11 اتجاهاً تؤكد قدرة واشنطن على مواجهة مشكلاتها الخاصة

أميركا بحاجة إلى تسويات معقولة لقضايا ملحة

الجيش الأميركي نجا من تبعات الحرب في العراق وأفغانستان- أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

 تبدو الاتجاهات الاقتصادية على المدى القصير في الولايات المتحدة مشجعة. فالبطالة منخفضة، والنمو مرتفع، والعجوزات هي أقل من نصف ما كانت عليه خلال مرحلة «الكساد العظيم»، وقد تراجعت أسعار البنزين، وقلص المواطنون الأميركيون ديونهم بشكل كبير، وأصبحت ثقة المستهلك في وضع إيجابي للغاية.

وهذه الحقائق بالنسبة لكثيرين هي مجرد مسكنات لإخفاء أوضاع مضطربة. وهم يرون أميركا في تراجع، حيث تتقاذف طبقاتها الوسطى الأقدار، وتترسخ المرارة السياسية في موضوعات مثل الهجرة .

لكن تلك المشاعر لا أساس لها من الصحة، فيما يتعلق بالولايات المتحدة وأميركا الشمالية. والعناوين الإيجابية الأخيرة تبشر بنوع المستقبل الذي يمكن أن تتمتع به هذه البلاد، خصوصاً إذا تمكن القادة السياسيون من إحراز تسويات معقولة لا تتطلب كبير مشقة حول القضايا التي تستوجب الانتباه.

والولايات المتحدة، في الواقع، في وضع أفضل من أي دولة أخرى على مدى السنوات العشرين أو الثلاثين المقبلة، وعلى الأرجح ما بعد ذلك.

وجنباً إلى جنب مع كندا والمكسيك، تتمتع الولايات المتحدة بموارد من المزايا التنافسية التي تعزز بعضها بعضاً في مجال الجغرافيا السياسية، والتركيبة السكانية، والطاقة، والموارد الطبيعية، والتصنيع، والقدرة التنافسية الصناعية، وفوق كل شيء، الابتكار والتكنولوجيا. وإذا كان القرن العشرون هو القرن الأميركي، فإن القرن الحادي والعشرين سيكون قرن أميركا الشمالية.

الاتجاهات المواتية

والاتجاهات المواتية ترسخت، بل حتى تسارعت، في السنتين الماضيتين، ومن هذه الاتجاهات ما يلي:

* تعد الولايات المتحدة الآن أكبر منتج في العالم للنفط المسال والغاز الطبيعي، مع وجود كل من كندا والمكسيك كجهتين فاعلتين مهمتين في مجال الطاقة أيضاً.

* التصنيع في الولايات المتحدة، في الوقت الذي لايزال بعيداً عن أوج ازدهاره، ولكن أضيفت مئات الألوف من الوظائف على مدى السنتين الماضيتين، والمكسيك الآن في وضع تنافسي بالكامل مع الصين، وغيرها من مراكز التصنيع الآسيوية في مجموعة متنوعة من الصناعات.

* تتزعم الولايات المتحدة العالم في القطاعات عالية التكنولوجيا، مثل الطيران وصناعات الأدوية.

* العجز في الميزانية الفيدرالية الأميركية: على الرغم من أن هذا العجز لا يزال مرتفعاً جداً، إلا أنه يقل عن نسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي، والدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي استقر عند نسبة 75%.

* ديون العائلات الأميركية نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي انخفضت بشكل كبير عن مستويات ما قبل الكساد العظيم.

* ثقة الأعمال التجارية الصغيرة هي في أوجها منذ تسع سنوات، كما أن ثقة المستهلك هي في أعلى مستوى لها منذ 11 عاماً.

*معدلات الجريمة في أميركا هي في أدنى مستوى لها منذ جيل كامل.

*التركيبة السكانية في أميركا هي إلى حد بعيد في أفضل وضع بين الاقتصاديات المتقدمة، بما في ذلك روسيا والصين والهند، مع معدل نمو سكاني سنوي جيد ومطرد عند 1%.

*الجيش الأميركي: على الرغم من ضغوطات الميزانية والأوضاع الخطرة، فقد نجا هذا الجيش ليس فقط من وطأة حربي العراق وأفغانستان، وإنما أيضاً من فأس «الاقتطاعات الآلية في إنفاق الحكومة الفيدرالية» وضغوط الميزانيات على مدى نصف عقد من الزمن.

* ألمانيا والولايات المتحدة: وفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، فإن هذين البلدين متساويان في ادعائهما أن كلاً منهما الاقتصاد الأكثر تنافسية. وقوة أميركا المتمثلة في حجم السوق وثقافة العمل الريادي والشبكات المالية تعادل تقريباً قوة ألمانيا في التصنيع الحديث والتماسك الاجتماعي.

* نمو الناتج المحلي الإجمالي في أميركا تجاوز الآن 3%. ويبدو في الوقت الحاضر أن الاقتصاد الأميركي للمرة الأولى منذ تسع سنوات، ينمو بأكثر من نمو الاقتصاد الصيني بالقيمة المطلقة للدولار.

وهذه النقطة الأخيرة تعتبر حاسمة. فالصين حققت إنجازات تاريخية، لكن صعودها إلى مصاف القوى العظمى ليس من المعطيات المفروغ منها.

وبالتأكيد، هناك الكثير الذي تحتاج الولايات المتحدة إلى القيام به أيضاً، لكنها أكثر من أي دولة أخرى على كوكب الأرض، ويمكن القول من أي دولة في التاريخ، لديها القدرات اللازمة لمواجهة مشكلاتها وجهاً لوجه. وواضعو السياسات في واشنطن لا يحتاجون إلى إنقاذ البلاد من الهاوية بقدر ما يحتاجون إلى إجراء تسويات معقولة محدودة النطاق على عدد من السياسات، أو تجاوزها للقيام بأشياء أخرى.

قدرات

هناك الكثير الذي تحتاج الولايات المتحدة للقيام به لتعزيز أوضاعها، من إصلاح شامل للهجرة، إلى مراجعة شاملة لنظامها التعليمي. والطبقات الدنيا والوسطى في أميركا شهدت نمواً في الأجور الحقيقية بحدودها الدنيا منذ الكساد العظيم. ولاتزال معدلات الجريمة مرتفعة بالمقاييس الغربية..

والعجز الأميركي سوف يصبح في وضع أكثر سوءاً مجدداً في غضون نصف العقد المقبل أو نحو ذلك، إذا لم يتم فعل شيء بالنسبة للإنفاق على برامج الاستحقاقات والإصلاح الضريبي. وفوق ذلك، فإن بيئة البلاد التحتية بحاجة إلى تحسينات كبيرة. وطبعاً، يبقى التغير المناخي تهديداً مسلطاً عليها، كما تهديد الجماعات المتطرفة وإيران وروسيا.

لكن الولايات المتحدة، لديها القدرات اللازمة لمواجهة مشكلاتها أكثر من أي دولة أخرى.

Email