وزير البحث العلمي المصري لـ «البيان»:

وكالة فضاء الإمارات مفخرة عربية

موظفة في أحد مراكز البحث العلمي في القاهرة البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

شدّد وزير البحث العلمي المصري د.شريف حمَّاد على أنّ إنشاء وكالة فضاء إماراتية يعتبر إنجازاً علمياً ومفخرة لا تحسب للدولة فقط بل كل العرب، معرباً عن بالغ إعجابه بتجربة الإمارات في مجال البحث العلمي.

وأقرّ حمَّاد في حوار مع «البيان» بعدم رضاه عن مستوى البحث العلمي في مصر، مبرّراً الأمر بعدد من الأسباب أبرزها عدم توفّر التمــويل اللازم للأبحاث وغياب التنسيق بين الــمراكز، فضلاً عن مجموعة من القــوانين المعطلة التي تُعيق عمل الباحثين، مبيّناً أنّ وزارتـــه تســعى لإعادة علماء مصر وباحثيها في المهجر، إلى جانب مساندة شباب الباحثين وتذليل العقبات التي تواجههم.

وفيما يلي نص الحوار بين حمّاد و«البيان»:

تسلمتم منصبكم قبل شهور قلائل، إلى أي مدى أنتم راضٍ عن حال البحث العلمي، وما الذي ينقص بلد في بحجم وقيمة وتاريخ مصر لتكون ضمن الدول المتقدّمة في المجال؟

قطعًا لست راضيًا عن حال البحث العلمي في مصر، فنحن نعاني من مشاكل كثيرة سواء في التعليم العالي أو البحث العلمي، إذ تنقصنا أمور كثيرة لنتقدم علميًا منها عدم وجود خطة واضحة للبحث العلمي، وعدم توفير التمويل اللازم للأبحاث، وغياب التنسيق بين المراكز البحثية، فضلاً عن مجمــــوعة من القوانين المعطّلة والتي تعيق بدورها عمل الباحثين.

رغم كل تلك التحدّيات نمتلك الإصرار على تحقيق إنجازات جديدة من خلال إتاحة الفرصة أمام الباحثين لتقديم ما لديهم من أفكار يُمكن أن تؤدي إلى تقدّم مصر لموقع متقدّم في مجال البحث العلمي.

حلول مبتكرة

وهل أسهم قرار فصل وزارة البحث العلمي عن التعليم العالي في قيام الوزارة بالمهام الموكلة إليها بشكل أفضل؟

كل الدول المتقدمة تقريباً تولي عناية خاصة بالبحـــث العلمي وتخصّص له وزارة مستقلّة وميزانية ضخمة لتحقيق الأهداف المرجوة منه، ولعل فصل البحث العلمي عن التعليم العالي من متطلّبات المـــرحلة الجــديدة التي تعيشها مصر بداية من ثورة 25 يناير مرورًا بـ ثورة 30 يونيو، لأنّ البحث العلمي هو الاستراتيجية التي يجب أن يسير عليها أي مجتمع علمي متقدّم، وسرعة الإنجاز المطلوبة وحجم المشاكل الموجودة في الفترة الحالية كان يلزمها الفصل.

قبل أيام أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي البدء في مشروع تنمية محور قناة السويس، فهل لوزارتكم دور في المشروع؟

بالتأكيد كل الوزارات في الحكومة تشارك في هذا المشروع القومي، ونحن بدورنا قدّمنا عددًا من الدراسات والأبحاث عن طبيعة المنطقة التي سيتم حفر قناة السويس الجديدة بها، ولدينا تواصل مع مختلف الوزارات للانتهاء من المشروع على الوجه الأكمل، وتقديم حلول جديدة ومبتكرة وقابلة للتطبيق للاستفادة منها وحل المشكلات، وسيكون لذلك عائد كبير على الناتج القومي، أيضاً نشارك في العديد من المشروعات الأخرى، أبرزها تحلية المياه ومشاريع الطاقة الشمسية ومشاريع تخطيط عمراني متكامل مع المنظومة الابتكارية الكاملة بالتعاون مع وزارة الإسكان.

