نقيب الجيولوجيين السابق خالد الشوابكة لـ «البيان»:

الأردن قطع أشواطاً متقدّمة في استثمار الصخر الزيتي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

توقّع نقيب الجيولوجيين السابق في الأردن المهندس خالد الشوابكة، حدوث متغيّرات اقتصادية واجتماعية كبيرة بعد استخراج النفط من الصخر الزيتي، لافتاً إلى أنّ المملكة وصلت مراحل متقدمة في مجال استغلاله، إذ من المرجّح بدء إنتاج الطاقة الكهربائية العام المقبل.

وأضاف الشوابكة في حوار مع «البيان»، أنّ «فاتورة الطاقة الباهظة اقتصادياً وسياسياً واجتماعيا، شكّلت تحدّياً كبيراً أمام المملكة وعلى مستقبلها الاقتصادي والاجتماعي».

وفيما يلي نص الحوار بين الشوابكة و«البيان»:

توقعات متفائلة يتحدث عنها الخبراء حيال كميات الصخر الزيتي في أراضي المملكة وما يمكن أن ترفد به الاقتصاد إلى هذا الحد يوجد مخزون؟

بالتأكيد الأمر دقيق بل ونحن نتحدث عن ذلك لا نتحدث عن المتغيرات الاستراتيجية الكلية التي يمكن أن تحدث للمملكة في حال نهضت بهذه الصناعة، إن وجود كميات ضخمة من الصخر الزيتي في الأردن يدفع إلى فتح أبواب التوقعات المتفائلة على مصرعيها.

وبعد أن أشبع الخبراء الأمر بحثاً ودعوة للجهات الرسمية من أجل العمل على الاستفادة من الصخر الزيتي في الطاقة، بدأت الحكومة ومنذ فترة العمل على الاستفادة من هذه الثروة. لقد سبق ووقعت الحكومة ممثلة بوزارة الطاقة أكثر من 18 مذكرة تفاهم وامتياز عالمية من جنسيات مختلفة لاستغلال خامات الصخر الزيتي.

تعتبر المملكة من أغنى ثلاث دول في العالم بمادة الصخر الزيتي، إذ يقدر الاحتياطي من هذه المادة بـ 100 مليار طن وهي كمية مرشّحة للازدياد.

بات من المعروف أنّ النفط الخام المقطّر من الصخر الزيتي يكفي احتياجات المملكة لمدة تزيد على ألف عام، فضلاً عن ما يوفر من فرص عمل للأردنيين. هناك أسباب كثيرة تفرض على الأردن المضي سريعاً لإنتاج النفط والطاقة الكهربائية من الصخر الزيتي ومنها الجدوى الاقتصادية المثبتة، والتكلفة العالية لاستيراد النفط والتي تشكل نسبة ضخمة من ميزانية الدولة، وهو ما يشكّل تحدياً كبيراً للأردن وعلى مستقبله الاقتصادي والاجتماعي، فضلاً عن ضمان أمن التزود بالطاقة بعيداً عن التجاذبات السياسية واستقلال القرار وتحقيق الاكتفاء الذاتي من النفط وتوفير فرص العمل.

مراحل متقدمة

وإلى أين وصل العمل في هذا المشروع الاستراتيجي؟

لقد وصلنا إلى مراحل متقدّمة في مجال استغلال الصخر الزيتي، حيث من المتوقع أن يبدأ إنتاج الطاقة الكهربائية في العام المقبل من خلال الشركة الأستونية، لإنتاج ما يقارب 600 ميغاوات من الكهرباء. وهذا ليس خياراً إنه قدر يجب على المملكة السير فيه لأنه لا بدائل متوفرة غير ذلك.

