فلسطين

«النطف المهرّبة» سبيل الأسرى الوحيد للإنجاب

طفل فلسطيني حملت به أمه عبر نطفة مهربة من زوجها الأسير | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

في غياهب السجن وظلمات الوقت الرتيب ينبثق نور يشبه الأهازيج من إرادة الحياة لدى الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال حيث يحولون تجربة الأسر إلى تجربة حياة.

أمام إصرارهم على الحياة سقطت كل المفاهيم السطحية الهامشية والتي يسعى الاحتلال جاهداً لبثها في نفوسهم بأن السجن قد يكون نهاية المطاف وفي أدق التفاصيل دلالة على ذلك تمكنت قبل أسبوع زوجة الأسير الفلسطيني من قطاع غزة أيوب أبو كريم، المعتقل لدى قوات الاحتلال منذ السابع من مايو لعام 2011 والمحكوم عليه بالسجن 13 عاماً أمضى منها سبع سنوات، من وضع مولود كانت قد حملت به من خلال نجاحها في تهريب النطف من زوجها أثناء زيارتها له.

تحدٍّ عميق فاق عنجهية المحتل وطراز تكنولوجيا رفيع لمراقبة الأسرى وانتصار آخر على سياسة الاحتلال العسكرية في التعامل مع الأسرى ضاربة فيها بعرض الحائط كل المواثيق الدولية وبنود حقوق الإنسان.

فرحة

يقول والد الأسير أبو كريم، معبراً عن سعادته بالحفيد الجديد: «أشعر بفرحة عارمة بحفيدي رغم كل القيود والعوائق التي لم تقف حائلاً أمام إصرار كريم وبقية الأسرى».

مضيفاً: «نطالب كل الفصائل والجهات المعنية بالعمل بجد على إطلاق سراح كافة الأسرى في سجون الاحتلال».

وفي تصريح له قال رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى وعضو اللجنة المكلفة لإدارة شؤون الهيئة في غزة عبد الناصر فروانة: إن الأسرى يصرون على تحديهم الإنساني للسجان ومعانقتهم للحياة التي ناضلوا من أجلها، وتجلى ذلك عبر تهريب النطف لإنجاب أطفال يحملون أسماءهم من بعدهم وتحقيق حلمهم فيما يعرف بالتلقيح الصناعي، واعتبر أن استمرار هذا التحدي يشكل واحدة من الإضاءات المشرقة التي سجلتها الحركة الأسيرة.

زوجات الأسرى في ظل مجتمع محافظ يعشن فيه قد يكون من المستهجن وربما المعيب أن تنفصل زوجة أسير عن زوجها حتى ولو كان قد حكم عليه بمؤبد أو أكثر فكان هذا الإبداع إن جاز التعبير بمثابة طاقة أمل بعثت الفرح والاستقرار في نفوس هؤلاء الزوجات ليجابهن الحياة بكل ما فيها من أسى من خلال حق من حقوقهن وهو الإنجاب.

تلقيح صناعي

وأوضح فروانة أن هذا الإنجاب بالتلقيح الصناعي حق أجازه الشرع الإسلامي ضمن ما هو معروف بعمليات «زراعة الأنابيب» ولا حرج في ذلك طالما كان مطابقاً للشريعة ووفقاً لشروطها.

يشار إلى أن الأسير عمار الزين والمحكوم عليه بالمؤبد 26 مرة في أغسطس من عام 2012 كان أول من أشعل فكرة تهريب النطف هذه ليرزق بعدها بطفله مهند ويبدأ بعده عشرات الأسرى في تطبيق الفكرة آملين بإنجاب أطفال يورثونهم حب الأرض والدفاع عنها.

من جهته قال مدير جمعية واعد لشؤون الأسرى الفلسطينيين عبدالله قنديل: إن الشعب الفلسطيني قادر على الحياة وعلى انتزاع الحرية وكسر قيد السجان. ووفق هيئة شؤون الأسرى وعلى لسان رئيس وحدة الدراسات والتوثيق فيها عبد الناصر فروانة في تصريح صحفي قال إن سبعة من الأسرى تمكنوا من إنجاب أطفال عن طريق النطف المهربة خلال عام 2017 ليرتفع العدد الإجمالي للأطفال المولودين عبر النطف المهربة إلى 65 طفلاً.

هي الحياة ربما من فرط فقدانهم لها أكسبوها قيمة فمضوا فيها قدماً نحو أمل آخر سيتوج يوماً ما بتحريرهم من قبضة السجان.

Email