التعقيدات السياسية تعرقل المحادثات وتوقف المساعدات العسكرية

قوى الحرب السورية لاتتوافق على نهاية قريبة

■ اعتداءات النظام على حلب أثارت إدانة واسعة | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعترت عملية وقف إطلاق النار الهشة التي بدأت في سوريا في 27 فبراير الماضي العديد من الانتهاكات من قبل عدد من الأطراف، كما طرأت تغييرات ميدانية شملت مختلف القوى.

وقد مكنت الهدنة الملزمة لكل من الجيش السوري والمليشيات التي لا تنتمي لتنظيم «داعش» أو جبهة النصرة، الجيش من السيطرة على المجموعتين المصنفتين إرهابيتين من قبل الأمم المتحدة، فأنهى احتلال التنظيم المدمر لمدينة تدمر، واستعاد السيطرة على طرق الإمداد الاستراتيجية جنوباً نحو حلب وقطع الاتصالات بين «داعش» وتركيا.

انعكاسات الهدنة

كذلك قام الجيش بدحر القوى المتحالفة مع «النصرة» من قرى شمال اللاذقية وقطع الاتصال بين مدينتي داريا والمعضمية في دمشق، ضمن عملية كان الهدف منها تصفية المقاتلين من المدينتين اللتين توصلتا إلى اتفاقية هدنة وتسوية مع الحكومة. وعززت القوات الحكومية أيضاً حضورها جنوباً، سيما في درعا.

وكانت الحكومة والجيش مستفيدين من الهدنة، في ظل تلك الأوضاع، في حين وجدتها قوات المعارضة مقيدة، علماً بأن المتعاونين مع «النصرة» تعرضوا غالباً للاستهداف من قبل القوات السورية المسلحة وحليفها الروسي، الذي قام بتغطية العمليات من الجو.

وتكمن المشكلة، طبعاً، في أن «النصرة» نشرت مقاتليها على طول امتداد خط الهدنة من مرتفعات الجولان المحتلة وصولاً إلى أحياء العاصمة، ويسيطر حلفاء الجماعة على القسم الشمالي الغربي لمحافظة إدلب.

ومن ضمن المقاتلين المتعاونين مع «النصرة» 33 تزعم واشنطن أنها تضم «معتدلين» على الرغم من أن هؤلاء يتبنون إيديولوجية وممارسات «النصرة» و«داعش».

وهناك حضور أيضاً لـ«النصرة» في جزء من حلب يسيطر عليه المتشددون بشكل أساسي، مما يجعلهم أهدافاً لكل من الجيش والصواريخ الروسية.

ارتباط المساعدات بالمحادثات

ويتواصل، في هذه الأثناء، وبفضل الهدنة تدفق المساعدات الإنسانية إلى بلدات وقرى يصعب الوصول إليها. إلا أن المحادثات السورية في جنيف لا تسير على ما يرام، سيما وأن آخر أطراف المعارضة الأساسية علقت مشاركتها في المفاوضات، مدعية بأن وقف إطلاق النار قد انتهى وأن الحكومة ترفض إجراء المفاوضات.

ويتابع وفد الحكومة لقاءاته مع المبعوث الأممي ستيفان دو ميستورا، وقد قدم تعديلات بخصوص أحد الملفات الدستورية خلال الجولة الثانية من المحادثات في مارس الماضي.

ومن المؤكد أن كلاً من أميركا وروسيا لا تبديان استعداداً لفرض مزيد من الضغوط على حلفائهما لتبديل مواقفهم المتباعدة. وتواصل اللجنة العليا للمفاوضات تأكيدها على ضرورة الرحيل المبكر للأسد، في حين ترفض الحكومة السورية هذا الاحتمال. لا يمكن لاتفاقية الهدنة أن تصمد في ظل التعنت، ولا يمكن إيصال المساعدات الإنسانية إلا إذا شهدت المحادثات السياسات أي تقدم.

وتواصل واشنطن وحلفاؤها التشديد على تغيير النظام قبل البدء في بحث تسوية إنهاء الحرب وجلب الاستقرار لسوريا. علاقات بريئة

ولا يمكن للتحالفات القائمة بين سوريا وبعض الأطراف منذ 36 عاماً أن تكون الدافع وراء تغيير حكومة دمشق. فمنذ بضع سنوات فقط أبدى الاتحاد الأوروبي استعداداً لإقامة اتفاقيات شراكة مع سوريا، عقب تبنيها اقتصاد السوق الحر. ولم تكن تردعه في ذلك الوقت الحزمة السياسية لدمشق كما لم تبدِ واشنطن اعتراضاً على التعاون.

لا بد للحرب السورية أن تصل إلى خواتيمها، إلا أن القوى الضالعة فيها لم تتخذ قرارها بعد بشأن توقيت هذه الخطوة، التي تأخرت كثيراً. فكلما طال أمد الحرب عمّ الدمار والخراب والموت، وزاد عدد السوريين الفارين من وطنهم إلى البلدان المجاورة طلباً للجوء والملاذ في أوروبا غير المرحبة بوجودهم.

أضف إلى ذلك، وفي ظل استمرار غياب المساعي الجادة من قبل الجيش السوري وفصائل المعارضة المسلحة لهزيمة «داعش» وجماعة «النصرة» ودحرهما، فإن المنطقة بأسرها وأوروبا وآسيا ستعاني من تبعات هذه الموجة التكفيرية السائدة.

اختلاط

أقر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أخيراً، بمدى صعوبة التمييز بين عناصر «النصرة» و«المعتدلين» من المجموعات المعارضة.

وقال الكولونيل ستيف وارن، المتحدث باسم قوات التحالف ضد «داعش» في العراق: «إن من يسيطر على حلب بشكل أساسي هي جماعة»النصرة«، وهي حتماً لا تشكل جزءاً من وقف الأعمال العدائية.

وعلى الرغم من أن تصريح وارن جاء مبالغاً فيه نوعاً ما، إلا أنه شكل تأكيداً بأن»النصرة«التي تشكل أحد فروع تنظيم القاعدة هي إحدى المجموعات التي تستولي على شرق حلب.

Email