استغلال ممنهج لإجبار العمال على إكمال المنشآت

«كأس العمّال» وثائقي عن فظاعة انتهاكات قطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشف تقرير أعده باري غيندينيغ ونشرته صحيفة «غارديان» البريطانية، تحت عنوان «لاعبو كرة قدم تواقون للاحتراف يجهدون للوصول لكأس قطر 2022 ولا يطلبون سوى اكتشافهم»، تفاصيل الفيلم الوثائقي «كأس العمّال» الذي أخرجه آدم سوبيل ويتناول فيه الأوضاع المزرية في مخيمات العمال الأجانب في قطر، وأضفى مسحةً إنسانية على مأساة وضع أسس كأس العالم لكرة القدم.

الفقر والثراء

وأشار التقرير إلى أنه في محيط مخيم أم صلال المتقشف يقبع سبعة آلاف عامل من الجنسيات الهندية والبنغالية والنيبالية والفلبينية والإفريقية من أكثر عمال العالم فقراً، ويعملون في واحدة من أكثر الدول ثراءً. وقد تمّ توثيق المشقات التي يقاسيها العمال مجبرين يومياً في عملهم المرهق والقاتل أحياناً لإنهاء البنى التحتية التي تحتاجها قطر لاستضافة مباريات كأس العالم 2022. ويكدح العمال لساعات طويلة في ظلّ ظروف محفوفةٍ بالمخاطر والقيظ والغبار الخانق مقابل أجر زهيد لا يتعدى 200 دولار شهرياً.

وأظهرت تقديرات تقرير حديث كشفت عنه منظمة حقوقية أخيراً، أن جموح قطر للإعداد لمباريات كأس العالم الذي منحها «الفيفا» في ظروف مثيرة للجدل حق تنظيمها، تستقدم حوالي مليوني أجير ممن يشكلون 95 في المئة تقريباً من قوة اليد العاملة في البلاد.

وقال التقرير أنه نظراً لصعوبة إنجاز مهمة بناء ثمانية استادات وعدد من الفنادق والطرقات الضرورية لاستضافة الاحتفالية الضخمة المزمعة خلال المدة المطلوبة فإن السلطات القطرية تلجأ إلى تطبيق برنامج عمل يفرض ظرف عمل غير إنسانية على العاملين وسط أنباء متنامية عن شيوع سوء المعاملة والاستغلال الممنهج لهؤلاء العمال.

وفي حين ترفض قطر الكشف عن معلومات تتعلق بوفيات العمال، تقدر المنظمة وجود حوالي 2000 حالة وفاة غير مبررة منذ إعلان رئيس «الفيفا» الأسبق جوزيف سيب بلاتر عن وجهة إقامة كأس العالم ما بعد المقبلة.

تناقض الروايات

وقال الحقوقي الدولي نايك ماكجيهان، في معرض التعليق على الأمر: أصدر الفيفا بياناً حول النتائج التي توصلنا إليها، لم يضمّنه أي إشارة عن قلقه إزاءها، أو إزاء الوفيات. وجاءت النبرة مفعمةً بالسخط حيال تقديمنا معلومات تتناقض مع عرض الروايات التي أرادنا الاتحاد الكروي العالمي أن نقبل بها.

ويضفي وثائقي المخرج سوبيل مسحةٍ من الإنسانية على المأساة، بعد أن مكّنته قدرة الوصول غير المسبوق إلى كواليس الأحداث من تقديم اللاعبين الممثلين لـ«شركة البناء العالمية» اللاعبين في مباريات كأس العمال 2014، التي نظمتها اللجنة العليا للمشاريع والإرث.

إنها أجندة تخدم مصالحها الذاتية بالطبع وتتوافق مع أحداث رواية يمكن للفيفا أن تقبل بها. وقد رفعت نسبة المشاركة من حظوظ شركات البناء الـ24 للحصول على مناقصات كأس العالم، في حين أن التوظيف في ظل تجارة العبيد الحديثة تصبح أسهل مع إغراء شباب يائسين بأدلة تصويرية لزملاء محتملين لهم من لاعبي كرة القدم يتبارون أمام جماهير متحمسة ويمضون على ما يبدو أوقاتاً ممتعة.

«تظهر دورة الألعاب تلك مدى تقديرنا للمسؤولية المجتمعية للشركات»، يقول أحد المنظمين، بالرغم من إدراكه التام بأن اللاعبين المشاركين يعلمون تماماً أنه يتم استغلالهم ويوافقون مع ذلك على اللعب لأن ذلك يساعدهم على التخفيف من وطأة الوحدة واليأس المرادفة لحياتهم.

وقد التقينا بكينيث، اللاعب الغاني الشرس في فريق «شركة البناء العالمية»، الذي أكدت له وكالة التوظيف أنه سيذهب لقطر للانضمام لفريق كرة قدم محترف. بدأ كينيث البالغ من العمر 21 عاماً، مخدوعاً العمل في مجال البناء وهو يأمل أن يلفت أنظار الحكام أثناء مشاركته في فريق «كأس العمّال».

أما بول، وهو كيني الجنسية، اليائس تماماً، والمسجون في المخيمات ومواقع البناء سبعة أيام في الأسبوع، فيشعر بهوس الحرية في سجن يضم آلاف الرجال. ويعمل أوميش من الجنسية الهندية والمشجع لفريق «مانشستر يونايتد» في قطر ليكسب ثمن الحصول على منزله الخاص، وسيظل بعيداً عن زوجته وولديه روني وروبن بقدر ما يتطلب الأمر لتحقيق هدفه.

عالم عبر الهاتف

ويعرب سامويل حارس المرمى المحترف في أحد فرق الدرجة الأولى في غانا غير القادر على تأمين عيشه، عن اعتزازه بالعمل في لعبة البناء، وقد أبلغوه أنه ذاهب إلى قطر للعب في صفوف فريق كرة قدم محترف. أما بادام النيبالي، فيمضي وقت الفراغ القليل المتسني له في الشجار مع زوجةٍ لا يراها عبر الهاتف.

لا يطلب هؤلاء الرجال اليائسون شفقتنا، وفي حين تطغى الوحدة وفقدان الأمل على حالتهم في «كأس العالم»، فإن نجمهم لن يخبو في منزلقات الإشفاق على الذات، بل يحافظون على كرامتهم بكبرياء.

وفاة

لقي عامل نيبالي شاب مصرعه في قطر الأسبوع الماضي، ليصبح أحدث ضحية لظروف العمل السيئة للغاية والانتهاكات التي ترقى إلى الاستعباد والسخرة ويعاني منها آلاف الأجانب الذين يعملون في بناء منشآت كأس العالم.

Email