مدير إدارة حقوق الإنسان بالجامعة العربية لـ «البيان»:

فجوة عربية بين الالتزام وواقع حقوق الإنسان

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ثمّنت مدير إدارة حقوق الإنسان في جامعة الدول العربية إلهام الشجني، دور دولة الإمارات في تبنّي مبادرات دعم وحماية ونشر ثقافة حقوق الإنسان، لافتة إلى الفجوة الكبيرة التي تعانيها المنطقة بين الواقع والالتزامات الدولية، على الرغم من خطوات إيجابية رسمية وحراك مدني موازٍ لإصلاحها.

وكشفت الشجني عن عرض النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان على مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في دورته المقبلة، مؤكّدة التعاون الكبير مع منظمة الأمم المتحدة.

وفيما يلي نص الحوار بين الشجني و«البيان»:

في البدء كيف تُقيّمون وضع حقوق الإنسان في المنطقة العربية وما مدى حاجته إلى التحسين؟

حقوق الإنسان في الوطن العربي بحاجة إلى معالجة وتحسين، فالمنطقة تعاني من فجوة كبيرة بين الالتزامات الدولية والواقع، لكن هناك أيضاً خطوات إيجابية على المستوى الرسمي وحراكاً مدنياً موازياً يعمل على إصلاح هذه الفجوة، ومن أسباب ثورات الربيع العربي الفجوة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية، وليس من الغريب أنّ شعار الربيع العربي الذي هتف به الملايين في المنطقة هو عيش، حرية، عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية، ولابد من التذكير أنّ تصديق الدولة على المعاهدات الدولية والإقليمية وحدها لا تحدث تغييرًا حقيقيًا في حياة الناس، فلابد من العمل على تطبيق هذه الحقوق وملاءمة التشريعات الوطنية مع هذه الالتزامات.

إن مفهوم الإصلاح في مجال حقوق الإنسان المؤدّي إلى منهجية أكثر اتساقًا مع حقوق الإنسان وتطبيق أكثر اتساقًا مع المعايير الدولية، في السياق الإقليمي لا يمكن تحقيقه إلّا من خلال الوصول إلى رؤية مشتركة لأصحاب المصلحة الدولة والمواطن.

ولابد من التنويه إلى الدور المهم الذي تقوم به الآليات الإقليمية والدولية لأعمال المساءلة، والمساهمة في تقدم عمليات إصلاح حقوق الإنسان على المستوى الوطني، فمثلاً نجد أنّ الاستعراض الدوري الشامل من أهم الآليات التي تمّ تطويرها حديثًا، وعلى المستوى الإقليمي لدينا الميثاق العربي لحقوق الإنسان والذي لم يشمل آلية مراقبة في السابق، إلّا أنّه تمّ تعديله في العام 2008، وتشكّلت تبعًا له لجنة حقوق الإنسان العربية المعروفة بآلية الميثاق لمتابعة تقارير الدول الأطراف ورفع التوصيات بشأنها إلى مجلس الجامعة العربية، وتدعو الجامعة العربية الدول التي لم تنضم إلى الميثاق إلى المصادقة عليه.

وكيف ترون تأثير ثورات الربيع العربي على الوضع العام لحقوق الإنسان إيجابيًا أم سلبيًا؟

لاشك أن الربيع العربي كسر حاجز الخوف لدى أبناء المنطقة، وهذا شكل حراكًا شعبيًا واسع النطاق يُطالب بالإصلاح والديمقراطية والحكم الرشيد وحماية حقوق الإنسان بشموليتها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر حرية التعبير، وبدأت دول المنطقة في التفاعل والتعامل مع هذه التطورات، ولا شك أنّ أدوات التواصل الاجتماعي خلقت مساحة شاسعة للتواصل وتبادل المعلومات حول الانتهاكات هنا وهناك بشكل سريع ومناقشة كافة قضايا حقوق الإنسان من الحق في الكرامة الإنسانية إلى حرية التعبير والمعتقد، وخلقت هذه الأدوات فضاء لالتقاء أفراد قد تحد العادات الاجتماعية والمساحات الجغرافية من اللقاء.

تأثير نزاعات

وما تأثير النزاعات المسلّحة في بعض الدول العربية على حقوق الإنسان؟

النزاع المسلّح في أي منطقة يدعو للقلق وليس فقط في المنطقة العربية، لاسيّما في ظل الانتهاكات المصاحبة لها، أقول إنّ أهم شيء لصيانة حقوق الإنسان في هذه المناطق هو أن تصل إلى حالة اللانزاع، عبر التوافق والحوار الوطني والمصالحة ومحاسبة من ارتكب الجرائم من الطرفين المتقاتليْن.

وكيف تقيمون تقرير دولة الإمارات لحقوق الإنسان الذي تمت مناقشته بموجب الميثاق العربي لحقوق الإنسان؟

الإمارات تدعم مبادرات تعزيز ونشر ثقافة حقوق الإنسان على المستوى الإقليمي وهي نشطة جدًا في تقديم هذا الدور، ولا ننسى أنّ أول رئيس للجنة العربية لحقوق الإنسان كان من دولة الإمارات، لقد تمّت مناقشة تقرير دولة الإمارات في جو من الشفافية، وما زالت اللجنة العربية لحقوق الإنسان تعمل على التوصيات التي من المقرّر رفعها إلى دولة الإمارات ومن ثمّ نشرها على موقع اللجنة.

