الرمادي تضع إدارة أوباما أمام اختبار الشفافية والتغيير

واشنطن مطالبة بتحرك يتجاوز الهزيمة

■ واشنطن بحاجة لوضع استراتيجية واضحة بشأن سوريا والعراق | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أقدم مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، أخيراً، على خطوةٍ غابت طويلاً عن أجندة حكومة البيت الأبيض، فقدم شرحاً مفيداً ومعمقاً عن سير معركة الرمادي، كما عرض تقييماً واقعياً للمشكلات التي واجهتها الولايات المتحدة، والارتياب الذي لاقته مخططات الردّ على الهجمات، وواقع أن النصر قد يتطلب سنوات، والمخاطر التي تتربص بها اليوم.

وحملت تلك الخطوة تناقضاً صارخاً مع دوامة التصريحات العقيمة التي أصدرتها وزارة الدفاع عن الحرب ضد «داعش»، في أفغانستان واليمن، لاسيما أنه سبق لها أن أصدرت، رداً على سقوط الرمادي، بيانات كتلك التي جاءت على لسان الجنرال مارتن ديمبسي، الذي قال: «القوات العراقية لم تطرد من الرمادي، بل خرجت. ومسؤولو القيادة الوسطى (واثقون) من أن قوات الأمن العراقية ستستعيد الرمادي».

الشفافية والنزاهة

تستحق الاجتماعات الاستطلاعية لوزارة الخارجية الأميركية القراءة بالكامل، كما التقارير الصادرة عنها، التي تتقن المراوغة والالتفاف على الحقائق. وهي تشكل تناقضاً صارخاً، في الوقت الذي تدل كل المؤشرات على ارتفاع وتيرة التحركات والهجمات الإرهابية على صعيد العالم، وتشير إلى تورط أميركا في «حروب الدول الفاشلة» وتعرضها للهزيمة في كل من أفغانستان والعراق وسوريا واليمن، حيث الجهود الراهنة تبدو ضعيفة جداً، وغير متناسقة مع الحلفاء والشركاء.

وتظهر تلك التقارير بوضوح حقيقة أن الولايات المتحدة تعجز عن صياغة مساعٍ عسكرية فاعلة، في غياب مستوى معين من الشفافية والنزاهة والجوهر، بشكل يتيح خوض نقاش بناء حول ما تفعله، ويظهر أنها انتقت خيارات فاعلة، وتحظى باستراتيجية عملانية تبرر حجم المخاطر أمام المقاتلين على ساحة المعركة، وتثبت أن تلك الجهود تستحق دعم الشعب ومجلس النواب الأميركيين.

لطالما تحدثت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عن مبدأ الشفافية، إلا أن واقع التقارير التي تصدر مبررة الأخطاء، أتى فارغ المضمون وبعيداً عن الموضوعية، واتجه أكثر نحو المزج بين السياسة النظرية والتطبيق وصياغة الحقائق الميدانية.

ويرمز ذلك إلى حقيقة أننا نحتاج لتقارير تصدر عن إدارة أوباما، وتكون منتظمة وصادقة وشاملة في التحدث عن مسار الحرب. كما يظهر الحاجة إلى تشريع نيابي ملزم لإصدار تلك التقارير، وتحرك نيابي أيضاً يتخطى الدعوات الغامضة لوضع «استراتيجية» ما، والهجمات المنحازة التي تستهدف الانتخابات المقبلة، أو تروج لمرشح رئاسي جمهوري معين.

أهمية التقارير

لا بد من وجود تقارير حكومية شاملة تنطوي على تقييم تام لمجريات أحداث كل من الحروب الدائرة، وتبحث في مدى كفاية الجهود المبذولة والخطط المستقبلية. ويتعين على تلك التقارير أن تتضمن محتوىً حقيقياً، ومجموعة كاملة من المعايير الصادرة على أساس ربعي على الأقل. كما يجب أن تخضع لمراجعة خبراء خارجيين، وتحظى بجلسات نيابية هادفة.

لقد وصلت أميركا إلى مرحلة في الحرب ضد «داعش»، والصراع لإحلال نوع من الاستقرار في العراق وسوريا، حيث تبرز الضرورة لتحرك يتخطى التعامل مع هزيمة واحدة بمستوى جديد من المصداقية والعمق. وينبغي قراءة توجيهات وزارة الخارجية، مع التنبه لقضايا أوسع نطاقاً.

إننا لا نحارب «داعش» وحسب، بل نتعامل مع مجموعة من الحركات المتشددة، ونخوض صراعاً إيديولوجياً، حيث القضاء على «داعش» لن يكون كافياً إذا سيطرت جبهة النصرة، أو أي حركة متشددة أخرى على سوريا أو أجزاء منها، أو إذا انقسم العراق إلى مناطق معادية غير مستقرة ذات أغلبية سنية، وأخرى شيعية شرقاً، وكردية في الشمال الغربي.

تحتاج البنتاغون لوضع استراتيجية واضحة بشأن سوريا كما العراق، نظرا لافتقارها إلى ذلك. لا يمكنها ببساطة أن تنتظر وتعقد الآمال على أحد أشكال «الاحتراق» المقبول و/ أو المفاوضات، ويجب أن تتعامل مع مساعي الاحتواء، التي تفتقر للوضوح والتنظيم كبديل أقل جاذبية. قد يكون بذل الجهود الكافية مرادفاً لمغادرة إدارة أوباما مثقلةً بسيل من الحروب المتواصلة، إلا أن الوقت قد حان لكي يتعلم فريق البيت الأبيض الرئاسي أن خسارة الحروب افتراضياً، وعدم الإقدام على أي تحرك ليس بالسجل التاريخي الأفضل.

استراتيجية

لا يمكن لأميركا أن تضع استراتيجية بشأن العراق لا تتطرق إلى موقع إيران ودورها، أو أن تتجاهل الدور الذي تؤديه في سوريا. لا يمكن لها أن تواصل السماح لطهران بالحيلولة دون دفع مهمة الاستشارة والمساعدة لوحدات القتال العراقية قدماً، ودعم مسار الإصلاح السياسي والوحدة.

كما أنه يستحيل وضع استراتيجية للعراق بغض النظر عن سوريا. حيث يشير تقرير وزارة الخارجية الأميركية إلى أن إدارة أوباما تعيد دراسة خيار إرسال وحدات مساعدة وتدريب أكبر وأكثر فاعليةً لمساعدة الجيش العراقي، وتطرق كذلك إلى بطء وتيرة التقدم في تدريب الثوار السوريين المعتدلين، إلا أنه لم يشر إلى أي تحرك للبيت الأبيض في هذا الإطار.

Email