الجزائر

«الحراقة».. حلم الهجرة يتبدّد في قوارب الموت

الهجرة غير الشرعية مشكلة تؤرق دول شمال إفريقيا | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

«الحراقة»، التي يقصد بها الهجرة غير الشرعية، هي عبارة عن رحلات على قوارب الموت باتجاه السواحل الأوروبية، من دون مراعاة الخطر الكبير الذي يواجه هؤلاء الشباب المهاجرين الذين أصبحوا يفضلون الموت على البقاء في وطنهم الجزائر. وتفشّت هذه الظاهرة كثيراً في المجتمع الجزائري، خاصة في الفترة الأخيرة، حيث باتت هذه الآفة تحصد آلاف الأرواح من الشباب والنساء والأطفال.

ورأى وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، أن مسؤولية ما يحدث تقع على عاتق تشكيلات وشخصيات سياسية، إذ بات هؤلاء، حسب الوزير، هم المتسبب الأول في رمي الجزائريين في البحر. واتهم عيسى أحزاباً وشخصيات، لم يحدّدها، بتبني خطابات تشجع على «الحراقة»، مضيفاً إن الشباب الجزائري ضحية الإحباط وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي، فيما رد عليه الأمين العام لحركة النهضة قائلاً: «استغربت كثيراً هذه التصريحات خاصة أنها صدرت من دكتور ومستواه ليس بسيطاً».

ونصح الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي صديق شهاب، بـ «التخلي عن سياسة اتخاذ موقف حيادي»، داعياً «كل الأطراف إلى تحمل المسؤولية لأن هذه الظاهرة قضية المجتمع الجزائري كله». واتخذ الأمين العام لجبهة التحرير الجزائرية، جمال ولد عباس، موقفاً حيادياً تجاه الهجرة غير الشرعية.

حادثة أليمة

وفي حادثة أليمة هزت المجتمع الجزائري راحت ضحيتها ﻃﻔﻠﺔ ﻟﻢ ﺗﺒﻠﻎ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻫﺎ، ﻓﻘﺪﺕ ﻓﻲ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﺑﻌﺪ أﻥ أصرت ﺃﻣﻬﺎ التي تنحدر ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻭﻫﺮﺍﻥ ﺷﻤﺎﻝ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﺃﻥ ﺗﻐﺎﻣﺮ ﺑﺤﻴﺎﺗﻬﺎ ﻫﻲ ﻭﺍﺑﻨﺘﻬﺎ ﻟﺘﺘﺴﻠﻞ ﺗﺤﺖ ﺟﻨﺢ ﺍﻟﻈﻼﻡ هرﺑﺎً ﻣﻦ ﺟﺤﻴﻢ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻤﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﺑﺄﻧﻪ «ﺍﻟﺠﻨﺔ» في إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ.

ﻟﻜﻦ الأم ﻟﻢ ﺗﻌﻠﻢ ﻟﻠﺤﻈﺔ أﻥ ﺭﺣﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺤﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﺳﺘﺘﺤﻮﻝ ﺧﻼﻝ ﺳﻮﻳﻌﺎﺕ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺄﺳﺎﺓ ﺑﻔﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ في ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺍﻧﻘﻠﺐ ﺍﻟﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻗﻠﻬﻤﺎ ﺑﺮﻓﻘﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﺁﺧﺮﻳﻦ، ﻧﺠﺖ ﺍﻷﻡ ﻟﺘﻌﻮﺩ ﺃﺩﺭﺍﺟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﺧﺎﺋﺒﺔ، ﻭﻟﻴﺼﺒﺢ ﻣﺼﻴﺮ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ في ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ.

ﺗﺮﻭﻱ هذه المرأة ﺗﺠﺮﺑﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺇﻟﻰ أﻭﺭﻭﺑﺎ ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ ﻟﻘﻤﺔ ﻋﻴﺶ ﻣﺮﺓ، ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺳﺘﺼﻞ ﺇﻟﻰ «ﺍﻟﺠﻨﺔ»، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺍﻵﻥ ﺗﻌﻴﺶ ﺟﺤﻴﻤﺎً ﻻ ﻳﻄﺎﻕ، ﻗﺎﺋلة «ﻟﻮﻣﺖ ﻟﻜﺎﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺃﻋﻴﺶ ﺩﻭﻥ ﻃﻔﻠﺘﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻘﺪﺕ».

اتهامات متبادلة

ﻭﺗﻌﺪ «ﺍﻟﺤﺮﺍقة» ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺭﻕ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﻭﺳﻂ اﺗﻬﺎﻣﺎﺕ ﻣﺘﺒﺎﺩﻟﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺣﻮﻝ ﺳﺒﻞ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ اﻟﺮﺣﻼﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﻢ ﻋﺒﺮ ﻗﻮﺍﺭﺏ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺴﻮﺍﺣﻞ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ، وﺳﻂ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﻘﺮ ﻣﺪﻗﻊ ﻣﺎ ﻳﺜﻴﺮ ﻛﺜﻴﺮاً ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻊ ﻫﺆﻻء ﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻫﻢ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ.

ﻭﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ يكون ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺭﺣﻼﺕ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺣﺘﻰ ﻻ يكشف ﻣﻨﻔﺬﻭﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ حراس اﻟﺴﻮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮية، ﻭﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻟﻤﻨﻈﻢ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﻧﺤﻮ4 ﺁﻻﻑ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﺃﻱ ﻧﺤﻮ (222) ﺩﻭﻻﺭﺍً، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺎﺩﻝ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺍﻷﺟﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ، ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻳﻀﻄﺮ ﻟﺒﻴﻊ ﺑﻌﺾ ﻣﻘﺘﻨﻴﺎﺗﻪ كي ﻳﺪﻓﻊ تكاليف ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﺎ يكون ﻣﺼﻴﺮﻫﺎ ﺍﻟﻤﺄﺳﺎﺓ. والجدير بالذكر أن هناك «حرّاق» جزائري مات تحت تعذيب السلطات الإسبانية بعد وصوله إلى هناك، حيث إن حراس السواحل ألقوا القبض عليه رفقه أصدقائه وباشروا بتعذيبهم حتى لقي حتفه.

Email