الاقتصاد يئن تحت وطأة العناد

خبير اقتصادي سعودي لـ« البيان »: قطر تستميت للتعتيم على خسائرها الفادحة

فضل البوعينين

ت + ت - الحجم الطبيعي

استهل الخبير الاقتصادي المستشار المالي والمصرفي السعودي البارز فضل بن سعد البوعينين، تحليله وتفنيده للآثار، التي خلفتها السياسات القطرية المعاندة لمحيطها الطبيعي خليجياً وعربياً على اقتصاد دولة قطر، والانعكاسات السلبية الوخيمة، التي يعاني منها الاقتصاد القطري بصفة عامة، بالتأكيد على أنه «بالرغم من محاولات حكومة قطر المستميتة لحجب ظهور تداعيات اقتصادها للعلن.

إلا أن حجم التداعيات الاقتصادية- وبخاصة في القطاعات المالية- أضخم من أن تحجب، وأكثر تشوهاً من قدرة الحكومة القطرية على تجميلها».

هروب المستثمرين

الاقتصاد القطري- وفق البوعينين- بات يعاني من خسائر كبيرة؛ كونها نتيجة طبيعية لإجراءات مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، وهو ما يؤكده صندوق النقد الدولي. وألقت المقاطعة بظلالها على الاقتصاد القطري، وتسببت في إبطاء حركته وعرقلتها والتأثير السلبي على قطاعاته المختلفة .

وفي مقدمها القطاع المالي الذي يعاني من تسرب الودائع الأجنبية وهروب المستثمرين الأجانب وشح كبير في السيولة تسبب في ارتفاع قياسي ومفاجئ لفائدة الإقراض بين البنوك، ما انعكس على أسعار الفائدة النهائية للمقترضين.

وأردف المحلل الاقتصادي- في تصريحات خاصة لـ«البيان»- قائلًا: على جانب آخر اضطرت فروع البنوك القطرية في الخليج لبيع محافظ القروض الخاصة بها؛ لتحسين وضعها المالي وتقليص نسبة القروض إلى الودائع التي ارتفعت بشكل يهدد استقرار القطاع المصرفي ويعرضه لمراجعات مستمرة تخفض من تصنيفه الائتماني؛ وهذا ما حدث بالفعل.

حيت تراجع تصنيف أكبر البنوك القطرية بالتزامن مع خفض تصنيف قطر السيادي من قبل وكالات التصنيف العالمية التي ما زالت تراجع الوضع المالي القطري وبما ينذر بمزيد من خفض درجات التصنيف الحالية والمستقبلية؛ وهو من أكثر الأمور سلبية وتأثيراً على تسعير السندات وجاذبيتها وتكاليف الاقتراض وتدفق الاستثمارات الأجنبية، التي توقفت بالفعل وبدأت الأموال المستثمرة حالياً بالنزوح الممنهج.

انعكاس سلبي

نتيجة مباشرة للمقاطعة ارتفعت الضغوط التضخمية بشكل كبير، ما انعكس سلباً على تكلفة المعيشة، وأثر سلباً على الشركات المتعهدة بتنفيذ مشروعات التنمية، ما أدى إلى توقف بعضها لأسباب مالية أو لأسباب مرتبطة بتوقف العمالة عن العمل وإصرارها على السفر، وشح مواد الإنشاءات التي كانت تتدفق على قطر من منفذها البري الوحيد الذي يربطها بالسعودية.

وأشار البوعينين إلى أن قطر خسرت الجزء الأكبر من وارداتها الخارجية وجميع وارداتها القادمة من السعودية، ما أثر سلباً على استمرار مشروعات التنمية وتضخم التكاليف.

كما شدد الخبير المالي والمصرفي على ارتفاع تكلفة التأمين على الديون القطرية من تداعيات المقاطعة، إذ قفزت إلى أعلى مستوياتها منذ أشهر عدة، وأصبح الريال القطري عرضة لمضاربات أثرت على سعر صرفه الرسمي واستنزفت أصول البنك المركزي للدفاع عنه، حتى إن السلطات المالية القطرية سمحت بنشوء سوق موازية لصرف الريال بعد أن واجهت ضغوطًا لا يمكن تحملها من المضاربين، مستطرداً:

أعتقد أن الضربة القاصمة تجلت في وقف التعامل بالريال من قبل أكبر شركات الصرافة والبنوك العالمية.

