برنامج الطائرات الموجهة عن بعد لم يحقق أهدافه

أسرار فشل «النموذج اليمني» للتدخل الأميركي

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

 استشهد الرئيس الأميركي باراك أوباما في سبتمبر الماضي، ببرنامج الطائرات الموجهة عن بعد في اليمن، كنموذج ناجح لاستراتيجية الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب. وقال إنه سيوظف هذا النموذج اليمني في جهوده لـ «تفكيك تنظيم داعش وتدميره في النهاية» في كل من العراق وسوريا. لكن الحكومة اليمنية سقطت أخيراً في اليمن، والسفارة الأميركية في العاصمة صنعاء اضطرت لترحيل طاقم موظفيها وإيقاف عملياتها.

وإذا كانت اليمن تمثل نموذجاً من نوع ما، فإنه نموذج لمقدار الفشل الجسيم لعمليات التدخل الأميركي.

في عام 2011، تحولت الولايات المتحدة ضد الرئيس اليمني، الدكتاتور الذي قضى فترة طويلة في الحكم، علي عبد الله صالح، ودعمت تحركاً نجم عنه تولي زعيم آخر أكثر وداً للولايات المتحدة، في ثورة «ملونة». والرئيس اليمني هادي عبد ربه تولى مقاليد الحكم في عام 2012، وسرعان ما أصبح مؤيداً قوياً لبرنامج الطائرات الموجهة عن بعد الأميركية في بلاده ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

لكن هادي أجبر على الاستقالة من منصبه في انقلاب أخيراً. وتفيد وسائل الإعلام بأن الولايات المتحدة خسرت بعضاً من قدراتها الاستخبارية في اليمن، ما يجعل مواصلة ضربات الطائرات الموجهة عن بعد أكثر صعوبة. لكن البيت الأبيض قال لاحقاً إن برنامج الطائرات الموجهة عن بعد التابع له سيواصل عمله كما في السابق، على الرغم من حل الحكومة اليمنية.

وفي أول غارة جوية أميركية بعد الانقلاب، قتل فتى في الثانية عشرة من عمره، ضمن ما يسمى على نحو مقزز بـ «الأضرار الجانبية»، وزعم بأن اثنين من «مسلحي القاعدة» قضوا أيضاً في الغارة.

والحكومة الأميركية قتلت عشرات المدنيين على الأقل في اليمن، لكن حتى الذين تعتبرهم الحكومة «مسلحين» قد يتبين في الواقع أنهم مدنيون..
 

ذلك أن إدارة أوباما تحسب أي رجل في سن الخدمة العسكرية في المنطقة المحيطة بالهجوم كمقاتل. وكان تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قد أعلن مسؤوليته عن إطلاق النار الأخير على مقر مجلة «شارلي إبدو» في باريس أخيراً. وواحد على الأقل من المتهمين قال إن دافعه لشن الهجوم، الغضب من السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.

فشل متواصل

فهل هناك من يتساءل بعد 14 عاماً من هجمات الطائرات الموجهة عن بعد، وما أسفرت عنه من قتل أكثر من 800 من مسلحي القاعدة، لماذا لا يزال هناك الكثير منهم، كما يبدو؟ وكما تساءلت مجلة «سلايت» في مقالة أخيراً: «ماذا لو كانت الطائرات الموجهة عن بعد هي جزء من المشكلة؟».

وهذا السؤال يدخل في صميم الاستراتيجية الأميركية لمكافحة الإرهاب. ماذا لو كانت نزعة التدخل الأميركي عموماً، وغارات الطائرات الموجهة عن بعد، بوجه خاص، هما اللذان يحفزان الكثير من الناس للانضمام الحركات المتشددة المناهضة لأميركا؟

ويرتبط تفكك اليمن مباشرة بسياسة الطائرات الأميركية الموجهة عن بعد، ويرتبط تفكك ليبيا مباشرة بالتدخل العسكري الأميركي هناك. أما الفوضى وأعمال القتل في سوريا، فترتبط ارتباطاً مباشراً بدعم الولايات المتحدة لجهود تغيير النظام. أليس هناك نمط لما يجري هنا؟

والدرس من اليمن ليس مواصلة المسيرة التي فشلت فشلاً ذريعاً، بل إنهاء السياسة الخارجية الفاشلة التي تقتل المدنيين وتوجد المتطرفين وتجعلنا أقل شعوراً بالأمان.

سياسة

ماذا لو كانت السياسة الخارجية الغربية بنزعتيها التدخلية والعسكرية، هي التي تدفع الناس لإطلاق النار على مكاتب المجلات، ومحاولة إعادة الإرهاب إلى الدول التي يعتبرونها معتدية.

وهذا هو السؤال الذي يخشاه مؤيدو التدخل أكثر من غيره. وإذا كان رد الفعل السلبي حقيقي، وإذا كان الناس في الشرق الأوسط لا يكرهوننا لأننا أغنياء وأحرار إلى حد بعيد، بل بسبب ما تفعله حكومتنا بهم، فإن التدخل الأميركي يجعلنا أقل أمناً وحرية.

Email