في الشهور الثلاثة الأولى للمقاطعة

المركزي القطري يعترف: ضخ 94 ملياراً لإنقاذ النظام المصرفي المتهاوي

ت + ت - الحجم الطبيعي

واصلت السلطات القطرية محاولاتها اليائسة لإنقاذ القطاع المصرفي المتهاوي، وضخت 29.1 مليار ريال (ثمانية مليارات دولار) خلال شهر أغسطس الماضي فقط، ليرتفع إجمالي ما ضخته خلال الشهور الثلاثة الأولى من مقاطعة دول خليجية وعربية لها إلى نحو 94 مليار ريال (25.8 مليار دولار)، دون أن تنجح في ذلك بتعويض نزوح الأموال وهروب الاستثمارات إلى الخارج.

واعترف مصرف قطر المركزي أن الدوحة ضخت 29.1 مليار ريال في نظامها المصرفي في أغسطس الماضي لتعويض الأموال التي سحبتها مؤسسات مالية.

وأدت الأزمة قطر الاقتصادية، التي تتفاقم منذ بدء المقاطعة، إلى قيام الحكومة القطرية بضخ ودائع في بنوك البلاد بلغت 6.9 مليارات دولار في يوليو و10.9 مليارات دولار في يونيو الماضيين، لتكون محصلة الأشهر الثلاثة 25.8 مليار دولار.

وتواصل الدوحة عنادها ورفضها الاستجابة لمطالب الدول الداعمة لمكافحة الإرهاب، على الرغم من الخسائر الاقتصادية الفادحة التي تتعرض لها منذ بدء المقاطعة في 5 يونيو الماضي.

وأفادت البيانات الصادرة أمس بأن إجمالي الودائع في البنوك القطرية بلغ 793.6 مليار ريال في أغسطس الماضي ارتفاعاً من 772.5 ملياراً في يوليو مع زيادة ودائع القطاع العام إلى 302.6 مليار ريال من 273.5 ملياراً في يوليو الماضي.

وينطوي ذلك على تدفقات إضافية إلى البنوك بنحو 29.1 مليار ريال من القطاع العام القطري في أغسطس مقارنة مع الشهر السابق. ولم تتضمن البيانات أسماء كيانات القطاع العام التي أودعت تلك الأموال في بنوك قطر.

وهبطت ودائع العملاء الأجانب، ومعظمها بالعملة الصعبة، في بنوك قطر إلى 148.97 مليار ريال في أغسطس من 157.2 مليار ريال في يوليو الماضيين.

وكانت رويترز نشرت من قبل أن جهاز قطر للاستثمار، صندوق الثروة السيادي للبلاد، أودع سيولة جديدة في البنوك القطرية مع قيام مستثمرين أجانب بسحب ودائع من تلك البنوك ومن سوق الأسهم القطرية.

وزعم محافظ مصرف قطر المركزي في يوليو الماضي أن بلاده لديها احتياطيات قدرها 340 مليار دولار تمكنها من تجاوز تداعيات المقاطعة.

وفي تقرير سابق لها، ذكرت وكالة «موديز» للتصنيفات الائتمانية أن السلطات القطرية ضخت خلال الشهرين الأولين من المقاطعة نحو 38.5 مليار دولار،أي ما يعادل 23 % من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، أو الربع تقريباً، للتخفيف من حدة الخسائر المتراكمة التي لحقت بمختلف القطاعات الاقتصادية، ولكن من دون جدوى، ويتضمن هذا المبلغ ما تم ضخه في القطاع المصرفي بالإضافة إلى القطاعات الأخرى.

زيادة التكلفة

وتدخل المصرف المركزي القطري لدعم المصارف المحلية، بعد أن أحجمت البنوك الخليجية عن تجديد ودائعها في البنوك القطرية.

وقدرت موديز حجم ما استخدمته الحكومة القطرية، لدعم الاقتصاد خلال الشهرين الأولين من المقاطعة، بنحو 38.5 مليار دولار، أي ما يعادل 23 % من إجمالي الناتج المحلي. وكان هناك تأثير سلبي للأزمة في مشاعر المستثمرين، ما رفع من تكلفة التمويل القطري، وأدى إلى مزيد من هروب الأموال، ولا تتوقع موديز أن تستطيع قطر أن تجمع تمويلاً من سوق المال العالمية في العام الجاري.

