الدعم ضروري للقضاء على «داعش» في العراق وسوريا بالتوازي

واشنطن تدير ظهرها للجيش الحر وتتجه جنوباً

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

 

أقر مجلس الشيوخ الأميركي، أخيراً، بشق الأنفس قانون تمويل الحكومة لبقية عام 2014، في حين أغفل عنصراً مهماً ولافتاً، يتمثل بطلب إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما اعتماد مبلغ 300 مليون دولار، لتوسيع البرنامج السري لوكالة الاستخبارات المركزية لتمويل الثوار السوريين «المعتدلين».

الطلب الذي كان مسؤولو الإدارة يضغطون لإقراره أخيراً، عطّلته لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي، الذي طالما راودته شكوك جدية حول تلقي الجيش السوري الحر والمجموعات الأخرى، بشكل سري ولسنوات، السلاح من أميركا وحلفائها، وفق ما قاله مسؤولون في الإدارة.

وأكد قادة المعارضة السورية أن الجيش السوري الحر، بغياب الدعم، يكافح للحفاظ على مواقعه المتبقية في شمالي سوريا، وإحراز بعض التقدم في مواجهة «داعش»، ونظام الرئيس السوري بشار الأسد.

أصوات معارضة

لكن ليس كل من في البيت الأبيض سيحزن على قرار إسقاط هذا المبلغ من قانون الإنفاق، ويتشارك أعضاء مجلس الشيوخ وعدد من مسؤولي الإدارة الأميركية خيبة الأمل حيال الثوار السوريين، عقب الخسائر التي لحقت بهم بوجه نظام الأسد و«داعش»، وجبهة النصرة في المدن السورية الشمالية مثل إدلب.

ويسود الإحباط تحديداً من أن تلك الإخفاقات قد أسفرت عن وصول بعض الأسلحة الأميركية الثقيلة إلى أيدي المتشددين.

وقد اتخذت إدارة أوباما سلسلة من الخطوات التي عكست هذا الاستياء، واعتمدت سياسة النأي عن المقاتلين في الشمال، ووقف إمداد السلاح، ورفض لقائهم المسؤولين العسكريين الأميركيين، في الوقت الذي يكافحون للصمود في حلب، كبرى المدن السورية.

تغيير الاتجاه

أكد قادة الجيش السوري الحر، وممثلو التحالف الوطني السوري أنه قد تم إيقاف جميع أشكال الدعم الضئيل المقدم لهم من ائتلاف الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة.

وشدد مسؤولون في الإدارة الأميركية على وجود عملية إعادة توجيه متعمدة لإمدادات السلاح، بعيداً عن المجموعات الثورية الموجودة في الشمال. ويصر المسؤولون الأميركيون على أن هذه الخطوة تشكل إعادة تركيز للجهود ونقلها من الشمال إلى الجنوب، وليس تراجعاً في الالتزام الأميركي بمساعدة الثوار.

ورأت مجموعات الجيش السوري الحر في وقف الإمدادات العسكرية إشارة أخرى إلى نظرة الإدارة الأميركية لها واعتبارها شريكاً غير موثوق، في الوقت الذي تصنفها الأوساط السورية الداخلية حليفاً للغرب.

ويشير المسؤولون في البيت الأبيض، عند مواجهتهم بشكاوى الثوار المتعلقة بالدعم العسكري، إلى برنامج تدريب وتجهيز المقاتلين بقيادة أميركا، باعتباره خطة الإدارة الأميركية الرئيسة لمحاربة «داعش»، ومواجهة الأسد.

تشكيك مبرر

إلا أن أوساط الجيش السوري الحر تؤمن بعدم جدية البيت الأبيض بشأن الجهود، لا سيما أن برنامج التدريب قد واجهته الكثير من العقبات والتأخير، كما أنه اقتصر، على الرغم من ميزانية سنوية بلغت خمسمئة مليون دولار أميركي، على تدريب خمسة آلاف عنصر في السنة.

ولم يعقد الجنرال مايكل ناغاتا، مدير البرنامج، أي لقاء مع الجيش السوري الحر، أو التحالف الوطني السوري، وعملية التجنيد لم تبدأ بعد.

كشف مسؤول سابق في البنتاغون أن البيت الأبيض قد منع ناغاتا من لقاء الثوار، وأضفى ذلك تعقيداً على الجهود العسكرية لإطلاق برنامج التدريب والتجهيز، وأحبط القادة العسكريين المتحمسين لخوض القتال، إلا أن أليستير باسكي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي نفى الأمر تماماً.

هناك بعض الأوساط المشككة في عزم الإدارة الأميركية على مساعدة الثوار، وقد قال مايك فلين الجنرال المتقاعد ومدير وكالة الاستخبارات الدفاعية، إن الإدارة لم تتواصل مع الضباط العسكريين السوريين المنشقين، الذين قد يشكلون قوة نظامية محترفة، وأكد أن الخطة لمحاربة «داعش» تركز على العراق أولاً لوجود شريك لأميركا موثوق أكثر هناك.

يؤكد طلب البيت الأبيض بتمويل الموازنة سرياً على سياسة أميركية متضاربة ومشوشة في سوريا.

ويبدو أن إدارة أوباما تراهن على أن تخفيف حدة العنف في سوريا قد يؤدي إلى مفاوضات جديدة مع الأسد، حيث لا تشير الأدلة إلى موافقته هو أو «داعش» على ذلك. وإذا خسر الجيش السوري الحر آخر معاقله في حلب، بسبب غياب الدعم الدولي، فإن مخاوف الإدارة الأميركية من عدم وجود شريك موثوق في سوريا قد تصبح نبوءة محققة لذاتها.

أخطاء

قال أبو شهبندر، المستشار الأعلى للتحالف الوطني السوري: «تشكل المبالغ المطلوبة مؤشراً حاسماً على الشراكة القائمة بين الولايات المتحدة ومقاتلي الجيش السوري الحر، وتأتي في توقيت مهم جداً».

ويعتقد المراقبون ممن يعرفون سوريا جيداً أن الاستراتيجية الأميركية هناك مشوبة بالأخطاء، ويرى روبرت فورد، السفير الأميركي السابق إلى سوريا، وجود مشكلتين أساسيتين تتمثل أولاهما بسعي الإدارة الأميركية لوقف «داعش» في العراق، من دون خطة حقيقية لهزيمته في سوريا، وتكمن الثانية في اعتقاد أميركا أنها قادرة على إقناع الجيش السوري الحر بالمصادقة على خطتها بـ«تخفيف» وطأة قتال نظام الأسد.

وقال أندرو تابلر، أحد كبار الباحثين في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إنه في حين تصح مخاوف الإدارة الأميركية حيال قدرات الجيش السوري الحر على القتال، فإن قطع الإمداد عنه يزيد الأمور تعقيداً.

Email