العراق بلا حكومة وطنية يواجه خطر التفكك

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

 

في الأسابيع المقبلة، يجب أن يتخذ قادة العراق قرارات وجودية. وإذا لم يتمكنوا من تشكيل حكومة وحدة وطنية بقيادة رئيس وزراء عراقي جديد، وتحفيز المعتدلين السنة والقبائل إلى قتال تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، فإن العراق سيتفكك على الأرجح.

وإذا فشلت الحكومة العراقية المركزية في منح تنازلات ترضي السنة والأكراد، فإن الأكراد سيضغطون من أجل السيادة والاستقلال، والمجتمع الدولي عليه أن يتأقلم مع هذه الواقع الناشئ الجديد. وفيما يتحمل جميع القادة العراقيون المسؤولية في إيجاد حل للأزمة الحالية، فإن المسؤولية الأكبر تقع على كاهل السياسيين الشيعة في البلاد، والأحزاب الشيعية يتعين عليها دعم رئيس وزراء يمكنه تقاسم السلطة، والعمل على لامركزية الحكومة، ونزع التسييس عن القوات الأمنية.

وكشرط مسبق للعمل مع الحكومة المركزية، سوف تسعى كردستان نحو حق تصدير النفط من مناطقها، ودمج كركوك والمناطق الأخرى التي تمت السيطرة عليها أخيراً، وتسوية مسائل الميزانية، وإبقاء ماليتها المستقلة، والحفاظ على سيطرتها على قوات البشمركة، بما في ذلك الحصول على أسلحة للدفاع عن نفسها ضد «داعش». والأكراد غير واثقين من أن بغداد سوف تقبل بهذه المطالب، وشرعوا في استعدادات موازية من أجل الاستقلال.

على مدى سنوات، فشلت الحكومة في العراق في معاملة السنة أو الأكراد كشركاء على قدم المساواة، وعدد كبير من السنة الآن يعارضون بقوة الحكومة، ويطالبون بالفيدرالية والحكم الذاتي لمحافظاتهم، وبإنهاء قانون اجتثاث البعث، وبتفويض الأمن المحلي لقوات محلية.

أما الأكراد الذين جرى دمجهم في العراق ضد إرادتهم، فقد أطلق قادتهم أخيراً، مبادرة دبلوماسية كبيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي للترويج لنهج من مسار مزدوج نحو الاستقلال.

وقائع جديدة

وفيما تتكيف واشنطن مع الوقائع الجديدة على الأرض، فإنه سيكون من المفيد تبني استراتيجية مماثلة من شقين: الاستمرار في مساعدة قادة العراق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن الاستعداد أيضاً لفشل تلك الجهود.

وأنا عملت مباشرة مع نوري المالكي، عندما كنت السفير الأميركي في العراق، وأدرك مدى مقاومته بعناد لوضع رئيس وزراء آخر مكانه. ولا بد أن موافقته على التنحي، مرتبطة بضمانات تقضي بكون خلفه من الدائرة الضيقة التي يثق بها.

والحرب الأهلية في العراق سوف تستمر بلا هوادة في ظل غياب حكومة وحدة وطنية حقيقية. والصراع الطائفي والفوضى في المناطق السنية سينمو، وكذلك سينمو تنظيم «داعش». والشيعة سيصبحون أكثر اعتماداً على الميليشيات الطائفية وعلى إيران.

وهذا المسار يهدد أمن أميركا. وينبغي على الولايات المتحدة مواصلة العمل من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية في العراق، وتقديم مساعدات محدودة في القتال ضد «داعش»، وفي الوقت نفسه تعزيز العلاقات مع كردستان من خلال إرسال فريق لتقييم احتياجات كردستان، وتنسيق الاستراتيجيات الأمنية لحماية المنطقة ضد «داعش». وفي سبيل مساعدة كردستان على دفع فواتيرها، ينبغي على واشنطن أن تخفف معارضتها لمبيعات النفط المباشرة للأكراد، وزيادة المساعدات الإنسانية للاجئين والمهجرين هناك.

وأفضل سيناريو سيكون في تأسيس عراق لامركزي بنظام فيدرالي في المناطق، حيث الأغلبية العربية يعمل في إطار كونفدرالي مع كردستان، والبديل سيكون حرباً أهلية بين الشيعة والسنة وبروز كردستان مستقلة.

بدائل واقعية

على الرغم من أنه لا ينبغي أن تتخلى واشنطن بعد عن جهودها الرامية إلى مساعدة العراق في تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية، إلا أنه يتعين عليها أن تفكر جدياً ببدائل واقعية إذا انهار العراق. ومهما حصل، فإن تعزيز العلاقات مع كردستان الآن سيخدم المصالح الأميركية في المستقبل.

Email