سيناريو «العراق ــ ليبيا ــ سوريا» ألقى بظلاله على التطورات اليمنية

غياب الاتفاق يفجر الصراع في اليمن

القوات اليمنية قامت بدور بالغ التعقيد في الحرب أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد 4 سنوات من محادثات السلام ومن الصراعات الدموية المتصاعدة التي أقنعت اليمنيين بافتقار نخبتهم السياسية للحد الأدنى من الكفاءة، فإنهم يجدون أنفسهم في مواجهة أقصى ذروة وصل إليها الصراع في بلادهم. ولكن هناك فارق واضح الآن، وهو أن الأطراف المتصارعة أصبحت واضحة تماماً في نواياها، فهي تنطلق بلا نهاية في طريق الحرب، خصوصاً مع تدخل دول مجلس التعاون في القتال الدائر على أرض اليمن.

ويأتي هذا التدخل بناء على طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من مجلس التعاون، المبادرة بالتدخل عسكرياً لمساعدته على استعادة صنعاء، العاصمة التي استولى عليها الحوثيون في إطار اندفاعهم لاستكمال مخططهم الرامي إلى إحكام قبضتهم على باقي البلاد، رغم أن القوات اليمنية استطاعت صدهم في بعض مناطق الجنوب. واتهم الرئيس اليمني الحوثيين بأنهم عملاء لإيران، ووعد بأنه لن يتوقف إلا بعد أن: «نرفع العلم اليمني بدلاً من العلم الإيراني على جبال مران»، وذلك في إشارة إلى معقل الحوثيين في شمال اليمن.

استهداف

وفي معرض الرد عـــلى ما قاله هــادي، بادر عبدالملـــك الحوثي زعيم الحوثيون إلى اتهام الرئيس اليمني بأنه هو الذي يشكل جزءاً من مـــؤامرة تستهدف اليمن. وألقى باللائمة على هادي في ما يتعلق بالهجمات الدمــــوية التـي تعرضت لها دور العبادة اليمنية أخيراً، وصعد القتال باقتحام أبرز مدن الجنوب واعتقل وزير الدفــــاع اليمني المستقيل محمود الصبيحي.

وفي غضون ذلك، تمضي قوات الحوثيين والوحدات العسكرية الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح في دعم سيطرتها وتوسيع نطاقها، وذلك في إطار ما يبدو بوضوح أنه استهداف لما تبقى من أرجاء اليمن.

وكان جمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن الذي أشرف على 3 جولات من محادثات السلام منذ عام 2011، قد بذل جهوداً مكثفة لإقناع الأطراف المتصارعة بالمشاركة في جولة جديدة من المفاوضات، رغم أن المراقبين أشاروا إلى عبثية تلك الجهود التي تبذل وسط دوي المدافع.

السيناريو الأسوأ

وحذر بن عمر من أنه إذا لم يمكن التوصل إلى اتفاق، فإن اليمن يواجه سيناريو «العراق - ليبيا - سوريا»، وقال طرفا الصراع إنهما يرغبان في التوصل إلى اتفاق، ولكن كلاً منهما يريد هذا الاتفاق وفق شروطه. ويذهب الحوثيون إلى القول إن هادي الذي استقال من منصبه في يناير الماضي بعد أن وضعه الحوثيون رهن الإقامة الجبرية في داره، ولكنه عاد عن قراره، لم يعد يتمتع بأي شرعية بحسب رؤيتهم، وشددوا على تشكيل مجلس رئاسي جديد لإدارة البلاد إلى أن يصبح بالإمــــكان إجراء انتخابات شاملة في اليمن. وبالمـــــقابل قال الرئيس اليمني إنه لن يشارك إلا في محادثات يتولى رئاستها.

وحتى إذا كان بمقدور بن عمر إقناع الجانبين المتصارعين بالجلوس إلى مائدة المفاوضات وهو ما يبدو مستحيلاً في ضوء التطورات الدموية الأخيرة واندفاع الحوثيون جنوباً، فإنه لن تكون هناك بين الجانبين إلا ثـــقة محدودة. ووفقاً لآخر صـفقة سلام بين الجانبين، والتي تم توقيعها بعد أن استولت القوات الحوثية على صنعاء في سبتـمبر الماضي، فإنه يتعين اقتسام السلطة بشكل أقرب إلى المساواة بينما ينسحب الحوثيون من العاصمة اليمنية. ولكن ما حدث هو أن ميليشيات الحوثيين ظلت في موضعها وعندما لم تقتنع بمسودة الدستور بادرت إلى محاصرة بيت هادي إلى أن تمكن من الفرار منه.

تمدد خارجي

يشير المراقبون إلى أن الرئيس اليمني عبد ربه هادي لا يمكنه أن يأمل في الانتصار في هذه الحرب ضد تحالف الحوثيين وعلي عبدالله صالح، غير أنه بوضعه شروطاً يعرف أن الحوثيين لن يقبلوها، أظهر أنه يعتقد أن بمقدوره استعادة السلطة بدعم خليجي. ويبدو أن دول مجلس التعاون الخليجي على استعداد لبذل قصارى جهدها للحيلولة دون أي تمدد خارجي في المنطقة.

Email