تؤكّد التقارير الخاصة حول الطاقة في الأردن أن الصخر الزيتي هو أحد الخيارات الاستراتيجية لسد احتياجات المملكة المستقبلية من الطاقة إذ إنّ كل طن صخر زيتي ينتج برميل نفط، وسد فاتورة النفط فالأردن يستورد 96 في المئة من حاجاته للطاقة، وهذا يشكل 60 في المئة من ميزانية الدولة، وبالتالي فهو عبء على الاقتصاد فلا تستطيع أي ميزانية دولة في العالم أن تتحمل مثل هذه الفاتورة.

إنّ الأردن قطع شوطاً شوطاً كبيراً في الدراسات الاستكشافية لمواقع وجود الصخر الزيتي والعمل على استخراجه كما تمت تغطية مختلف الجوانب الجيولوجية والهيدرولوجية وأساليب التعدين والاستخراج والحرق، فضلاً عن استكشاف المياه الجوفية المتوفرة في مواقع وجوده التي أظهرت أنها كافية لبدء عمليات الإنتاج، وتم إجراء العديد من دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية بالإضافة لتجارب التقطير والحرق المباشر في مؤسسات عالمية.

لقد أثبتت الدراسات والتجارب أن الصخر الزيتي الأردني من النوعية عالية الجودة، حيث ينتج الطن الواحد حوالي 53 متراً مكعباً من الغاز و106 كيلوغرامات من النفط، ويمكن من الناحية الفنية استغلاله لغايات توليد الطاقة الكهربائية أو استخراج النفط، وإن استغلال الصخر الزيتي يكون مجدياً عندما ترتفع أسعار البترول إلى مستويات أعلى من 30 دولاراً للبرميل.

إحصائيات عالمية

قلتم إنّ بديل النفط التقليدي هو نفط الصخر الزيتي؟

نعم فالإحصائيات العالمية تذهب إلى وجود حوالي 600 موقع لمخزونات الصخر الزيتي في 27 دولة حول العالم، على رأسها الأردن. ومن المعروف أن مخزون الصخر الزيتي في العالم أكبر بكثير من مخزون النفط التقليدي، بل وقدرت وكالة المسح الجيولوجي الأميركية الاحتياطي القابل للاستخراج من الصخر الزيتي في العالم بـ 2.5- 3.0 تريليونات برميل أي أكثر من ثلاثة أمثال الاحتياطي المؤكد للنفط التقليدي.

إن الطلب العالمي على النفط حالياً يبلغ حوالي 120 مليون برميل في اليوم. أما الإنتاج العالمي من النفط حالياً فيقدر 90 مليون ومن المتوقع أن يصل إلى 100 مليون برميل يومياً ليكون العجز بين العرض والطلب حوالي 20 مليون برميل، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط عالمياً لتتجاوز 150 دولاراً للبرميل ما يعني الوصول إلى أزمة اقتصادية عالمية جديدة.

دور إسرائيلي

هناك ثروات أخرى في الأردن يقال إنها إن استغلت سترفع المملكة إلى مصاف الدول الغنية لكن عوائق تحول دون الاستفادة منها وعلى رأس هذه الثروات النحاس؟

هناك دور إسرائيلي خفي في إعاقة استخراج المملكة للنحاس في محمية ضانا. إن من شأن استخراج النحاس والنفط من الصخر الزيتي أن يعالج ما تعانيه المملكة من مشاكل اقتصادية وعلى رأسها العجز المتراكم في ميزانياته التي أدت إلى تراكم المديونية وما يعنيه ذلك من خطر زعزعة استقراره الاقتصادي، وهو ما بدأ صانع القرار في البلاد الإسراع بمعالجته في تنفيذ مشاريع الصخر الزيتي.

وما الحل؟

المنقذ الوحيد للاقتصاد الأردني من الانهيار هو البدء في استخراج النفط من الصخر الزيتي، فضلاً عن استغلال ثرواته الطبيعية بعيداً عن التأثيرات الخارجية والمصالح الضيقة ومنها النحاس في محمية ضانا التي يقدر وجوده هناك بحوالي 11 مليار دولار، لم تستغل نتيجة للدور الإسرائيلي.

