العراق يوازن بين تهديدات «داعش» وعدم الانزلاق إلى صراع طائفي

استعادة الرمادي أولوية الحكومة العراقية

■ سقوط الرمادي شكل خسارة مذلة للجيش العراقي | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعد سقوط الرمادي عاصمة المناطق السنية في العراق نكسة حقيقة للحكومة في بغداد وللجهود التي تقودها الولايات المتحدة للقضاء على تنظيم «داعش» المتطرف، وعلى غرار الصورة المحبطة المتأتية من وسط العراق، هناك صورة أكثر قتامة بشأن التطورات التي تشير إلى الكيفية التي يمكن فيها للعراق مواجهة «داعش» وتجنب الانزلاق في صراع طائفي يهدد الوحدة الوطنية.

وقد تجمع الآلاف من ميلشيا الحشد الشعبي الشيعية في قاعدة للجيش العراقي شرقي الرمادي للتحضير لمعركة لاستعادة المدينة، بعد أن ساندت الضربات الجوية الأميركية القوات العراقية.

ووافق رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على المشاركة في المعركة التي تدعمها المليشيات الشيعية، وذلك بعد أن كان رفض التدخل بداية عاقداً الأمل على تمكن قوات الجيش من السيطرة على الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار.

وتتحرك المليشيات في الرمادي بدعم من مجلس محافظة السنة في الأنبار، وزعماء العشائر السنية، ما يزيد من احتمال استعادة المليشيات الشيعية ورجال القبائل السنية والقوات الحكومية للرمادي.

خطر الاقتتال الطائفي

ويظل هناك احتمال محفوف بجميع أنواع المخاطر، مثل الاقتتال الطائفي بين جماعات تعمل باتجاه الهدف ذاته لمواجهة خطر عمليات التطهير التي شنتها القوات الشيعية في المدينة السنية لدى انتهاء القتال، وقال بعض المحللين في المنطقة، إن نصرا متأتيا من اجتماع القوى السنية والشيعية والحكومة قد يجر العراق إلى صراع طائفي مثل الذي تعانيه سوريا للعام الخامس على التوالي

يقول المحلل السياسي هنري باركي: «لا شك في أن سقوط الرمادي يعتبر كارثة كبيرة، ولن يكون من السهل عكس هذه المعادلة، التي تقدم صورة مرعبة جداً عن قدرة «داعش» تنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق، وأضاف: إذا استطاعت المليشيات الشيعية استعادة المدينة بمشاركة نسبية للسنة، فإن ذلك سيكون مؤشراً جيداً، وبحسب التعبير القديم القائل: «يكمن الدليل في التصرف»، لا سيما من حيث كيفية إدارة المليشيا الشيعية للعمليات العسكرية في مدينة ذات غالبية سنية، تبعد مسافة ساعة ونصف الساعة غربي بغداد، وأشار إلى أن من الممكن للمعركة المقبلة أن تنتهي إيجابياً ولكن فقط في حال توفرت شروط ثلاثة، وهي إذا نجحت المليشيات في استعادة الرمادي من دون إحداث دمار هائل فيها، وإذا لم تتعرض المدينة للنهب، وإذا تعاملت المليشيا ببسالة تجاه السنة، وتصرفت كما لو كانت جيشاً عراقياً بدلاً من حقيقة أنهم قوات شيعية، ويمكن للعراق استخدام نموذج التعاون الطائفي.

فشل العبادي

ورزحت الأنبار تحت تهديد سيطرة «داعش» منذ أن زحفت عناصر التنظيم نحو شمالي العراق واحتلت الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق في يناير عام 2014، وأخيراً، تعهد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بعدم سقوط الرمادي، إلا أن عناصر «داعش» المدربة على تنفيذ عمليات انتحارية أثبتت أنه لا يمكن وقفها.

وقال باركي: الوضع هنا بات يشبه على نحو متزايد سوريا التي مزقتها الحرب، حيث حكومة بشار الأسد والطائفة العلوية مزقت دمشق ومناطق أخرى من العالم، وقد أصبحت غالبية مناطق البلاد تحت سيطرة السنة المعتدلين، وأضاف: وفي العراق وصل الأمر إلى سيطرة الحكومة على بغداد وجنوب البلاد ومناطق أخرى أيضاً.

إحدى هذه المناطق هي مدينة تكريت في محافظة صلاح الدين ذات الغالبية السنية، الواقعة شمالي العراق، وقد تمكنت المليشيا الشيعية التي دعمتها الضربات الجوية الأميركية من انتزاع تكريت من سيطرة «داعش» أواخر مارس الماضي، وقد يكون من المبكر القول بأن تكريت أصبحت مثالاً على النصر العسكري في الرمادي بعدما تمكنت المليشيات من طرد «داعش» من هناك.

موجة الأعمال الانتقامية التي تم التنبؤ بأنها قد تتبع دخول الشيعة إلى تكريت لم تتحقق، إلا أن المخازف المتواصلة من المليشيات ثبطت آمال كثير من السكان السنة بالرجوع إلى المدينة.

فشل

قال العقيد ستيف وارن، المتحدث باسم البنتاغون: إن فشل قيادة وتكتيك قوات الأمن العراقية هو أحد الأسباب التي تفسر فشل استعادة مدينة الرمادي من «داعش»، وأضاف: لقد تخلت قوات الأمن العراقية عن المعدات العسكرية عندما تركت المدينة، بما في ذلك مئات المركبات ونحو 6 ناقلات جند مدرعة وعدد قليل من قطع المدفعية.

وأشار إلى أن معظم المعدات قد تكون غير صالحة للعمل.

وذكر أن الولايات المتحدة واثقة من قدرة العراق على استعادة المدينة في نهاية المطاف على الرغم من الصعوبات الكثيرة.

وهذا الأمر على غرار ما قاله الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة.

Email