تداعيات

من المتوقع- بحسب البوعينين- أن يشهد القطاع المصرفي القطري مزيداً من التداعيات المؤثرة في السيولة والربحية والملاءة المالية، ما سيؤدي بالتبعية إلى تخفيضات قادمة للتصنيف الائتماني، الأمر الذي يعد مؤشراً خطيراً على تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية بشكل خاص.

وتابع: بيانات مصرف قطر المركزي أظهرت تراجعاً في صافي النقد الأجنبي بنسبة 30 في المائة، وهي نسبة مؤثرة وخطيرة في آن، دفعت المقاطعة الاقتصادية بعض البنوك وصناديق الاستثمار لسحب بعض أموالها من قطر، إضافة إلى سحب الودائع الخاصة، والتحوُّل الممنهج من الريال القطري إلى الدولار؛ ما أدى لاستنزاف الاحتياطي الأجنبي.

كما أن هناك عدم يقين بحجم الاحتياطيات القطرية وقدرة الحكومة على تسييلها لمواجهة المتطلبات النقدية والمالية المتفاقمة؛ فسيولة المصارف في أدنى مستوياتها، كما أن نسبة القروض إلى الودائع بدأت في التضخم، ما ينذر بتعرض البنوك إلى مشكلات ملاءة حقيقية خلال الأشهر المقبلة.

وأفاد بأن تفاقم أزمة سيولة القطاع المصرفي دفع مصرف قطر المركزي إلى رفع العوائد على أذون الخزانة لأجلي 3 أشهر و6 أشهر لجذب المستثمرين. ويبدو أن المقاطعة ستزيد من عجز الموازنة القطرية لتتجاوز 25 في المائة مقارنة بالعجز المتوقع عند 9%؛ إضافة إلى ما ستتسبب به من ركود اقتصادي يصعب الخروج منه خلال العامين المقبلين.

ضعف التدفقات

ولأسباب ضعف التدفقات المالية وضعف سيولة القطاعات المالية أجبرت الحكومة القطرية على التمويل من صناديقها السيادية وتسييل بعض استثماراتها؛ وهو أمر قد يستمر ويعرض تلك الاحتياطيات للتآكل؛ ويكبدها خسائر كبيرة بسبب التسييل المفاجئ وفق البوعينين.

وأشار إلى أنه «يمكن القول إن بيع بنك لوكسمبورغ الدولي، وهو الذراع الاستثمارية للأسرة الحاكمة في قطر، بمبلغ يصل إلى 1.48 مليار يورو؛ يشكل جانباً من عمليات التسييل الممنهجة لمواجهة ضغوط المقاطعة من جهة؛ وتحوطاً لما قد يحدث للحكومة الحالية مستقبلاً.

ملفات مؤثرة

اختتم الخبير الاقتصادي تصريحاته لـ«البيان» بقوله: أعتقد أن أهم الملفات المؤثرة في القطاع المالي والنظام القطري لم يفتح بعد، وهو ملف تمويل الإرهاب الذي أجزم أنه أهم الملفات القانونية الواضحة التي يمكن من خلال تحريك قضاياها لدى المنظمات الدولية أن تتسبب في إدانة الحكومة القطرية السابقة والحالية، وأن تتسبب في أضرار فادحة للقطاع المصرفي وغرامات مالية ضخمة ربما تسببت في تعثر بعض المصارف القطرية أو خروجها من السوق لأسباب مالية صرفة أو لأسباب قانونية كما حدث للبنك اللبناني الكندي، الذي تمت تصفيته على خلفية قضايا غسل أموال وتمويل الإرهاب.

Ⅶ سوق موازية لصرف الريال بعد فشل الحكومة في مواجهة المضاربة

Ⅶ القطاع المالي يعاني تسرب الودائع وهروب المستثمرين وشح السيولة

Ⅶ البنوك نحو مزيد من التداعيات في الربحية والملاءة المالية وخفض التصنيف

Ⅶ تخفيضات قادمة للتصنيف الائتماني ما يؤشر لتدهور الأوضاع

Ⅶ عدم يقين بحجم الاحتياطيات وقدرة الحكومة على تسييلها لتلبية المتطلبات

Ⅶ ضعف التدفقات أجبر الحكومة

على التمويل من صناديقها السيادية

Email