وهل التعاون والتنسيق مقتصر على الوزارات والهيئات الحكومية أم يمتد إلى القطاع الخاص؟

إنّ وزارة البحث العلمي منفتحة على الجميع، وتمد الأيدي للقطاعين العام والخاص ومستعدة لتقديم الدعم لمن يطلبه لأن عهد الجزر المنعزلة والعمل الفردي انتهى للأبد، والتعاون والتنسيق بين مختلف الجهات هو السائد الآن، وهناك تكامل بين القطاعين الحكومي والخاص في الفترة الأخيرة لتحقيق التقدّم المنشود لمصر، وكل جنيه يُنفق على البحث العلمي سيعود على الاقتصاد المصري بعشرة أمثاله.

كيف يُمكن الاستفادة من البحث العلمي في حل المشكلات التي تعانيها البلاد؟

الحكومة والرئيس السيسي حريصون على تطبيق الأبحاث والدراسات العلمية لحل المشكلات التي تواجه التنمية وتخص المواطن ومستقبل الشعب، وعلى سبيل المثال الفترة القادمة ستشهد العديد من مشروعات التعاون بين أكاديميات البحث العلمي والتكنولوجيا وصندوق العلوم والتنمية التكنولوجية وغيرها من الهيئات لتنفيذ برنامج السيسي لاستزراع 4 ملايين فدان بالشكل الذي يسهم في القضاء على أزمة نقص القمح بما يحقق الاكتفاء الذاتي ويُقلّل من اعتماد الدولة على استيراده، وهناك أيضًا تعاقدات جديدة للنهوض بإنتاجية محاصيل القطن والأرز والذرة بين أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وهذه التعاقدات تمثّل جانبًا من المشروعات التطبيقية التي تتبنّاها الأكاديمية والتي تهتم بالإرشاد الزراعي، بهدف زيادة وحدة المساحة مع زيادة إنتاجية المنزرع ومهمة هذه البرامج تضييق الفجوة الإنتاجية بين المراكز البحثية والفلاحين برفع مستوى إنتاجية أراضي الفلاحين عبر الإرشاد والتدريب والتوعية ونشر السلالات الجديدة ذات الإنتاجية الأعلى، بهدف منع استيراد الذرة الصفراء بمشاكلها الصحية والغذائية.

إنجاز إماراتي

من واقع تجربتكم في العمل كأستاذ زائر بجامعة الإمارات، كيف تقيّمون مستوى البحث العلمي في دولة الإمارات العربية المتحدة؟

إنّ دولة الإمارات من أوائل الدول العربية التي أعطت ولا تزال البحث العلمي ومراكزه والباحثين اهتماماً كبيراً وخاصاً، إذ نجحت في السنوات الأخيرة في اعتلاء مرتبة متقدّمة للغاية في مجال الأبحاث والاكتشافات العلمية، وتوجت مجهوداتها بالإعلان عن إنشاء وكالة الفضاء الإماراتية، وبدء العمل على إرسال أول مسبار عربي وإسلامي لكوكب المريخ بقيادة فريق عمل إماراتي في رحلة علمية استكشافية تصل للكوكب الأحمر خلال السبع سنوات المقبلة، وبالتأكيد هذا إنجاز علمي يُحسب لحكام دولة الإمارات العربية المتحدة وشعبها العاشق للنجاح ومفخرة لكل العرب، ويحفر اسمها بأحرفٍ من نور في مجال تكنولوجيا الفضاء، وهو مجال متقدّم للغاية في العالم كله.