وأشار التقرير إلى أن القطاعات الأكثر تأثراً في قطر، في الوقت الحالي، هي التجارة والسياحة والمصارف، بينما سيتأثر الوضع الائتماني والاقتراض في قطر بشكل كبير مع تطور الأزمة، أو إذا استغرقت وقتاً أطول.

وقال ستيفين ديك نائب رئيس موديز المشارك في كتابة التقرير إذا تفاقمت الأزمة، سوف يكون التأثير الأسوأ في الائتمان القطري.

وتأثر الاقتصاد القطري تأثراً بالغاً منذ بداية المقاطعة التي تعرضت لها قطر منذ يونيو، قبل أن تنفذ الدوحة مجموعة من الإجراءات والتدابير، بهدف التقليل من أثر المقاطعة الاقتصادي فيها.

وأشار تقرير الوكالة إلى أنها لا تتوقع أن تجمع قطر تمويلاً في أسواق رأس المال العالمية هذا العام، مضيفة «وهذا من شأنه أن يعرض قطر لارتفاع في تكاليف التمويل خلال الوقت الحاضر».

ومنذ قرار الدول الأربع، قامت بنوك من دول عربية أخرى بسحب ودائع وقروض من البنوك القطرية، ما زاد تكاليف تمويلها.

حيث أظهرت بيانات مصرف قطر المركزي أن ودائع العملاء الأجانب في البنوك القطرية، تقلصت إلى 43.2 مليار دولار في يوليو من 170.6 مليار دولار في يونيو.وعدلت وكالة موديز، إنفستورز سيرفيس، للتصنيف الائتماني الشهر الماضي نظرتها المستقبلية للنظام المصرفي القطري، إلى سلبية من مستقرة، وعزت ذلك إلى ضعف أوضاع التشغيل، واستمرار الضغوط التمويلية.

ثقة مهتزة

وكانت الثقة المهتزة أصلاً بالاقتصاد القطري، تلقت صفعة جديدة، عندما خفضت وكالة «فيتش» العالمية للتصنيفات الدولية في وقت سابق، تصنيفها السيادي للدوحة وديونها.

وبدورها، قالت وكالة «فوكس»، إن تخفيض التصنيف هو أحدث إشارات القلق من مؤسسات التصنيف العالمية من أن الأزمة قد أثقلت على اقتصاد قطر وأصابته في مقتل، موضحةً أن الوضع مرشح لمواصلة التدهور خلال الفترة المقبلة.

ووضعت وكالة ستاندرد أند بورز شركة «اريدو» القطرية للاتصالات على قائمة المراقبة السلبية، ما يعني احتمالات تخفيض تصنيفها ضمن موجة من التخفيضات طالت العديد من البنوك وكبريات الشركات والمؤسسات القطرية.

وتمضي الدوحة بقوة نحو هاوية ركود عميق وموجة من الشلل في القطاعات والمشاريع الإنشائية والعقارية، بما يقوض قدرتها على استضافة مونديال كأس العالم 2022، وينذر بموجات جديدة من نزوح المستثمرين والأموال، ويفتح الطريق مجدداً أمام تخفيضات جديدة في التصنيفات الائتمانية للبلاد ولكبريات البنوك والمؤسسات والشركات القطرية.

وأعربت وكالات «فيتش» و«موديز» و«ستاندرد أند بورز»، عن قلقها من أن أزمة قطر سوف تشكل ضغطاً رهيباً على اقتصاد الدوحة، مشيرةً إلى أن التخفيض في التصنيف الائتماني للدوحة، من شأنه رفع تكلفة اقتراضها من ناحية، ويجبرها على تخفيض الإنفاق من ناحية أخرى، وفق توقعات تومسون رويترز.

تدهور المصداقية

ويعني تخفيض «موديز» لتصنيف قطر السيادي وديونها، تدهور مصداقية قدرة الدوحة على سداد التزاماتها الدولية، ورفع التكلفة في التمويل والاقتراض على قطر منذ يونيو الماضي، عندما بدأت المقاطعة الاقتصادية واللوجستية.

