استطلاع «البيان»: 3 عوامل جمعت شمل الفلسطينيين

دور مصر الإيجابي و تراجع التمويل القطري و خنق «الإخوان»

ت + ت - الحجم الطبيعي

أظهرت نتائج استطلاعين للرأي أجرتهما «البيان»، الأول على موقعها الإلكتروني والثاني على حسابها في «تويتر» بشأن توحيد الصف الفلسطيني أن حل حركة حماس لحكومتها في غزة جاء نتيجة 3 عناصر مرتبطة ببعضها البعض وهي الدور المصري الإيجابي وتراجع التمويل القطري وخنق جماعة الإخوان في مصر وهو ما عبر عنه 68 في المئة من المستطلعة آراؤهم على الموقع مقابل 61 في المئة على حساب «البيان» في «التويتر».

وأرجع 12 في المئة من المشاركين في الاستطلاع على موقع «البيان» أن حل حماس لحكومتها يعود إلى الدور المصري الإيجابي وهو ما عبر عنه 10 في المئة من المستطلعة آراؤهم على «تويتر» بينما عزا 15 في المئة من المشاركين في استطلاع «البيان» في الموقع الإلكتروني حل حكومة حماس إلى تراجع الدور القطري وهو ما عبر عنه 25 في المئة من المشاركين في استطلاع «تويتر» أما عامل خنق جماعة الإخوان الإرهابية في مصر كأحد أبرز الأسباب وراء حل حماس لحكومتها في غزة فكانت النسبة متساوية سواء عند المستطلع آراؤهم في موقع «البيان» الإلكتروني أو المشاركين في استطلاع «البيان» على حسابها في «تويتر» وذلك بـ4 في المئة.

إشادة

وفي قراءة لنتائج الاستطلاعين، أشاد محللون فلسطينيون بالدور الذي لعبته مصر والذي كان داعمًا لاتخاذ حركة حماس الفلسطينية عدداً من القرارات من بينها الموافقة على حل حكومتها في غزة وكذا إجراء انتخابات عامة، ويتزامن ذلك مع العديد من المتغيرات التي جاءت بالتوازي مع الدور المصري المحترف، من بينها تراجع التمويل القطري وكذا تراجع موقف الدول الداعمة والمساندة لحماس بصورة واضحة ما كان يمثل تحديًا كبيرًا أمام الحركة التي وجدت نفسها في مأزق داخلي مرتبط بالمعاناة التي يعيشها سكان القطاع ومآزق خارجية ممثلة في تراجع الدعم والتمويل.

وتفتح تلك القرارات التي حاولت الدوحة التضييق عليها دون جدوى- الباب على مصراعيه أمام المصالحة الفلسطينية، ووصفها محللون على اعتبار أنها خطوة على الطريق الصحيح لإنهاء الانقسام.

وقال سفير فلسطين السابق لدى القاهرة بركات الفرا لـ «البيان» إن حماس تعلم يقينًا أن اللجنة الإدارية التي شكلتها هي كيان غير قانوني، لأن هناك حكومة وفاق وطني تمارس عملها قامت حماس بمنعها وشكلت لجنتها الإدارية تلك، والآن تحاول أن تعود إلى الطريق الصحيح، لاسيما أنها تعاني من مآزق ومشاكل داخلية وخارجية.

على الصعيد الخارجي، لم يعد لحماس أصدقاء وفق الفرا- خاصة أن الدول الداعمة والمساعدة لها وعلى رأسها قطر وإيران وتركيا، لم تكن على نفس الدرجة من دعم حماس، والمعطيات السياسية تغيرت كثيرًا.

وبالتالي أدركت الحركة أن طوق النجاة الوحيد لها هو أن تجعل علاقاتها مع مصر وهي الشقيقة الكبرى علاقات طبيعية، وأنه ليس أمامها غير ذلك، فإذا ما تحسنت علاقاتها مع مصر فإن الحركة يمكن أن تفتح لنفسها آفاقًا أكبر، خاصة في ظل اتهامها حول العالم بكونها منظمة إرهابية، ومن الصعب أن تتغلب على تلك النظرة إلا إذا بذلك جهودًا وعدلت من سلوكها وواقعها.

وأفاد الفرا بأن الحركة لديها أزمة مالية كبرى، والوضع بها متأزم للغاية، علاوة على أنها بموجب انقلابها في العام 2006 وسيطرتها على غزة، فهي مسؤولة عن القطاع وعن كل المشاكل التي يعانيها الناس هناك بداية من مشاكل البنية التحتية والكهرباء والصرف وحتى مشاكل التعليم والبطالة والصحة وغير ذلك بما يرتبط بحياة مليوني شخص هم سكان غزة.

وبدوره، ذكر القيادي بحركة فتح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس د.أيمن الرقب (المقيم بالقاهرة)، أن هنالك العديد من الأسباب التي دفعت حماس إلى حل اللجنة الإدارية، أهمها موضوع الحراك الذي حدث في سبيل إنهاء الانقسام الفلسطيني، وقد كان من بين شروط الرئيس الفلسطيني محمود عباس حل اللجنة الإدارية في غزة.

وأشار الرقب لـ «البيان»- كذلك إلى الدور المصري المحترف في إدارة الملف، وقال إن الجهد الأساسي كان لمصر التي بذلك جهودًا استغرقت أيامًا عديدة لإقناع حماس لحل اللجنة الإدارية، والحل كان تجاوبًا مع الرؤية المصرية وكذا رؤية التيار الإصلاحي، وذلك بعد سلسلة حوارات متواصلة في مصر، وفي ضوء «وصول تيار وطني داخل حماس يتمثل في قيادات جديدة ترى ضرورة ألا تخسر الحركة أشقاءها في الدول العربية وخاصة مصر» وفق تصريحات الرقب.

