اتهم إدارة أوباما بتهميش أميركا في الشرق الأوسط

كيسنغر يدعو إلى ضرب «داعش» بقوة لحسم الموقف

هنري كيسنغر انتقد بشدة سياسة أوباما في الشرق الأوسط أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

أجرت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية مقابلة مع هنري كيسنغر، مستشار الأمن القومي الأسبق للرئيس الأميركي، أكد فيها ضرورة أن تبادر الولايات المتحدة الأميركية إلى مهاجمة «داعش» لحسم الموقف الراهن. وشدد على أن الهجوم كان ينبغي أن يحدث قبل الآن، وأعرب عن اعتقاده بأن إدارة أوباما قد حولت أميركا إلى مراقب من بعيد في منطقة الشرق الأوسط.

وفيما يلي نص الحوار:

أكد كيسنغر على ضرورة شن هجوم شامل على تنظيم «داعش»، يتسم حسب قوله بمدة محدودة وإجراءات صارمة. ووصف ممارسات «داعش» بأنها تشكل إهانة للمجتمع الدولي وقيمه، وهي تتطلب «انتقاماً شديداً». ويضيف أنه لا يمكن أن يكون هناك المزيد من النقاش حول مواجهته.

ويتابع كيسنغر بصيغة العتاب قائلاً إن أميركا أصبحت في ظل حكم أوباما بمثابة المتفرج على الوضع في الشرق الأوسط حتى الآن، معتبراً أنه يمكن لذلك أن يكون أمراً جوهرياً بالنسبة لعدد من الأهداف المعروفة. كما أن كيسنغر لا يفرق بين سوريا والعراق في قتال «داعش»، معرباً عن اعتقاده بوجوب شن الحرب عليه بصورة فورية.

ويصمت كيسنغر، لدى سؤاله عن رأيه بسياسة أوباما الخارجية لبرهة، قبل أن يقول إنه يميل إلى التعاطف مع جدلية أننا نعيش عصراً جديداً. يبدو أن أوباما لا يقيّم توق الدول الأخرى للإرشاد الأميركي. ويقول كيسنغر إن أميركا لا تملك قوة فرض رغباتها، لكن من دون قيادتها، لا يمكن إيجاد النظام الجديد. وقال إن الرئيس الأميركي لا يعلم ما الذي يجعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتراجع، ويضيف بسخرية إنه لا يعلم ما إذا كان أوباما سيشتهر عبر التاريخ في فهمه السيكولوجي للآخرين.

فأوباما، وفقاً لكيسنغر، أبدى «رد فعل مبالغ فيه كثيراً» حيال اعتداء بوتين على القرم وأوكرانيا، وحصول تصعيدات أسبوعية تركت الغرب «على الهامش». لكن، مع ذلك، لا ينبغي تعريض روسيا للإذلال، كما يجب فهم تصرفات بوتين من المنظور التاريخي، لأنها ساهمت في إحداث التوازن.

ويشدد على أهمية أن تسعى الولايات المتحدة إلى تحديد شكل الأحداث، بدلاً من مقارعتها. ويعتبر أنه كان من الضروري محاولة إجراء محادثات معمقة مع روسيا، ليس للنظر في كيفية إصلاح الأوضاع الراهنة، بل «لتحديد نوع العالم الذي نريد».

ويتابع متسائلاً: «هل نريد لأوكرانيا أن تكون نقطة ارتكاز استراتيجية لأحدهم؟ أو نريد أن تتمتع بحرية تحديد مسارها، وتشكل جسراً يربط بين الشرق والغرب؟ إن اتخذنا مثل هذا القرار، فسنتمكن من العمل عليه بجدية».

ويقر كيسنغر، في مجال آخر، بأن الرئيس أوباما لم يسعَ إلى طلب مشورته مطلقاً، بل كان يطلب إليه القيام ببعض الأمور، مثل إيصال رسالة ما لقائد أجنبي سيقابله. علماً أن وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، المرشحة لأن تكون الرئيسة المقبلة لأميركا أقرت بأنها كانت تلجأ إلى مشورته، حين كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية.

دعم كيسنغر اجتياح العراق، وهو يصرّ على أن قرار خوض الحرب، الذي اتخذه كل من الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، ورئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير، كان عن حسن نية. إلا أنه مستعد اليوم للاعتراف بأنه كان مخطئاً بدعمه ربما، ويبرر ذلك بأن ما كان لأحد أن يجزم بوجود أسلحة دمار شامل في العراق أو لا.

وينفي، من هذا المنظار اتهامات اليسار له بأنه، كأب للسياسة الواقعية الأميركية، لا يبالي بحقوق الإنسان.

ويختم كيسنغر الحوار معه بالقول إنه ليس جاهزاً بعد للتفكير في الطريقة التي ينبغي تذكره بها، حيث يقول: «لم أفكر في العبارة التي أريد حفرها على قبري». ويصب تركيزه، أخيراً، على الشؤون الراهنة، وحول ما إذا كان قد أُخذ بعيداً عن التحدث عن كتابه الجديد. ويبدي نوعاً من الاضطراب حيال استفاضته نوعاً ما بالحديث عن أوباما. ويقول حرفياً: «لن تتم دعوتي إلى البيت الأبيض إذا ما قرأ الرئيس الكتاب».

رؤية للمستقبل

يبدي كيسنغر قلقه من أن يكون عصر تويتر وفيسبوك محتدما لدرجة أنه لا يترك للقادة السياسيين الوقت للتفكير في الإطار التاريخي للأحداث. وهو لا يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي، ويعترف بأنه لا يستطيع الطباعة حتى، ويقرأ بريده ورقياً، ويطلب إلى مساعديه طباعة الردود.

وهو يعتبر أنه من أجل أن يكون المرء رجل دولة عظيماً، عليه أن يمتلك حساً تاريخياً ونوعاً من الرؤية للمستقبل. ويعتبر أن اكتساب ذلك يصبح أكثر صعوبة كما يتسم الحفاظ عليه بالمشقة الكبرى في وجه كمّ الضغوطات التي تنهال على أكتاف القادة اليوم.

يبلغ كيسنغر 91 عاماً، ولديه خمسة أحفاد، وهو يأمل أن يرى أحفاد أحفاده عما قريب. ولا يذكر عند سؤاله عن أبرز ملاحظاته في الحياة لقاءه الرئيس الصيني الأسبق ماو تسي تونغ، بل يقول إن «السلطة بمثابة مثير الشهوة المطلق».

Email