خطاب متخبط في الأمم المتحدة يعكس التعنت

أمير قطر يواجه سقطاته بـ«سلسلة أكاذيب»

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتحين النظام القطري الفرص كافة لمحاولة استجداء عطف المجتمع الدولي نحوه، من خلال مواصلة خطاب «المظلومية» المُستنسخ من تنظيم الإخوان الإرهابي، وهو ما تمثل بوضوح في خطاب أمير قطر تميم بن حمد خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو الخطاب الذي حمل قدرًا كبيرًا من الزيف والكذب والتضليل ومحاولات قلب الحقائق للتنصل من تعهداتها والهروب من المطالب.

واجه أمير قطر تميم بن حمد سقطاته أمام الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب بـ «سلسلة أكاذيب» من على منبرالأمم المتحدة ولم يعد «تنظيم الحمدين» الإرهابي الذي يحكم الإمارة قادراً عن التوقف عن ممارسة الكذب والمراوغة، منذ اندلاع الأزمة الخليجية 5 يونيو الماضي.

خطاب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يعكس تخبط الإدارة القطرية واستمرارها بالمكابرة والمراوغة وتقاربها مع إيران، ما يبدد الآمال برجوع نظام قطر إلى جادة الصواب ويضع حداً لتوقعات انتهاء الأزمة قريباً.

مراوغة حقيقية

ويرى محللون فلسطينيون أن خطاب أمير قطر لا يمثل إلا تناقضاً لنفسه والحديث بلسان إيران في الأمم المتحدة، كاشفاً الغطاء عن نفسه وميوله الحقيقية، ما يشكل مراوغة حقيقية في الوصول لحل في القريب العاجل.

وقال المحلل السياسي د ناصر اليافاوي، إن خطاب تميم يذكرنا بالفرحة التي ترقص مذبوحة من الألم، خاصة حينما يصل الأمر في عالم السياسة للتناقض بين القول والممارسة فهذه خطيئة وخدعة لم تعد تنطلي حتى على المستجدين في السياسة.

وأوضح أن حديثه باحترام سيادة بلاده مناقضة لنفسه، خاصة وان الوحل القطري لطخ كل شعوب المنطقة وخاصة الفقيرة . وطالب اليافاوي تميم وحكومته الرخوة بترك الحكم بسلاسة للقطريين الذين قد ينجحوا في إعادة قطر إلى حاضنتها العربية. وأضاف: «تحالف قطر مع إيران لن يجدي نفعاً، ويحاول من خلال داخل الأمم المتحدة تمرير سياسة خبيثة بوضع نفسه خادماً للمصالح الإيرانية».

فارغ المضمون

في غضون ذلك، قال المحلل السياسي د.جمال أبو نحل، إن خطاب أمير قطر في الأمم المتحدة باهت وفارغ المضمون، ويدل على ركاكة وهوان وذلة في المتكلم وخاصة انه حاكم قطر نفسه.

وأفاد انه حينما تكلم عن فلسطين وضع السم في العسل بمطالبته فتح وحماس لإتمام المصالحة الفلسطينية، خاصة بعدما أنجزت المصالحة بوساطة مصرية مشكورة، وهنا فلا داع لحديثه المتأخر عن المصالحة وفشله في إتمامها.

وفيما يخص حديث أمير قطر بمطالبته الدول العربية بالحوار مع إيران، قال أبو نحل: «هذه دعوة صريحة لأن يكون العرب ورقة ودمية في يد إيران، التي تعمل ليلاً ونهاراً ضد الدول العربية». مشيرا الى أن فاقد الشئ لا يعطيه.

تعنت قطر

إلى ذلك، قال المحلل السياسي عبد المجيد سويلم، إن إمعان وتعنت قطر هو دليل مسبق في نفس الإشكالية وعدم الاعتراف بالمشكلة التي تواجهها البلاد، وهذا يدل على أن القيادة القطرية غير مسؤولة تجاه شعبها ولا محيطها، وتتحدث بلغة لا يمكن قبولها.

