رشوة الدوحة «المليونية» للمونديال مازالت تحرّك المياه الراكدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

نشرت صحيفة " ذي غارديان" البريطانية مقالاً بعنوان «محاكمة فيفا تترك شكوكاً تحوم حول كأس العالم المقرر في قطر»، تناول وقائع القضية التي تنظرها محكمة أميركية فيدرالية في نيويورك منذ أسابيع، بشأن فساد مسؤولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم، والتي كُشف خلالها عن تقديم النظام القطري رشى لشراء أصوات بعض هؤلاء المسؤولين في التصويت الذي أجرته اللجنة التنفيذية لـ«فيفا».

وأبرز الكاتب دافيد كون، ما أُميط عنه اللثام خلال المحاكمة من أدلةٍ على تلقي «بارونات الفيفا في أميركا اللاتينية» رشى للتصويت لصالح إسناد المونديال إلى قطر، خلال الاقتراع الذي جرى قبل 7 سنوات في زيوريخ.

وقال إن هذه الاتهامات «تُرِكت مُعلقة في نهاية القضية، ما يثير مزيداً من الأسئلة أو الشكوك حول هذا الملف الذي لم يكن المحور الرئيس للقضية، لكنه فرض نفسه بعد الإفادات التي كشفت أساليب الرشوة والفساد التي لجأ إليها النظام القطري للتغلب على منافسيه الذين كان من بينهم الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، وهي دولٌ سبق لها استضافة المونديال بنجاح».

وقال كون إن الحديث عن الرشى القطرية ورد في مرحلة مبكرة من مراحل القضية، تحديداً خلال شهادة أدلى بها أليخاندرو بورزاكو، وهو أرجنتيني يعمل في مجال تسويق الفعاليات الرياضية، وكشف فيها عن أن مواطنه خوليو غروندونا حصل على رشوة قدرها مليون دولار على الأقل من المسؤولين القطريين، لشراء صوته في اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم، بهدف ضمان أن تتغلب الدوحة على منافسيها في التصويت على تنظيم كأس العالم.

الرشوة المليونية

وكانت وسائل إعلام أميركية أشارت إلى أن غروندونا، هو واحدٌ من ثلاثة مسؤولين كرويين في أميركا اللاتينية استهدفتهم خطةٌ قطرية واسعة النطاق لشراء أصواتهم. ومن بين هؤلاء أيضاً، نيكولاس لويز الرئيس السابق لاتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم وهو من باراغواي، والبرازيلي ريكاردو تيكسيرا الذي استقال من اللجنة التنفيذية لـ«فيفا» في مارس 2012.

وللدلالة على أهمية شهادة بورزاكو، قالت «ذي غارديان» إنه كان لها دورٌ محوريٌ في ما خلص إليه المحلفون مطلع الأسبوع الجاري من إدانة لمارين ونابوت اللذين باتا في انتظار النطق بالحكم الذي سيحدده القضاة في حقهما، في وقتٍ تتواصل فيه المداولات حول ما إذا كانت هذه الإدانة ستطال المتهم الثالث بورغا أم لا.

وأسهب المقال في استعراض ما ورد في شهادة بورزاكو حول غروندونا الذي توفي عام 2014 بعد سنوات من تلقيه المفترض للرشوة المليونية من قطر. إذ أشار إلى كون غروندونا كان أحد أبرز مسؤولي فيفا في أميركا الجنوبية على الإطلاق.

أسماك

وحرص الكاتب على الإشارة إلى قول الشاهد إنه سافر إلى زيوريخ عام 2010 مع غروندونا والبرازيلي تيكسيرا والبارغواياني لويز، وذلك لكي يدلي الثلاثة بأصواتهم في الاقتراع الخاص باختيار الدولة المُنظمة لمونديال 2022، وحديثه عن أنه لم يكن سراً أن جميعهم أيدوا قطر في التصويت. وأبرز في هذا الصدد ما رواه بورزاكو من أن غروندونا وتيكسيرا وبّخا لويز بقسوة، عندما عَلِما أنه لم يعط صوته للدوحة في الجولات الأولى للتصويت، ما دفعه لتغيير موقفه في نهاية المطاف والتصويت لصالح الملف القطري.

وقالت «ذي غارديان»، إن المتهمين الثلاثة الذين مثلوا أمام المحكمة في نيويورك ليسوا سوى «أسماكٍ صغيرة بين أسماك القرش» التي تتغذى على الأموال الطائلة التي تُنفق في مجال كرة القدم على الصعيد الدولي. وتساءلت عما إذا كان ما كُشِف عنه خلال جلسات هذه القضية التي لم يُسدل عليها الستار تماماً بعد، سيدفع مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (أف بي آي) إلى مواصلة تحقيقاته في ملف الفساد المستشري في أروقة «فيفا» أم لا؟

Email