وأعلنت «ستاندرد أند بورز» في وقت سابق، أن استمرار المقاطعة سوف يؤدي إلى بطء ملحوظ في النمو الاقتصادي القطري، ويجعل تصنيفها المخفض الجديد تحت طائلة المراقبة، من أجل مزيد من التخفيض وتدهور التوقعات المستقبلية لها.

«السيادي» يبيع ممتلكاته

اضطرت الدوحة إلى بيع حصص في شركات عالمية بهدف توفير السيولة التي تراجعت بشكل كبير منذ بدء المقاطعة.

ومن أبرز الصفقات التي باعت من خلالها قطر حصصاً مؤثرة من أصولها بالعالم، قيام جهاز قطر للاستثمار في أغسطس الماضي ببيع جزء من حصته في بنك كريديه سويس لتتقلص ملكيته إلى 4.94%.

وفي مطلع الشهر الجاري قامت شركة Precision Capital المملوكة لبعض أفراد العائلة الحاكمة القطرية بمن فيهم حمد بن جاسم رئيس الوزراء السابق ببيع حصتها البالغة 90% في بنك لوكسمبورغ الدولي مقابل 1.8 مليار دولار.

وبعد بيع الحصة في البنك بأيام قليلة، جرى بيع نحو 14% من الحصة المشتركة لجهاز قطر للاستثمار مع «غلينكور» في شركة النفط الروسية روسنفت مقابل 9 مليارات دولار. وتجدر الإشارة إلى أنه من غير الواضح كم حصة قطر من الحصة التي بيعت، لكن المعروف أن جهاز قطر للاستثمار لا يزال يمتلك 4.7% في روسنفت.

وبمنتصف سبتمبر الجاري، باع جهاز قطر للاستثمار 4.4 ملايين سهم من أسهمه في شركة تيفاني للمجوهرات مقابل 417 مليون دولار. كما أن جهاز قطر للاستثمار لا يزال يمتلك حصة 9.5% في تيفاني من خلال شركة قطر القابضة.

وقد أفادت مصادر عن دخول جزء من هذه السيولة لدعم القطاع المصرفي كما أن جهاز قطر للاستثمار ضخ ما يقارب 40 مليار دولار من إجمالي احتياطيات 340 مليار دولار لدعم الاقتصاد والنظام المالي في أول شهرين من بدء المقاطعة من الدول الأربع.

مزيد من خفض الإنفاق الرأسمالي

ذكرت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني أن حكومة قطر وضعت تصورات لمزيد من التخفيضات في الإنفاق الرأسمالي، في حال هبوط أسعار النفط مجدداً، أو إذا تزايدت الضغوط جراء المقاطعة.

وقال عدد من المحللين والاقتصاديين، إن تخفيض التصنيف الائتماني لقطر بسبب عدم وجود الأمان الاستثماري والتقلبات التي تحدث فيها الآن على المستويين المحلي والدولي، يضع اقتصادها أمام مخاطر جمة مستقبلاً، تتسبب في إحجام المستثمرين عن دخول السوق القطرية.

وقالت الوكالة إن العقوبات تضر قطاعي السياحة والنقل في قطر على وجه الخصوص، وقدرت أن الخطوط الجوية القطرية ستفقد نحو عشرة في المئة إضافية من ركابها.

وكانت السياحة الخليجية، وخاصة من الإمارات والسعودية تشكل نحو 50 % من إجمالي التدفقات السياحية على قطر، حيث تأثرت الفنادق وقطاعات الضيافة والتجزئة القطرية بشدة من المقاطعة العربية، وباتت الفنادق شبه خاوية من النزلاء، فيما تراجعت إيراداتها بشدة، وأضافت فيتش، أنه إذا استمر التعنت القطري لفترة طويلة، فإنه قد يقوض آفاق كثير من استثمارات القطاع الخاص في قطر.

وسيطرت حالة من الحذر بين المستثمرين العالميين بالنسبة للاكتتاب في الديون القطرية، حيث تزايدت المخاوف بين المستثمرين والمؤسسات المالية نحو سندات قطر السيادية المطروحة في الخارج، بعد غموض مستقبل اقتصادها، وتراجع تصنيفاتها السيادية.

Email