وهل تتوقعون نجاح الإمارات في إنشاء تلك الوكالة خلال المدى الزمني المحدّد؟

بكل تأكيد فمن خلال الفترة التي عملت فيها هناك، لمست كيف أن الشعب الإماراتي وحكامه يعشقون النجاح، وأهم ما يميزهم أنّهم يُخططون لكل شيء ولا يتركون مجالًا للمصادفة، كما أنهم يحترمون الوقت، وهذه من أهم المقوّمات التي تساعدهم على النجاح، وبناء عليه أنا متأكد أنّ الإمارات ستكون في مصاف الدول المتقدمة علميًا خلال فترة وجيزة للغاية.

تهيئة مناخ

ما دور وزارتكم في إعادة العقول المهاجرة من عملاء وباحثين والاستفادة منهم مستقبلًا؟

بالفعل مصر من الدول الطاردة للعلماء والباحثين، ومنذ اليوم الأول لمجيئي الوزارة وأنا على تواصل مستمر مع علماء مصر في الخارج الذين يعشقون بلادهم، ونحن الدولة الوحيدة التي إذا سافر عالم منها خارج الوطن يكون دائمًا على استعداد للرجوع إلى أرض الوطن، وأغلبية العلماء خارج مصر يتم الاستفادة منهم، وأنا كوزير بحث علمي سأوفّر للباحثين في الخارج مناخ العمل المناسب في مصر، حتى يعودوا إلى وطنهم الأول، لكن المشكلة أنّ هناك أزمة ثقة بين علماء مصر وباحثيها المغتربين وبين الحكومات المتعاقبة، ولابد أن يشعر العالِم باهتمام الدولة به وبأبحاثه حتى يعود إلى وطنه.

كيف ستقضون على مشكلة غياب التنسيق بين المراكز البحثية والتي أدّت إلى عدم جدوى الأبحاث المقدّمة؟

إنّ مسألة التنسيق والتعاون بين المراكز البحثية لم تعد ترفًا بل ضرورة للمشاركة في بناء الدولة، وتمّ مؤخرًا تكوين مجموعات من الباحثين في مجالات الغاز والطاقة والدواء والثروة الحيوانية وتحلية المياه للمساهمة في حل قضايا المجتمع.

دعم شباب

وماذا عن دوركم في دعم صغار الباحثين وشباب المخترعين؟

هناك اهتمام خاص بصغار المخترعين وشباب الباحثين، والدولة تقدّم لهم كل سبل الرعاية اللازمة لإنجاز أبحاثهم حتى ترى اختراعاتهم النور، ودورنا هو تشجيع الابتكارات والاختراعات للشباب الصغير، والعمل على تذليل أية عقبات تعترض طريقهم، والوزارة لا تبخل في مساعدة الطلاب المخترعين ودعم مشاركتهم في المعارض الدولية، وبدأنا في إجراءات عاجلة لتوفير دعم لمشروعات تخرج الطلبة يتراوح بين 15 إلى 70 ألف جنيه، فضلاً عن دعم الفرق الفائزة في المسابقات المحليّة والدولية، وتوفير التمويل اللازم لتصنيع اختراعاتهم ودعم سفرهم إلى الخارج، وتسليم منح أكاديمية لأوائل الخارجين للحصول على درجة الماجستير.

فشل انتخاب

أكّد وزير البحث العلمي المصري شريف حمَّاد أنّ نظام اختيار القيادات الجامعية عبر الانتخاب أثبت فشله، مشيراً إلى أنّ التعيين يقضي على الشللية في المراكز البحثية ويتيح الفرصة للأكفأ لتولي المناصب القيادية.

وكشف حمّاد عن أنهّ وحال الموافقة على طلبه الذي تقدّم به لرئيس الوزراء باعتماد التعيين سيتم تشكيل لجنة محايدة يُعرض عليها كل المتقدّمين لاختيار ثلاثة فقط يعرضون على رئيس الجمهورية لاختيار أحدهم طبقاً لأفضل سيرة ذاتية.

Email