المراقبون: مبادرات طهران مجرد عروض ترويجية

المشهد في اليمن أكثر تعقيداً مما يبدو

ت + ت - الحجم الطبيعي

اتخذ سفك الدماء في اليمن، الذي امتد على مدار عام كامل حتى اليوم، وأردى الآلاف وأصاب الملايين بالجوع طابع الاقتتال الطائفي. وأكدت دول المنطقة، لا سيما السعودية، أن ما يحصل في اليمن ناجم في المقام الأول عن التمرد الحوثي، بقيادة إيران.

إلا أن الواقع أكثر تعقيداً بكثير مما يبدو، فالحوثيون قد تجاهلوا نصيحة طهران خلال مسار المعارك، ويعتبر دعم طهران للحوثيين أقل مرونة بكثير مما يعتقد البعض. فمن المنطلق الديني، ينتمي الحوثيون إلى مذهب الزيدية، الذي يعتبر أحد فروع الشيعة الأقل إشكالية في الاختلاف مع السنة.

يتحالف الحوثيون كذلك مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الزيدي، الذي كان يحظى بدعم السعودية في الماضي أثناء التمرد الحوثي السابق.

ومن ناحية أخرى، نجد أن الإيرانيين يطلقون مبادرة جديدة في اليمن، تشكل جزءاً من محاولة إعادة ترتيب أوراق السياسة الخارجية، عقب التوصل إلى اتفاق نووي مع القوى الست العظمى. وترغب طهران كذلك بالانضمام للتحالف المناهض لـ«داعش» وإصلاح علاقتها بالغرب، وتمثلت أولى بوادرها في استئناف للعلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا، حيث أعيد فتح السفارتين في كل من لندن وطهران.

وأجرى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف جولة في دولتي الكويت وقطر، في حين قام نائبه حسين أمير عبد اللهيان بزيارة مفاجئة إلى السعودية.

وعلى الرغم من أن انضمام طهران للتحالف المناهض

لـ«داعش» يشكل تحركاً مهماً، إلا أن التوصل إلى اتفاق سلام في اليمن يبقى في المرتبة الأولى.

في أبريل الماضي، رفضت الحكومة اليمنية برئاسة عبد ربه منصور هادي خطة من أربع نقاط تقدمت بها إيران، في ظل إعلان الدبلوماسيين الغربيين أنه لا يمكن النظر إلى طهران باعتبارها وسيطاً نزيهاً، إلا أن الأمور تبدلت كثيراً منذ ذلك الحين، فتحدث وزير الخارجية الأميركي جون كيري عقب الاتفاق النووي عن الصراع اليمني، مشيراً إلى أنه يمكن إيجاد حل مناسب له بالتعاون مع طهران.

 وفي الوقت عينه، تمارس روسيا، التي بدأت عقد محادثات مع أميركا والسعودية حول سوريا، ضغوطاً على طهران للتوصل إلى حل في اليمن.

وكان الحوثيون قد تجاهلوا في الماضي توصيات طهران حول وتيرة العمليات العسكرية التي يقومون بها، إلا أن إيران عملت على تسليحهم الذي إذا تقلص فإنه يوقع المقاتلين الحوثيين في مأزق، لكن يمكن لطهران في مقابل تقليص حجم الدعم عن الحوثيين أن تسعى لدعم دول السنة والغرب للتقدم بمجموعة أخرى من اقتراحات السلام.

وأشار بول سالم، من معهد الشرق الأوسط البحثي في واشنطن، إلى أن إيران لا تملك أن تسيطر على الحوثيين في اليمن بأكثر مما تفعل مع الميليشيات المنتشرة في سوريا والعراق، لذا فإنها لا تملك الكلمة الفصل في اليمن. وأضاف قائلاً: لا يمكن لإيران الفوز في حرب اليمن، لذا فهي ترغب أن تظهر بأنها تستطيع المساعدة، في نوع من العرض الترويجي وحسب.

وما من سبب يدعونا لنفكر أن سياسة الواقع قديمة الطراز ستشكل مفتاح الحل الرئيس في الحلة الجديدة لسياسة إيران الخارجية.

Email