الحزم السعودي يلجم التضليل القطري

قرقاش: تعدد مصادر القرار في الدوحة بدد فرصة الحل

ت + ت - الحجم الطبيعي

وضعت المملكة العربية السعودية حداً للفبركات والأكاذيب القطرية، أمس، وذلك بعد مرور أقل من ساعة على بث وكالة الأنباء القطرية الرسمية خبراً تناول الاتصال الهاتفي الذي أجراه أمير قطر تميم بن حمد بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أبدى فيه تميم رغبته بالجلوس على طاولة الحوار ومناقشة مطالب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بما يضمن مصالح الجميع.

بينما لجأت وكالة الأنباء القطرية (قنا) إلى اختلاق صيغة أخرى للخبر مستخدمة الخبث المعتاد لإعلام تنظيم الحمدين، فقد زعمت «قنا» أن «أمير قطر وافق على طلب ولي العهد السعودي بتكليف مبعوثين لبحث الخلافات».

وأكد معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن «المتابع للإعلام القطري يرى عودة ساذجة للعمل ضد الجبهة السعودية الإماراتية عبر استقصادنا، الطرح مؤسف لأنه لن ينجح، ولأنه يتجاهل أساس المشكلة». وأضاف معاليه: «على الشقيق المرتبك أن يعيّ أن الأزمة ليست مصطنعة بل نتيجة لدعمه للتطرف والتآمر على استقرار جيرانه، هي أزمة سياسية حقيقية علاجها غير إعلامي».

وأوضح معاليه: «نحن من الإمارات نسعى إلى حلّ حقيقي يقي المنطقة شرّ سياسات أتت على الخليج والعرب بالفوضى والعنف، والسعودية محل النفس في بحثنا المشترك عن حلّ».

وقال معالي الدكتور أنور قرقاش: «أتمنى أن تكف الدوحة عن المناورة بعد أن باعت سيادتها بخساً وأن تتعامل ظاهراً وباطناً بشفافية، فلا سبيل غير ذلك، وأقصر الطرق الصراحة مع الرياض».

وأضاف معاليه: «ما تابعناه بالأمس غمرنا تفاؤلاً بانفراج حقيقي، ولكن للأسف التردد والتراجع وتعدد مصادر القرار وغياب الحكمة بدّد الفرصة، قطر في موقع أصعب اليوم». وأردف معاليه: «بدلاً من أن يسعى الشقيق المرتبك إلى محاولة دق إسفين الخلاف بين الرياض وأبوظبي عبر طرحه الإعلامي الساذج، الحكمة أن يعالج أزمته مع محيطه».

وأشاد معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية، في تغريدات على تويتر بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وكتب معاليه: «متى ما كانت المسألة في يد الأمير محمد بن سلمان، فأبشروا بالخير».

رد صاعق

وعقد إعلام تنظيم الحمدين آماله على إحداث ارتباك في صفوف الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، غير أن الرد جاء صاعقاً من المملكة العربية السعودية التي عطّلت المؤامرة القطرية في مهدها، حيث صرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية أن ما نشرته وكالة الأنباء القطرية لا يمت للحقيقة بأي صلة، وأن ما تم نشره هو استمرار لتحريف السلطة القطرية للحقائق، ويدل بشكل واضح أن السلطة القطرية لم تستوعب بعد أن المملكة العربية السعودية ليس لديها أي استعداد للتسامح مع تحوير السلطة القطرية للاتفاقات والحقائق، وذلك بدلالة تحريف مضمون الاتصال الذي تلقاه ولي العهد من أمير دولة قطر بعد دقائق من إتمامه.

وأكد المصدر أن الاتصال كان بناء على طلب قطر وطلبها للحوار مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب حول المطالب، ولأن هذا الأمر يثبت أن السلطة في قطر ليست جادة في الحوار ومستمرة بسياستها السابقة المرفوضة، فإن المملكة العربية السعودية تعلن تعطيل أي حوار أو تواصل مع السلطة في قطر حتى يصدر منها تصريح واضح توضح فيه موقفها بشكل علني، وأن تكون تصريحاتها بالعلن متطابقة مع ما تلتزم به وتؤكد المملكة أن تخبط السياسة القطرية لا يعزز بناء الثقة المطلوبة للحوار.

وكانت وكالة الأنباء السعودية قد نشرت قبل نحو ساعة من صدور التوضيح السعودي خبر المكالمة الهاتفية، وذكرت أن أمير قطر أبدى رغبته بالجلوس على طاولة الحوار ومناقشة مطالب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، بما يضمن مصالح الجميع. وقد رحب الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، برغبة تميم بن حمد آل ثاني. إلا أن وكالة الأنباء القطرية اختلقت من نسج خيال الأبواق الإعلامية التابعة لها قصة «تكليف المبعوثين» الوهمية.