وقطعت الحركة الطريق عن قطر التي سعت في سبيل التضييق على القرار، حسبما أكد الرقب، مشددًا على أن الحركة لم تستجب للضغوط القطرية، وأن صوت العقل بدأ يتنامى داخل حماس.

قرارات

وكما هو واضح فإن العديد من العوامل والتطورات دفعت حركة حماس إلى اتخاذ قراراتها الأخيرة المصيرية والتي كان من بينها حل حكومتها في غزة، وذلك في استجابة للجهود المصرية الجبّارة المبذولة في إطار مساعي إنهاء الانقسام الفلسطيني، من بين أبرز تلك العوامل ما يتعلق بالتداعيات الإقليمية الضاغطة التي وجدت الحركة نفسها أمامها في مواجهة العديد من المعضلات والتحديات، خاصة مع تراجع داعميها لاسيما تراجع الدعم القطري.

ويضاف إلى تلك العوامل ما تعرض له تنظيم الإخوان من عمليات «خنق» خاصة في مصر، الأمر الذي دفع الحركة إلى التفكير بسياسة «النأي بالنفس» ومحاولة التماشي مع سياسات الأمر الواقع والتراجع بخطوات للخلف لصالح إنهاء الانقسام في تحرك مختلف من المتوقع أن يسفر عن تطورات إيجابية.

جاءت قرارات حركة حماس مرتبطة بتغير فكر الحركة التي تتماشى مع سياسات الأمر الواقع وتطرح رؤيتها في هذا الإطار، وفق تعبير أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة د.طارق فهمي، خاصة أن لدى حماس مصالح مشتركة مع مصر دفعتها للتجاوب مع الجهود المصرية، وتسعى حماس إلى تخفيف مصر الإجراءات المباشرة التي تتخذها وتفتح المعبر وتجني الحركة ثمارًا من ذلك.

وشدد على أن الحركة تكتب ميثاقًا جديدًا لها ينهي علاقتها بالإخوان، وهو ما تطرح نفسها من خلاله باعتبارها شريكاً فلسطينياً، عقب أن سقطت الأيدلوجيات الخاصة بالحركة وأصبحت تكتلًا أو حزبًا أو قوى سياسية وطرفًا فلسطينيًا مباشرًا ومعلنًا.

من جهته، علّق الخبير في شؤون الجماعات المتشددة طارق أبو السعد لـ «البيان»- على تلك القرارات بالتأكيد على أن أساسها جاء من منطلق الدور المصري المحترف في مفاوضات إنهاء الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، مشددًا على أن حركة حماس اختارت الخيار الذي يضمن لها البقاء، لأن استمرار الوضع على ما هو عليه وفي ظل المتغيرات السياسية الإقليمية كان يهدد وجود حماس كما كان يهدد القضية الفلسطينية نفسها.

وأردف قائلًا: «لم يكن أمام حركة حماس سوى أن تتقبل ذلك السيناريو ولم تكن لديها أية فرص في ظل ما تشهده المنطقة خاصة في ظل تغير الوضع في قطر الذي ألقى بظلاله الوخيمة على الحركة، لاسيما وأن الدوحة قد تشهد في الفترة المقبلة تطورات أكثر دراماتيكية».

تصحيح

ولعبت مصر مجهودًا ودورًا محترفًا من خلال الجهات المعنية أسفر عن التوصل إلى تلك التطورات المصيرية الفاصلة. وعزا مؤسس تيار التنوير في مصر يحيى قدري، القرارات التي اتخذتها حركة حماس وقيامها بحل حكومتها في غزة، إلى الدور المصري في مساعي إنهاء الانقسام الفلسطيني، والدور المصري الواضح في القضية الفلسطينية منذ عقود. فيما وصف القيادي المنشق عن تنظيم الإخوان مختار نوح، قرارات حركة حماس الأخيرة بأنها «خطوات في سبيل تصحيح المسار» تأتي بالتزامن مع التطورات الراهنة التي تشهدها المنطقة.

سرعة

ومما لا غبار عليه، فإن مصر أعادت القضية الفلسطينية إلى حاضنتها بعدما حاولت قطر اللعب فيها طويلاً على مدار السنوات الأخيرة، بالمماطلة والتسويف لإكساب حماس مدة أطول في حكمها وتمكينها في غزة. وتمكنت مصر من التأثير على قيادة حماس خلال أيام من اجتماع بقيادة الأخيرة في القاهرة، من خلال إرغامها على القبول بالمصالحة الفلسطينية، وفق رؤية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبلا أي اشتراطات مسبقة من حماس.

ويتضح من خلال التدخل المصري واستعادة الملف الفلسطيني بسرعة فائقة، انه أدى لوقف التخريب القطري مبدئياً في الشرق الأوسط، وأدى لتوحيد الفلسطينيين ضد أي مخطط لتفرقتهم، والذي أشاد فيه عباس خلال خطابه في الأمم المتحدة.

وقال أستاذ العلوم السياسية عبدالناصر سرور، أن المصالحة الفلسطينية أدت لتوقف الدور القطري موضحاً أن مصر تعتبر بحكم الجغرافيا والسكان والتراث والتاريخ، هي الدول الأكثر قدرة على إدارة ملف القضية الفلسطينية.

وفي السياق، قال المحلل السياسي طلال عوكل، أن الدور القطري في فلسطين أدى لوقف تخريب قطر في الشرق الأوسط وكشف للفلسطينيين مؤامرات الدوحة ضدهم، ووحد الفلسطينيين ضد أي مخطط لتفرقتهم، ونتيجة ذلك ستكون العلاقة متوترة بين قطر وحماس بعد سيطرة الحكومة المصرية على ملف المصالحة الفلسطينية.

Email