهم باليهود إلاّ النفور والكراهية. وفي كل مرة تقع فيها حادثة من هذا النوع، يعود الموضوع اليهودي إلى التداول، بتاريخه وحاضره، فهذه المجموعات، على هامشيتها، تفرض طرح مفاهيمها من خلال عنفها.

عملياتها تشكل مادة تغطية إعلامية واسعة، يواكبها نبش خلفيات وتعليقات وإحصاءات تعيد التذكير بمقولاتها التي تثير الخشية، خاصة لدى اليهود، فالجاني في حادثة كنساس سيتي، كان حسب المعلومات، أشبه بداعية في هذا المجال، قبل أربع سنوات قام بحملة انتخابية، حض خلالها الأميركيين البيض على «استعادة أميركا» من اليهود وغيرهم، حسب ما ذكرت التقارير.

وكان سئل مرة في مقابلة معه على الراديو: «عمن يكره أكثر اليهود أم السود ؟ فأجاب طبعاً اليهود وبآلاف المرات أكثر». وأضاف: «مشكلتنا مع اليهود تبهت أمامها كل مشكلاتنا الأخرى». مثل هذا الكلام نزل إلى التداول في اليومين الأخيرين، كذلك كشفت الردود عن إحصاءات حملت أرقاماً، تبيّن مدى تزايد النفور تجاه اليهود.

نسبة غير متوقعة

فحسب مكتب التحقيقات الفيدرالي «أف بي أي» وقعت 6573 حادثة محسوبة في خانة «جرائم الكراهية»، خلال العام 2012، كان منها 20 في المئة ذات خلفية دينية، 65 في المئة من هذه الحصة، كانت موجهة ضد يهود، مقابل 11 في المئة ضد مسلمين.

نسبة «غير متوقعة» على ما قال أحد المعلقين، ثم هناك ما يسمى بـ«النقاش الطلابي الجامعي ضد إسرائيل، الذي يتحول أحياناً إلى إدانة لليهود»، حسب المراصد اليهودية؛ لأنهم يتمتعون «بالكثير من النفوذ» حسب ما يرى 14 في المئة من اليهود أنفسهم، كما أن 30 في المئة منهم «أكثر ولاء لإسرائيل»، كما جاء في استطلاع لجمعية «مكافحة التشهير» اليهودية.

النعرة ضد اليهود

النعرة ضد اليهود، موجودة في أميركا، ولو مكبوتة ومحصورة إلى حدّ بعيد، وهي تنفجر من حين لآخر بالصورة الدموية غير المقبولة، التي جرت مؤخراً، وكذلك هناك حالة تبرّم من إسرائيل، وهي باتت ملحوظة وتأخذ تعبيرات مختلفة، كان أبرزها في الأيام الأخيرة، الكتاب المفتوح، الذي رفعه ستة من كبار المسؤولين السابقين إلى وزير الخارجية جون كيري، يثنون فيه على جهوده إزاء عملية السلام، ويحثونه على مواصلة تمسكه بالمواقف المبدئية «من المستوطنات ويهودية الدولة، ومفهوم الأمن وشروط اتفاقية السلام»، كما يطالبون الإدارة بضرورة اعتماد «الوضوح بدل الغموض أو الصمت بشأن القضايا الأساسية، السياسية والأخلاقية».

 ومن بين الموقعين زبغنيو بريجنسكي، الذي كان مستشار الأمن القومي، وفرانك كارلوتشي وزير دفاع، ولي هاملتون، كان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، وتوماس بيكيرنغ مدير عام في وزارة الخارجية للشؤون السياسية. الأسماء والمضمون، على تواضعه، يشكلان إشارة أخرى إلى توسع دائرة التململ الأميركي من صلف إسرائيل، التي تستقوي بالدعم المطلق من قبل الكونغرس.

إضاءة

 

ترجع واقعة أحداث كنساس سيتي إلى الأحد الماضي، حيث قتل مسن أبيض ثلاثة أشخاص في مركز اجتماعي، ودار للعجزة اليهود، قبل أن تعتقله الشرطة الأميركية. وأوضح قائد شرطة اوفرلاند بارك البلدة الصغيرة القريبة من المدينة، أن المشتبه به فرايجر غلين ميلر المعروف بـ«كروس» أوقف ولم يكن يعرف ضحاياه من قبل.

Email