معظم الليبيين يشعرون باليأس إزاء الفوضى وغياب الأمن

إعدام نجل القذافي ورفاقه سيفاقم الفوضى

محاكمة سيف الإسلام القذافي أثارت ضجة كبيرة ــ أرشيبفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يزال المراقبون يتابعون بكثير من الاهتمام النتائج المترتبة على الحكم الذي أصدرته محكمة طرابلس أخيرا على سيف الإسلام القذافي نجل الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي بالإعدام رميا بالرصاص، وذلك بعد أن وجهتا إليه تهم ارتكاب الجرائم ضد المدنيين الليبيين خلال ثورة 2011، التي أفضت إلى تدخل حلف ناتو واندلاع الحرب الأهلية ومقتل أبيه.

وكما هو معروف فإن سيف الإسلام القذافي لم يكن بمفرده الذي صدر عليه الحكم، فقد صدر الحكم بالإعدام على ثمانية آخرين من المسؤولين الليبيين أيضا من بينهم رئيس الاستخبارات الليبية السابق عبد الله السنوسي ورئيس الوزراء الأسبق بغدادي المحمودي والقائد العسكري السابق منصور داو ورئيس الاستخبارات الخارجية السابق أبو زيد دوردا.

ولم يشهد سيف الإسلام القذافي وقائع المحاكمة باستثناء إطلالة قصيرة عبر وصلة فيديو، فهو محتجز في مدينة الزنتان الجبلية الغربية، حيث اعتقلته الميليشيات هناك أواخر 2011، بينما كان يحاول الهرب من ليبيا بعد سقوط النظام.

ومنذ أغسطس 2014، كانت الزنتان حليفة للحكومة المعترف بها دوليا التي تعمل انطلاقا من البيضاء في شرقي ليبيا. بينما تسيطر الحكومة المؤلفة من المتطرفين وزعماء ميليشيا مصراتة، والتي تحظى بدعم من جماعة فجر ليبيا، على طرابلس. وفي ظل هذه الحكومة، حكم بالإعدام على سيف الإسلام القذافي ورفاقه. ولما لم تكن هناك حكومة عالمية تعترف بالمسؤولين في طرابلس يشكلون سلطة شرعية، فإنه من غير المحتمل أن أي حكومة ستعترف بأحكام محكمة طرابلس.

وقد ألقى المجتمع الدولي وجماعات حقوق الإنسان بالفعل ظلالا من الشك على وقائع المحاكمة، وتساءل عن مدى الإنصاف والاستقلال اللذين اتسم بهما القضاة والمدعون، ولم يتردد جون جونز محامي القذافي في وصف وقائع المحاكمة بأنها «استعراض محاكمة» قامت به ميليشيات فجر ليبيا.

وعلى الصعيد الداخلي، أثارت الأحكام موجة من الغضب والاستنكار واندلعت مظاهرات في عدة مناطق في جنوب ليبيا وفي سرت معقل القذافي التقليدي، حيث ندد المتظاهرون بالأحكام.

والقضية الكامنة وراء هذا كله هو أن حكومة طرابلس لا تحظى باعتراف يذكر، ومنذ سيطرت على طرابلس في أغسطس الماضي طردت منها الحكومة المنتخبة إلى الشرق، ولم تعترف بها دولة أو مؤسسة عالمية واحدة. وإصدار هذه الأحكام يؤدي إلى نتائج سلبية بالنسبة للأهداف التي توخت حكومة طرابلس من إصدارها.

يأس

بعد قرابة خمس سنوات من مساعدة «ناتو» لجماعات المعارضة في إسقاط نظام القذافي، يشعر معظم الليبيين باليأس حيال الفوضى والافتقار إلى الأمن اللذين يواجههما كل يوم، والعديد منهم ينظرون إلى أحكام المحكمة باعتبارها أعمال انتقام سياسي لا تخدم العدالة أو هدف المصالحة، وهذا يفتح المجال لاضطرابات أوسع نطاقا، ويتعين على أي سلطة حكيمة في طرابلس أن تمعن النظر بجدية بالغة في أي تحرك لإعدام القذافي ورفاقه.

Email