ويعتقد أن هناك من يضغط على قطر لأن تكون وتبقى متطرفة، وخاصة عندما طالب أمير قطر الدول العربية بالحوار مع إيران، فإن هذا يدل على أنهم توصلوا لقناعات ويتصرفون وفقها، ويتحركون على أساسها بالتحالف مع إيران والاختباء وراءها، وهو الحل الوحيد الذي يبقيهم على رأس السلطة في البلاد.

وأضاف: «قطر تحاول تفسير شروط الدول العربية على أنها انتهاك لسيادتها، ولكنها لم تعلم أن هذا الأمر جاء بعد أن تدخلت في كل الدول العربية ومولت الإرهاب، وبالتالي هذه مسألة لقطر».

المغالطات

ومن جانبه بين عضو مجلس الأعيان الأردني، اسامة ملكاوي أن الخطاب احتوى في مضمونه على الكثير من المغالطات المرفوضة قانونياً ومنطقياً. فاستخدام مصطلح الحصار بحد ذاته غير دقيق.

يضيف ملكاوي: ايضاً دعوته للحوار مع إيران منافية للواقع ولا يوجد بها أي عقلانية، فلا نتائج ايجابية من هذا الحوار. لقد حاول أمير قطر أن يبرر موقفه على الصعيد الدولي ولكن لم يكن هنالك رغبة واضحة وقريبة لإيجاد حل للأزمة الحالية.

عضو مجلس النواب، محمد ارسلان يعتقد أن الخطاب هو محاولة لاستجداء الرأي العام العربي والعالمي وخاصة عندما اتهم إسرائيل في كونها تشكل عائقاً أمام السلام. وبالمقابل فإن قطر مارست كل أنواع التحايل شهدنا في الأزمة وقبل ذلك.

وتركيزه على الحوار مع طهران يثبت أن تميم إلى هذه اللحظة غير مدرك عمق الأزمة التي تمر بها قطر ومطالبات المعارضة التي خرجت ولا يأبه برأي الشعب القطري الذي لديه يقين بأن المعاندة في الأزمة وعدم القبول بالمطالب سيكون ثمنها باهظاً.

ازدواجية المعايير

يردف ارسلان قائلاً: الخطاب أظهر ازدواجية المعايير في النداء، فتارة يشن هجوماً على إسرائيل وتارة اخرى يدعو الدول إلى فتح منافذ الحوار مع إيران. وكأن إيران لم تتدخل في اليمن وسوريا والعراق وعملت على تقويض الكثير من الأنظمة واثرت على استقرار المنطقة العربية. من المهم أن تقبل قطر المطالب حتى لا تتأزم القضية أكثر. وفي نهاية المطاف موضوع الإرهاب مؤرق للجميع.

مدير مركز الثريا للدراسات، د. محمد جريبيع أشار إلى أن «أمير قطر قد أغلق كل نافذة لحل الأزمة. فالتعنت كان واضحا في الخطاب، وشدد على أهمية الحوار مع ايران لإيصال رسالة بأن هذه الدولة ما زالت تقف إلى جانبه وتعتبر حليفاً استراتيجياً مهماً بالنسبة له.

الأخطر في هذا الخطاب هو توقيته واستناده إلى منبر عالمي. منذ بداية الأزمة لم يتغير موقف تميم، ولكنه بات اليوم يحاول كسب تعاطف الدول والتركيز على أن قطر تعيش حصاراً وهو أمر غير حقيقي. فشتان بين الحصار والمقاطعة».

استنساخ خطاب «المظلومية الإخواني»

أكد الخطاب دون مواربة تمسك الدوحة بنهجها في دعم وتمويل الإرهاب، كما جاء ليؤكد كذلك حقيقة أن السلطات القطرية لن تتنازل عن موقفها العدائي إزاء دول المنطقة، وأنها ماضية في «طريق اللاعودة». ذلك في الوقت الذي أدرك فيه العالم حقيقة الدوحة ودعمها للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة في المنطقة، وأصبحت كل تلك السياسات القطرية مكشوفة ومفضوحة أمام العالم أجمع.

