غوتيريس اختيار ملائم لمنصب شائك

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعد رئيس الوزراء البرتغالي الأسبق أنتونيو غوتيريس خياراً ممتازاً بأي معيار للحلول محل بان كي مون في منصب الأمين العام للأمم المتحدة، فهو يتمتع بالخبرة والطاقة والحنكة الدبلوماسية.

وكلها مؤهلات يحتاجها لقيادة الأمم المتحدة، علاوة على مواجهة الحروب الإقليمية والتوترات المتصاعدة بين روسيا والغرب، والوضعية العدوانية للصين في آسيا، وأزمة اللاجئين في الشرق الأوسط وأوروبا.

وفي مواجهة هذه التحديات، فإن منصب الأمين العام لا يتمتع إلا بسلطة محدودة ونفوذه الدبلوماسي تقيده بشكل أكبر الجماعات الإرهابية والحركات المسلحة التي تعبر الحدود الدولية، وستمثل جانباً كبيراً من عمل غوتيريس في تحديد كيف يمكن للأمم المتحدة التي تضم 193 عضوا أن تبحر بعالم يواجه الإرهاب والحرب، وتدفعه قوى متعددة.

وبعد قيادة غوتيريس للبرتغال كرئيس للوزراء، عمل مفوضاً سامياً لشؤون اللاجئين على امتداد عقد من الزمن حتى عام 2015، وتعامل مع تشريد الملايين الذين لاذوا بالهرب من الحروب في سوريا وأفغانستان والعراق وغيرها من خلال توفير الغذاء والمأوى والملاذ الآمن لهم في دول أخرى.

وكان فعالا في الضغط على الدول الغربية للقيام بالمزيد في مجال المساعدة والتوصل إلى اتفاقيات في ظروف صعبة. ومع تفاقم أزمة اللاجئين، تولدت ردود فعل قومية في أوروبا والولايات المتحدة، ومن خلال فهم غوتيريس للمشكلة ودعوته لحلول عادلة، يمكنه أن يقنع الحكومات بمواصلة قبول اللاجئين وليس إيصاد الأبواب في وجوههم.

لقد أدت الحروب في الشرق الأوسط وغيرها إلى تراجع الثقة في قدرة الأمم المتحدة على أن تكون قوة من أجل السلام ومهمتها الجوهرية. وقد تحدث غوتيريس عن تكثيف الجهود الدبلوماسية للوصول إلى اتفاقيات للسلام في سوريا وليبيا واليمن، ولسوف يتعين عليه القيام بذلك بينما يقوم في الوقت نفسه بتطبيق العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية، وتوفير الغذاء للملايين من الناس الذين يواجهون خطر المجاعة.

وعلى الرغم من أن غوتيريس كان على امتداد شهور عدة المرشح الأول لهذا المنصب، فقد كان هناك أكثر من عشرة مرشحين آخرين، بمن في ذلك مرشحات مؤهلات للمنصب وبصفة خاصة كريستالينا جورجيفا من بلغاريا.

وقد يصبح غوتيريس، وهو شخصية قوية ومسؤول سياسي فعال في ميدان التواصل، على نحو ما قال ماثيو رايكوفت السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة، نوعية الأمين العام »الذي سيقدم القوة المناسبة للسلطة الأخلاقية في وقت ينقسم العالم حول قضايا في مقدمتها سوريا«، وإذا سمح أعضاء مجلس الأمن غوتيريس القيام بذلك، فإنه قد يستعيد مهمة وسمعة مؤسسة دولية لا تزال تحاول أن تجد دورها في عالم معقد حافل بالأخطار.

طلب متزايد

أصبح الطلب على قوات حفظ السلام في مناطق الصراع أكبر من أي وقت مضى، الأمر الذي يقتضي من الأمم المتحدة إقناع المزيد من الدول بالمساهمة فيها، وسيتعين على غوتيريس العمل بجد في تصحيح صورة هذه القوات، وسيتحتم عليه أيضا الإصرار على استمرار تركيز مسؤولي الأمم المتحدة على إصلاح الوكالات الفاشلة.

Email