البيت الأبيض يقر بعدم كشف الأسد عن كل منظومة الأسلحة التي يحشدها

نزع سلاح سوريا الكيمياوي مهمة لم تتحقق

الشكوك تحيط بالتزام سوريا بتدمير أسلحتها الكيماوية أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ فترة ليست ببعيدة، تباهى الرئيس الأميركي باراك أوباما بإجبار سوريا على تسليم أسلحتها الكيماوية من دون الاضطرار إلى إطلاق رصاصة واحدة. وقال في حديث أخيراً، لمجلة «نيويوركر» الأميركية: «يبدو أننا تمكنا فعلاً من وضع أيدينا على الأسلحة الكيمياوية. وهي لم تعد موجودة».

لكن يظهر أنه كان هناك سبب وجيه للتوقف عن التصفيق لكلام الرئيس الأميركي. فقد أصدر البيت الأبيض، أخيراً، بياناً على لسان الرئيس الأميركي يبشر فيه بتدمير ترسانة الأسلحة الكيمياوية للرئيس السوري بشار الأسد. وقد تمت العملية على متن سفينة الحاويات الأميركية «إم.في كايب راي» المجهزة بأنظمة التحلل المائي التي تبطل مفعول مركّب السارين والعناصر الكيماوية القاتلة الأخرى.

وكان ذلك قبل بروز التحذير التالي، حيث جاء في البيان: «سنراقب عن كثب لنرى ما إذا كانت سوريا تفي بالتزاماتها إزاء تدمير ما تبقّى من مرافق إنتاج الأسلحة الكيماوية المعلن عنها. كما أن سؤالاً جدياً يطرح نفسه حول مواضع الحذف والتباين في البيان الذي قدمته سوريا لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، ومزاعم مواصلة استخدام المرافق».

وأشرفت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي يقع مقرها في لاهاي، على إزالة 1300 طن من المواد الكيماوية في سوريا. وقد اشتكت المنظمة لعدة أشهر من بطء دمشق في تنفيذ عملية نزع السلاح مع الاستمرار في تجويع وقصف أعدائها لإرغامهم على الاستسلام. وبدأ نظام الأسد في أبريل الماضي توجيه قذائف الكلور على أهداف مدنية، في تصرف ينتهك اتفاقية الأسلحة الكيماوية التي وقعت عليها سوريا العام الفائت كجزء من الاتفاقية التي أشار إليها أوباما مهللاً في تصريحاته.

ثم يطالعك تعبير «مواضع الحذف والتباين» الوارد على لسان أوباما. وبعيداً عن الاستخبارات هنا، فإن كل مصدر نتحدث إليه يقول إن السوريين لم يفصحوا حتماً عن كل الأسلحة الموجودة لديهم. كما يصعب التصديق بأن تشير الإدارة الأميركية إلى عيوب تشوب إنجازها المزعوم، إن لم تكن هناك شكوك حول شمولية البيان السوري.

ترتبط سوريا بعلاقات وثيقة مع كوريا الشمالية التي يعتقد أنها تمتلك برنامج أسلحة كيماوي هائلاً قادراً على إنتاج آلاف الأطنان من المواد القاتلة سنوياً. وظهرت في يوليو عام 2007 تقارير تفيد بحصول حادث متعلق بالأسلحة الكيماوية بالقرب من حلب حصد تقنيين من سوريا وكوريا الشمالية. ويندرج ذلك في إطار تعاون بيونغيانج المعروف في حينه لبناء مفاعل نووي للأسد كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية قد دمرته في سبتمبر من العام نفسه. إذا كانت كوريا الشمالية مستعدة لتزويد الأسد بأسلحة فتاكة في تلك الأثناء، فما الذي يمنعها من ذلك غداً؟

ثم هناك الصين. وقد ظهرت في أبريل الماضي مقاطع فيديو لعبوات كلور منفجرة جزئياً تحمل علامة نورينكو، وهو اسم يعود لصانع أسلحة صيني. على الأغلب أن نظام الأسد يحتجز شبكة العلماء والمهندسين الضرورية لإعادة وضع برنامج تسليح جديد، ما إن يشعر بقدر كافٍ من الأمان للقيام بذلك.

قد يكون ذاك اليوم ليس ببعيد. ويعود الفضل في ذلك جزئياً إلى الاتفاقية الكيماوية التي حمت الأسد من الضربات الأميركية حين شن هجوماً جديداً ضد الثوار السوريين. وقد طوق جيش الأسد مدينة حلب، وهي أكبر المدن السورية، حيث يقوم الجيش السوري الحر المحاصر بتخزين الطعام استعداداً لمحاولة النظام تجويعه وإخضاعه. كما يخسر الثوار المزيد من المواقع لصالح «داعش». وقال متحدث باسم الجيش السوري الحر متحدثاً لصحيفة «وول ستريت» جورنال، أخيراً: «نحن على وشك أن نفقد السيطرة على حلب، ولا أحد يأبه بما يحدث. لن نتمكن في حال حدوث ذلك من استرداد الثورة. كما سنخسر صفوف المعتدلين في سوريا».

قوة تدميرية

مهما حصل للأسلحة الكيماوية الموجودة في سوريا، فإن أسلحة الدمار الشامل الحقيقية للبلاد، أي التي يملكها كل من نظام الأسد و«داعش»، قد اكتسبت قوة تدميرية. وقد أتى ذلك بنتيجة تنازل أوباما عن مقاليد القيادة العالمية، المتسترة اليوم بعباءة الانتصار المزعوم بشأن نزع السلاح في سوريا.

Email