ثمن باهظ لتوصيل المعونات إلى السوريين

ت + ت - الحجم الطبيعي

تبنى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في نوفمبر 2012، توصية عدم تكرار حالة التقصير التي طبعت تحرك المنظمة في حرب سيرلانكا الأخيرة، وتحدث بصراحة عن إخفاق الأمم المتحدة في القيام بمسؤولياتها وحاجتها للتعلم من دروس الماضي. وأشار إلى أن الصراع الدائر في سوريا، يشكل التذكير الأحدث على الإطلاق بأهمية عمل المنظمة الدولية.

وبعد مرور أربع سنوات تقريباً، أسدلت الأزمة السورية الستار على عدد من الإشكاليات التي لا تزال تواجه تحرك بعثات الأمم المتحدة الإنساني، والقصور الملازم لطريقة التعامل مع هذه الأزمة.

وتعتبر المساعدات، التي بلغت قيمتها أربعة مليارات دولار، الخطوة الأكثر تكلفةً وإشكاليةً حتى يومنا هذا، على الرغم مما تستوجب من الثناء على تفاني طاقم العاملين. وما تشكله أيضاً من سبب وجيه للشعور بالاستياء حيال ما كشفته بعض الصحف عن عقود بعشرات ملايين الدولارات، ذهبت إلى أشخاص مقربين من الرئيس السوري بشار الأسد.

وأشار متحدث باسم الأمم المتحدة، إلى أن المشكلة تظهر بوضوح، وتشير إلى أن عمل البعثات الإنسانية في بلد ما، يجبرها على اتخاذ خيارات صعبة، تصل إلى حدّ الخيارات السيئة، إذا كانت الوحيدة المتوفرة. وقد آثرت، إزاء مواجهة الاختيار بين التعامل مع شركاء بغيضين، وإدارة الظهر للمحتاجين، الذهاب في طريق الخيار الثاني.

إلا أن القرارات التي اتخذت في سوريا تعدّ مبعث قلق عميق بالنسبة لكثيرين داخل المنظمة وخارجها. حيث إن التسويات التعيسة التي حصلت، أسفرت عن حجب المساعدات عن ملايين المواطنين اليائسين، وأفسحت المجال أمام سيل المعونات للتدفق باتجاه المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الداعمة لحكم الأسد.

لقد فشل المجتمع الدولي في وقف دوامة الحرب، حيث الردّ الإنساني الفاعل والعادل هو أقل المتوقع. لعل هامش النفوذ الذي تستطيع الأمم المتحدة فرضه محدود، إلا أنه موجود. ففي واحدةٍ من القضايا الأكثر إرباكاً في سورياً، أخيراً، أنفقت منظمة الصحة العالمية، أكثر من خمسة ملايين دولار في دعم بنك الدم القومي، الخاضع لسيطرة وزارة الدفاع السورية.

وشككت جهات مطلعة في قانونية التعامل مع وزارة الدفاع، بدلاً من المسؤولين في مجال الرعاية الصحية، وأقرت بوجود مخاوف من أن يتم تحويل مسار العملية، خدمةً لمصالح الجيش أولاً، لا سيما أن أكياس حفظ الدم وعدة الفحص لم تكن مشمولةً في قوافل الأمم المتحدة المنطلقة من دمشق باتجاه مناطق خارج سيطرة الحكومة. إلا أنه عند وضع الاتفاقية، لم تتمكن الحكومة من الحصول على الإمدادات المطلوبة، ما شكل فرصةً أولية للردّ حتماً.

وتواجه الأمم المتحدة اليوم، مطالبات لإجراء تحقيقات مستقلة بشأن تحركاتها، في مراجعة تحتل أهميةً كبرى. غير أن سجل الأحداث يظهر أن طرح الأسئلة المناسبة والتوصل إلى الخلاصات الصحيحة، أمر يختلف تماماً عن وضع النتائج قيد التطبيق، في مهمة تبيّن أنها أكثر صعوبة وأهمية في آن.

Email