جاء الخطاب كذلك استنساخًا لأسلوب وسياسة «المظلومية» الإخوانية. ذلك ما يؤكده أمين لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري النائب البرلماني طارق الخولي، الذي وصف خطاب تميم بن حمد خلال كلمته بالجمعية العامة للأمم المتحدة بـ«الخطاب الهزلي» الذي لا يرقى أبدًا إلى مستوى أن يكون خطابًا لحاكم دولة. مشددًا على أن كلمة أمير قطر كالعادة، وكما هو متوقع، حملت جانبًا كبيرًا من الزيف والخداع ومحاولات التضليل وقلب الحقائق.

ادّعى أمير دوحة الإرهاب أن مطالب الدول الداعية الى مكافحة الارهاب من شأنها زعزعة الاستقرار في بلاده، ذلك ضمن محاولات قلب الحقائق التي تسعى إليها قطر، إذ تناسى حقيقة أن نظامه هو سيد زعزعة الاستقرار في المنطقة بشكل عام، والدليل على ذلك ممارسات نظامه العدائية في المنطقة.

وأوضح الخولي، في تصريحات خاصة لـ«البيان»، أن أمير قطر الذي يزعم أن مطالب الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب تمس سيادة بلاده، وذلك على غير الحقيقة تمامًا، تناسى كذلك أن النظام القطري هو الذي سعى لأن يمس بسيادة واستقرار دول المنطقة، ومحاولة الدخل في شؤونها الداخلية وإحداث فرقة وانقسام. كما أصر أمير الإرهاب على استخدام مصطلح «الحصار» ضمن محاولاته لتزييف الحقائق، في خطاب قال عنه الخولي إنه «حمل كل أصناف الزيف».

خداع وتزييف

ويؤكد محللون بدت المساعي القطرية في الأمم المتحدة للخداع والتزييف متخبطة وبائسة إلى أقصى درجة، في ظل انفضاح أمر الدوحة على نحو واسع، حتى أن الولايات المتحدة الأميركية باتت تدرك تلك الحقيقية، حسبما يؤكد الدبلوماسي المصري محمد المنيسي، الذي كان سفيرًا سابقًا لمصر لدى الدوحة، الذي شدد على أن أمير قطر خلال كلمته لم يكن لديه ما يقوله، وركز على «خطاب المظلومية» محاولا استجداء العطف، وهذا كلام العالم كله بات يعرف أنه غير سليم على الإطلاق.

وأكد المنيسي أنه يكن لدى أمير الإرهاب ما يضيفه أو يقوله ضمن محاولات تجميل وجه نظامه، فاتبع خطاب المظلومية، ومشكلة تميم الآن هي أن تحركات قطر كلها أصبحت مفضوحة أمام العالم، وجميع الدول بما فيها الولايات المتحدة تدرك أن قطر هي الممول الرئيسي والأكبر للجماعات الإرهابية في المنطقة. وأضاف المنيسي: «على قطر إذا أرادت العودة لصوابها أن تتوقف عن هذه الممارسات».

التمسك بالمواقف السابقة

وبدوره، شدد الدبلوماسي المصري محمد عوض في تصريحات لـ«البيان»- على أن خطاب أمير قطر هو استمرار لنفس مواقفه السابقة فيما يتعلق بوجهة النظر القطرية من الأزمة وإنكار كل الاتهامات الحقيقية الموجهة لنظام الدوحة، وفشل الأمير تميم في أن يرد على تلك الاتهامات أو أن يأتي بأي دلائل ضدها، فهو لم يتحدث عن دعم الدوحة للجماعات المتطرفة ويحاول نفي ذلك، بل إنه واصل استخدام نفس المصطلحات والمفردات اللغوية المعتادة التي تستخدمها قطر منذ بداية الأزمة.

وأردف: «لا أراه خطابًا مناسبًا خاصة في ظل الأزمة الداخلية التي تمر بها قطر، التي يتوجب على السلطات هناك إعادة النظر في سياساتهم التي أوجدت تلك الأزمة.. الخطاب هو تعبير واضح عن الوضع الحالي للنظام القطري، ويتضمن موقف قطر وتعنتها ضد الدول الداعية الى مكافحة الإرهاب ويؤكد مواصلة الدوحة تحديها لإرادة الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب والانحياز إلى إيران والدفاع عنها.. كما أنه ترجمة لمواقف النظام القطري المعلنة والتي كانت سببًا في توتر علاقات الدوحة بالدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب وغيرها من الدول».

Email