وما يشجع على الإسراع في تطوير بعض مصادر الطاقة الهيدروكربونية غير التقليدية، تضاؤل الاستكشافات ومعدلات الإنتاج من النفوط التقليدية في بعض المناطق من العالم، والتوصل إلى تكنولوجيات اقتصادية لاستغلال هذه المصادر، والتخوف من النضوب المستقبلي لمصادر النفط التقليدية، وتقلّب أسعار النفط بصورة دائمة.

حرب خفية

لكن النفط منخفض اليوم فما هي أسباب ذلك؟

هي حرب اقتصادية خفية بين بعض الدول، فضلاً عن الحرب القائمة بين الدول المنتجة للنفط التقليدي وبين شركات الغاز الصخري في أميركا، والتي كانت قد تؤثر على الأسواق العالمية والتالي تدني أسعار النفط لكن ما نشهده الآن ليست إلا حرب بين دول المنطقة وهذه الشركات المنتشرة في الولايات المتحدة الأميركية، وهذا يعني أن الأزمة ليست اقتصادية بل سياسية قد تؤدي إلى مزيد من الحروب. إن دول العالم الثالث والدول غير المنتجة للنفط ومنها الأردن تأثر بشكل واسع في ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات الماضية ثم هو تأثر في انخفاضها عبر تضرر دول الخليج المساعدة له مادياً.

وكما قلنا يستورد الأردن ما قيمته 96 في المئة من احتياجاته الكلية من الطاقة، الأمر الذي يحمل الاقتصاد الوطني عبئاً ثقيلاً بسبب ارتفاع كلفة الفاتورة النفطية.

والبديل كما سبق أن قلت هو الصخر الزيتي؟

تماماً الصخر الزيتي الذي يشكل أهم مصدر طاقة طبيعي غير متجدد في الأردن هو الخيار الاستراتيجي للمملكة بغض النظر عن الأسعار الحالية للنفط، فمن المتوقع أن ترتفع أسعار النفط في العام المقبل لتصل إلى 85 دولاراً وهو ما يعني أن الصخر الزيتي سيبقى على الدوام مجدياً اقتصادياً للأردن.

عوائد ضخمة

إذاً على المواطن الأردني توقع عوائد اقتصادية ضخمة من استخراج الصخر الزيتي؟

العوائد الاقتصادية كبيرة جداً في حال تمّ تنفيذ مشروع الصخر الزيتي وبكميات تجارية ومنها تحقيق الاكتفاء الذاتي من النفط، وربما مصدراً له مستقبلًا، واسترداد كامل استثماراته خلال خمس سنوات تقريباً وهذا يعتمد على معدل الإنتاج، وتوفير مبلغ 10 مليارات دولار قيمة فاتورة النفط المتوقعة بين الأعوام 2016 - 2020، والضرائب من عائدات التصدير تقدر بحوالي 5 مليارات دولار، فضلاً عن المساهمة في حل جزء كبير من البطالة، وتوطين التكنولوجيا المتطورة في صناعة الصخر الزيتي في الأردن، إضافة إلى أن المنتجات الثانوية المرافقة لصناعة الصخر الزيتي هي ذات مردود عال جداً تساوي أو تفوق القيمة الاقتصادية الناتجة عن تقطير الصخر الزيتي لإنتاج النفط بشكل عام.

إضاءة

السجيل أو الصخر الزيتي هو عبارة عن صخر رسوبي بحري ذي حبيبات ناعمة يحوي على مادة عضوية ذات وزن جزيئي عال هي الكيروجين، وهي مواد عضوية وهيدروكربونية يدخل في تركيبها النيتروجين والأكسجين. وتراكمت المواد مع الترسبات في أثناء الترسيب وتم حفظها بسبب توافر الظروف المناسبة للحفظ.

ويُعرّف الصخر الزيتي أنه صخر رسوبي يحوي على مادة عضوية صلبة قابلة للاحتراق والتقطير.

Email