دور محكمة

وماذا عن المحكمة العربية لحقوق الإنسان، وكيف ترون دورها في حماية حقوق الإنسان؟

من المقرّر عرض النظام الأساسي للمحكمة على مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في دورته القادمة، وفي حال تبنيه سيتم إنشاء المحكمة ومقرها مملكة البحرين، وأشار الأمين العام في كلمته أمام المؤتمر الدولي حول المحكمة الذي عقد في المنامة أواخر مايو الماضي إلى أنّ قرار إنشاء هذه المحكمة يعكس إرادة سياسية واعية تستهدف التحديث والتطوير، وتستهدي بحقوق الإنسان مسيرة وممارسة، وتبني قواعد نظام عربي جديد يتناغم ويتواءم مع النظام الدولي، وأكّد كذلك أن إنشاء المؤسسات والآليات الإقليمية ليس هدفًا يقصد لذاته أو بنيانًا يُقام للتباهي به وإنما وسيلة نحو غاية، وتتطلّع الأمانة العامة لرؤية محكمة عربية لحقوق الإنسان تتمتّع بالاستقلالية وتسهِّل على الأفراد ممن يدّعون انتهاك حقوقهم التي كفلها الميثاق العربي لحقوق الإنسان التماس العدالة لديها عندما لا تكون هناك فرصة للإنصاف الفعال على الصعيد الوطني، وفي المقام الأول والأخير ينبغي إتاحة الفرصة للمواطن في المنطقة العربية أن يصل إلى المحكمة العربية لحقوق الإنسان إذا ما استنفذ كل السبل الوطنية للإنصاف، لا أن توضع العراقيل أمامه.

وماذا بشأن التعاون الدولي في مجال حقوق الإنسان؟

هناك تعاون كبير على المستوى الدولي مع الأمم المتحدة مع كل الإدارات، كل في مجالها، ونحن كإدارة لحقوق الإنسان نتعاون بشكل كبير مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بالنسبة لشؤون اللاجئين نحاول العمل بشكل مشترك لتبني اتفاقية عربية لشؤون اللاجئين، أما التعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، فقد نظمنا أول مؤتمر إقليمي لحماية حقوق الإنسان في المنطقة العربية تحت شعار حقوق الإنسان في المنطقة العربية، التحديات والآفاق المستقبلية، خلال الفترة ما بين 20 و22 مايو في القاهرة، ومن المقرّر أن يعقد هذا المؤتمر كل عامين وهناك تعاون بين إدارة حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي.

كما نعمل على تفعيل النصوص المتعلّقة بحقوق الإنسان الواردة في إعلان القاهرة الصادر عن الاجتماع الوزاري الثاني بين الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، في نوفمبر 2012، والبيان الصادر عن الاجتماع الوزاري الثالث الذي عقد في أثينا في يونيو الماضي، وفي هذا الإطار عقدنا ورشة عمل مع الاتحاد الأوروبي حول التعايش وقبول الآخر في أبريل، وخلص إلى عدد من التوصيات والمقترحات لنشر مفهوم التعايش وقبول الآخر، ومن المقرّر عقد ورشة العمل الثانية في بروكسل ولكنها لم تحدد موعداً لها، وتحرص جامعة الدول العربية على المشاركة الفاعلة في المؤتمرات الإقليمية والدولية.

تعدّد إدارات

هل تعني إدارة حقوق الإنسان وحدها بكل هذه المسؤولية؟

هناك إدارات أخرى في الأمانة العامة تُعنى بحقوق الإنسان وليس فقط إدارة حقوق الإنسان، وهناك إدارة المرأة والطفل والأسرة والتي تعمل على حقوق المرأة والطفل، وإدارة الصحة والمساعدات الإنسانية المعـــنية تعــمل عــلى حــقوق الصــحة في الوطن العربي وتقـــديم المساعدات الإنسانية للاجئــين والــنازحين، والأمــانة الفنية للانتخــابات التي تراقب الانتخابات في عددٍ من الدول العربية بناء على طلب الدولة، وبنــاء على طلب دول غير عربية، إذ يدخل هذا في موضوعات حريّة التعبير والمشاركة السياسية»، «لابد من التوضيح أنّ اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان يتم الخلط بينها ولجنة حقوق الإنسان العربية، فالثانية هي آلية الميثاق التي تم إنشاؤها وفق المادة 49 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان».

أنشطة إدارة

بشأن أنشطة إدارة حقوق الإنسان في الجامعة العربية، قالت إلهام الشجني، إنّ «إدارة حقوق الإنسان تتبع قطاع الشؤون القانونية في الجامعة العربية، ومن مهامها الأساسية أنّها السكرتارية الفنية للجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان والتي تجتمع مرتين في فبراير ويونيو من كل عام قبل انعقاد مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في سبتمبر»، لافتة إلى أنّ «من أهم البنود التي تقوم بمتابعتها الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة وبند الأسرى والمعتقلين العرب في السجون الإسرائيلية، فضلاً عن أي بنود قد تراها الدول الأعضاء ليتم إدراجها على جدول ألاعمال.

Email