في السياق، عبر الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني عن سعادته باتصال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وكتب في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «سعدت بطلب الشيخ بالجلوس مع سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لحل الأزمة الراهنة بين قطر والدول المقاطعة قبل أن يستدرك بالقول، وحزنت لما آلت إليه الأمور».

وكان ولي العهد السعودي قد تلقى اتصالاً هاتفيًّا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتم خلال الاتصال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وتطورات الأحداث في المنطقة والعالم، كما أكدا على ضرورة التزام جميع الدول بالالتزامات التي تعهدت بها في قمة الرياض الرامية إلى هزيمة الإرهاب وتمويله ومكافحة الفكر المتطرف، كما أكدا على ضرورة تعزيز أمن المنطقة وعلى خطورة النظام الإيراني. وأكد ولي العهد السعودي والرئيس الأميركي خلال الاتصال عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وتعزيزها لما فيه خدمة الشعبين الصديقين.

تلاعب بالوقت

وأكد محللون في تصريحات لـ«البيان»، أن قطر تسعى إلى التلاعب وكسب الوقت، ولا يدرك النظام القطري العواقب الوخيمة المترتبة على تصرفاته الصبيانية غير المسؤولة. وأكدوا على أن الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، ليس لديهم أي استعداد للتنازل أو التفريط في موقفهم، وأن هنالك قرارات إضافية يمكن اتخاذها ضد السلطات القطرية في الأيام المقبلة.

وتتجلى بوضوح في الموقف الأخير للنظام القطري ووسائل إعلامه، من خلال تحريف الحقائق، واتصال تميم بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، منهجية النظام القطري في العبث وعدم تقدير العواقب الوخيمة التي تترتب على مثل هذه التصرفات الصبيانية اللا مسؤولة، وذلك وفق ما يؤكده المحلل السياسي السعودي رئيس الدراسات المدنية بكلية الملك خالد العسكرية السعودية، الدكتور نايف الوقاع، في تصريحات خاصة لـ«البيان»، والذي أردف قائلاً: «كانوا في السابق يتسببون في إحراج كبير لأمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد، وأوقعوا سموه بإحراجات كثيرة، ثم إنهم قاموا بهذه الحركة الأخيرة، ليكتشف العالم حقيقة النظام القطري بشكل واضح وجلي».

وأضاف أن النظام القطري لا توجد له قيادة حقيقية، وإنما هم مجموعة من القيادات في دولة قطر، تتنازع على السلطات والاهتمامات، كل له مصالحه وله أهدافه، وبالتالي «تميم لم يستطع أن يسيطر على كل مفاصل ومؤسسات القرار في دولة قطر، ومن ثم، دائماً ما نجد أنه يظهر ضعيفاً غير ممسك بزمام الأمور، فهناك قوى خفية متصارعة لها توجهات متباينة ومختلفة ومصالح متضادة أحياناً، هي التي تقود قطر إلى المجهول».

ردود الصحف

في الأثناء، اهتمت الصحف السعودية بتحريف الإعلام القطري الرسمي المكالمة التي أجراها أمير قطر بولي العهد السعودي. وذكرت صحيفة «الرياض» في افتتاحيتها بعنوان «الكذاب لا يتوب» أنه «لم يحتمل نظام الدوحة أن يكون صادقاً ولو لعدة دقائق، إذ بادرت وكالة الأنباء القطرية بتحريف مضمون الاتصال يؤكد عدم قدرة السلطات القطرية عن التوقف عن ممارسة الكذب والمراوغة».

وأضافت: «المجتمع الخليجي والعربي والإسلامي والدولي، يعرف أنه أمام نظام يعيش على الدسائس ومحاولات الخداع والتهرب من أي التزام، والعالم يتذكر الابتسامات الدافئة بين حمد بن خليفة ومعمر القذافي والذي قضى مقتولاً بمشاركة قطرية مهينة».

وقالت صحيفة «الجزيرة» بعنوان «قطر ما بعد تصريحات أمير الكويت»، إن قطر سارعت إلى إجهاض ما قاله أمير الكويت، واعتباره وكأنه لم يكن، وأضافت: «نريد إنقاذ قطر من الأزمة بأقل الخسائر، ولكنها تعاند، وتصر على مواقفها العدوانية، وفوتت كل الفرص، التي أتيحت لها لتتجاوز أزمتها الخانقة».

تعنت

اعتبر مراقبون أن استمرار الدوحة في عرقلة كل مساعي الوساطة الكويتية، يؤكد أنها لا تستطيع التنصل من التحالف الإيراني، وبالتالي ربما تستمر الأزمة لوقت طويل، واعتبروا أن ارتماء السلطة القطرية في «الفخ الإيراني» يجعل من وساطة الكويت أمراً مستحيلاً، خصوصاً أن العلاقات «القطرية - الإيرانية» ليست وليدة اللحظة، فهي متعمقة منذ أن كانت الدوحة تتحرك وفق الإملاءات الإيرانية خلال حكم «الحمدين».

 

 

Email