الأسد سلم بالانقسام واقتنع بنهج التركيز على حماية المناطق الاستراتيجية

خسائر النظام السوري تُضعفه من الداخل

■ الحرب السورية أفرزت انقساماً غير رسمي للبلاد | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تبدو الحكومة السورية، حسب وصف الخبراء والدبلوماسيين، وقد أوهنتها سنوات الحرب، مستعدة لتقبل حالة الأمر الواقع الذي يفرض انقسام البلاد، فتدافع عن المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية، وتتخلى عن غالبية مناطق سوريا للمعارضين والمقاتلين.

وقد تجلت تلك الاستراتيجية بوضوح، أخيراً، مع انسحاب الجيش النظامي من مدينة تدمر القديمة، بعد توغل مقاتلي «داعش» فيها. وبرر وضاح عبد ربه مدير تحرير صحيفة «الوطن» السورية المقربة من النظام الأمر بالقول: «من البديهي أن ينسحب الجيش السوري لحماية المدن الكبيرة، حيث الغالبية السكانية. على العالم أن يفكر ما إذا كان نشوء دولتين إرهابيتين يصب في مصلحته، أو لا». وذلك في إشارةٍ إلى إعلان تنظيم «داعش» عما سماه «الخلافة» في سوريا والعراق، ومخططات جبهة النصرة، الموالية للقاعدة، في إنشاء «إمارةٍ» لها شمالي سوريا.

منذ انطلاقة الأحداث المناهضة لنظام الأسد في مارس 2011 عبر تظاهرات سلمية، فقدت الحكومة أكثر من ثلاثة أرباع الأراضي السورية، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

إلا أن المناطق التي يسيطر عليها النظام تضم بين 50 و60 بالمئة من الشعب السوري، وفقاً لما ذكره عالم الجغرافيا والخبير بالشؤون السورية، فابريس بالانش، وقال: «لاتزال حكومة دمشق تملك جيشاً قوياً، وتحظى بدعم جزء من الشعب. إننا نتجه نحو انقسام غير رسمي ذي متاريس قابلة لمزيد من التغييرات».

وتقع مناطق واسعة في شمالي سوريا وشرقها وجنوبها تحت سيطرة المقاتلين المتشددين والثوار، في حين اتسم الاعتداء الأساسي الأخير للنظام على حلب في فبراير الماضي بالفشل، واقتصر التحرك القتالي الوحيد للنظام اليوم على منطقة القلمون الممتدة على الحدود مع لبنان.

وقال دبلوماسي يزور سوريا بانتظام: «لقد أصبح الجيش السوري اليوم حارساً إمبراطورياً يتولى حماية النظام». وأشار إلى أن الأوضاع الراهنة عكست حالة «من القلق بالطبع» على المسؤولين السوريين، إلا أنهم لا يزالون مقتنعين بأن حلفاء النظام الأساسيين، مثل روسيا وإيران لن يسمحا بسقوط الحكومة.

وقال هيثم منا، المعارض للنظام: «لقد حضت إيران السلطات السورية على مواجهة الحقائق، وتغيير نهجها لحماية المناطق الاستراتيجية فقط».

وقد يكون هذا التغير ناجماً عن تلاشي قوات النظام الثلاثمئة ألف، والتي شهدت اضمحلالاً بفعل الاقتتال والاستنزاف، وفقاً لآرام نيرغوزيان من المعهد الأميركي للدراسات الاستراتيجية والدولية، حيث قال: «يبدو النظام، في الظاهر، أنه سلّم جدلاً بضرورة البقاء آمناً، والحفاظ على مناطق سيطرته والدفاع عنها، بمزيج من القوى».

إلا أن الاستراتيجية الجديدة لا تشير إلى انهيار النظام، بل إنها تصب في صالحه على الأرجح.

وقال توماس بييريت، الخبير بالشؤون السورية: «يتعين على النظام التخفيف من مستوى توقعاته، والتركيز على محور دمشق حمص والساحل السوري، لاسيما أنه لا يزال يملك من الناحية العسكرية الوسائل التي تفرض سيطرته على النصف الشمالي الشرقي للبلاد، لكن المزيد من الخسائر قد يضعفه من الداخل».

حتمية

قالت إحدى الشخصيات السورية المقربة من النظام، رفضت الكشف عن هويتها: «الانقسام في سوريا أمر لا مناص منه، فالنظام يريد فرض السيطرة على الساحل والمدينتين المركزيتين الأساسيتين حمص وحماة والعاصمة دمشق.

Email