إنهاء نظام القذافي بقيادة إدارة أوباما لا يبرر التملص من حالة الفوضى

دروس للإدارة الأميركية من الحرب على ليبيا

إسقاط نظام القذافي مهد لظهور معاقل داعشية في ليبيا ــ أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

خضع الرئيس الأميركي باراك أوباما في مارس من عام 2011 للضغوط الفرنسية، وقاد تحالف «ناتو» من الخلف لقصف الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، وقد عرضه ذلك القبول للانتقاد بشأن عدم وقوف أميركا في مقدمة الدول المساهمة في إطاحة أنظمة بغيضة من خلال القوة العسكرية.

وبالنظر إلى حالة الفوضى التي أعقبت نظام القذافي في ليبيا، قد تمنح مقولة «القيادة من الخلف» أوباما نوعاً من الغطاء السياسي لما تبين أنه إخفاق تدخل آخر للولايات المتحدة، لكنها يجب ألا تفعل ذلك.

على الرغم من أن فرنسا كانت المحرض السياسي الرئيس للتدخل في ليبيا، إلا أن أميركا لم تتول فعلياً القيادة من الخلف، بل شنت حملة جوية كثيفة، هي الأعنف قبل أن تسلّم دفة الحرب لحلفاء «ناتو» الأقل قدرةً، كما أنها تولت عمليات القيادة الأساسية، والتحكم، والاتصالات والمهام اللوجستية، في مساهمة لا يتمكن من تقديمها أي جيش آخر.

باختصار، حملت عملية إطاحة القذافي باستخدام قوة «ناتو» العسكرية بصمات أميركية واضحة.

وارتكز التدخل «الإنساني» على حجة واهية تشير إلى أن القذافي كان يذبح المدنيين، حسب ما ألمح أوباما في خطاباته الرسمية. إلا أن المهمة التي تمت بقيادة أميركية كانت تحركها على الأرجح دوافع خفية، على غرار مثيلاتها تاريخياً. ناهيك عن أن تاريخ التشهير شكل إغراءً قوياً لفرنسا وأميركا، لم تتمكنا من مقاومته في الاستفادة من استخدام أحداث الربيع العربي للتخلص من القذافي ونظامه بشكل نهائي.

إلا أن الإطاحة بالقذافي، بعد تسليمه برنامج الأسلحة النووية، يعطي مؤشراً سيئاً للدول الطامحة نووياً، يوحي بعدم اعطاء الولايات المتحدة أي مكانة للدول غير النووية. كما ولّد إنهاء النظام موجةً من الفوضى في البلاد، بعد أن شكلت القبائل المتناحرة منافساً شرساً للحكومات، واستغل تنظيم «داعش» اضطراب الأوضاع الأمنية في ليبيا لإنشاء معاقله.

أضف إلى ذلك زعزعة الدول المحيطة بليبيا، بعد أن تدفقت الأسلحة المخزونة لدى نظام القذافي، وأذكت نيران الصراع في كل أنحاء الشرق الأوسط، ووصل جزء منها إلى أيدي المتطرفين في نيجيريا.

كما عاد بعض من مقاتلي الطوارق التابعين للقذافي إلى ديارهم المجاورة في مالي، حيث أطلقوا حركة التمرد في شمالي البلاد، التي اختطفت على يد المتشددين، وحتمت تدخلاً عسكرياً فرنسياً في محاولة للقضاء عليها.

كما عملت القواعد الإرهابية المنتشرة في ليبيا على تدريب المقاتلين المتطرفين لتنفيذ أعمال إرهابية عبر الحدود تضمنت ممارسات ذبح جماعية ضد قطاع السياحة التونسي، وقتل أعداد كبيرة من الناس.

ولا يزال البعض يجادلون بأن إطاحة القذافي كانت ضروريةً لتظهير الأهداف الرمزية في الوقوف إلى جانب حلفاء «ناتو» ومساندة أحداث الربيع العربي، التي تبين أنها لم تكن على هذا القدر من الديمقراطية في النهاية. إلا أن تلك الرمزية تتعثر بالحقيقة الصارخة حول تقويض أمن الولايات المتحدة على يد أسلحة القذافي المنتشرة في الشرق الأوسط، وما نتج عنه من تعطيل داخلي في ليبيا أدى إلى ظهور قواعد تدريب إرهابية، ومعاقل «داعشية» في البلاد.

وعلى الرغم من احتمال وجود بعض المبالغة في ذكر تلك التطورات كتهديدات للولايات المتحدة، إلا أنه يمكن القول إنه من الناحية الأمنية كانت أميركا بحال أفضل أيام كانت لا تزال الأمور تحت سيطرة القذافي في ليبيا.

كيد

القذافي، الذي يعتبر ديكتاتوراً غير ذي شأن كبير، تم تصويره بمظهر شيطاني منذ عهد الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان في الثمانينيات، وكان في زمن تدخل «ناتو» عام 2011 قد تصالح مع الغرب، وسلم برنامج الأسلحة النووية، وكان يزود أميركا بمعلومات استخبارية عن المتشددين.

Email