تشكل 75 % من تمويلات القطاع المصرفي

انسحاب الودائع يعمّق أزمة البنوك القطرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعيش البنوك القطرية أزمة خانقة بسبب نزوح الودائع وشح السيولة بالإضافة لمخاوف بالجملة من انسحابات جديدة للودائع الأجنبية لديها مما يؤثر على الموارد المتاحة لديها لتوفير التمويل والمحافظة على كفاءتها وتصنيفاتها الائتمانية.

ومع استمرار المقاطعة العربية من الدول الرافضة لدعم الدوحة للإرهاب والتعنت القطري الذي تمارسه، تتزداد الأمور سوءاً بالنسبة للبنوك والقطاعات الاقتصادية الأساسية التي تتفاقم وتتسع وتيرتها ونطاقها.

وأجمع محللون أردنيون على أن ضخ الأموال في البنوك القطرية من قبل الحكومة ممثلة في المصرف المركزي القطري أو جهاز قطر للاستثمار من أجل إعادة التوازن لها وإشغال الفراغ الذي صنعه نزوح الودائع الأجنبية، هي آلية مؤقتة للإنقاذ لكنها لن تصمد طويلاً أمام طوفان الأزمة التي تضرب القطاع المصرفي القطري وتهدد بانهيار عدد من هذه البنوك بحسب رأي العديد من الخبراء والمحليين الماليين والاقتصاديين.

وعملت الحكومة القطرية على ضخ 6.9 مليارات دولار أي ما يعادل 25 مليار ريال في النظام المصرفي المحلي خلال يوليو الماضي، بحسب بيانات مصرف قطر المركزي في محاولة يائسة لسد الفجوة ما بين الودائع والاحتياجات التمويلية حيث تراجعت ودائع العملاء الأجانب إلى 157.2 مليار ريال (43.2 مليار دولار) الشهر الماضي مقارنة مع 170.6 مليار ريال في يونيو الماضي.

سحب الأرصدة

وبين أستاذ الاقتصاد بجامعة اليرموك الأردنية، الدكتور قاسم حموري أن الأزمة أدت إلى تخوف العديد من المستثمرين والمودعين بالمصارف القطرية وجعلهم يسحبوا أرصدتهم وهذا يشكل ضغطاً على المصارف وبالذات على بند السيولة وتوفرها.

ويضيف حموري ومن أجل الحفاظ على سعر الريال القطري ومحاولة رفع مستوى التصنيف الائتماني بعدما هبط، تتدخل الحكومة باستخدام الفائض لديها ولكن ما يحكم هذه المسألة هو طول وشدة الأزمة. فإن طالت ستنهار الكثير من المتغيرات الاقتصادية لدى قطر.

تنفيذ الالتزامات

الخبير الاقتصادي حسام عايش يجد أن القطاع المصرفي قبل الأزمة كان يواجه مشاكل نتيجة انخفاض أسعار النفط، وانخفاض الودائع الحكومية. ومع الأزمة زادت التداعيات والتعقيدات التي تواجهها قطر .

حيث يهدف هذا الضخ إلى التحفيز المالي من أجل حماية البنوك من التعرض للخسائر ودعم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه العملاء في تنفيذ التزاماتها وأن تستمر في تقديم القروض والتسهيلات للقطاعات التجارية حتى لا تتأثر ربحية هذه البنوك في المستقبل بالإضافة إلى استقرار أسهم هذه البنوك في البورصات.

ويضيف حسام عايش أنه من الناحية العملية من الممكن أن تضخ قطر لبنوكها سيولة ولكن هذا ينعكس سلباً على تصنيفها الائتماني وسيحد من قدرة البنوك على جذب الودائع ومنح الائتمان والتسهيلات اللازمة للقطاعات المختلفة موضحاً أن ما يحدث يوجه رسالة للمستثمرين في كون بنوك قطر غير قادرة على إدارة نفسها وان تواصل أمد الأزمة من شأنه احداث المزيد من الخسائر والارتباك والضرر في جميع القطاعات.

منح الإقامة

وبدوره يرى الكاتب في الشأن الاقتصادي، أنس الخصاونة أن قطر قدمت اغراءات كثيرة للمستثمرين منذ أن بدأت الأزمة، من تقديم أسعار فائدة جيدة، بالإضافة إلى منح الإقامة الدائمة للأجانب وغيرها من البرامج ولكن هذا كله فشل في حصد أي ثمار أو نتائج إيجابية وأنه لن يحسن من التصنيف الائتماني للبلاد والذي هبط في الفترة الأخيرة من مستقر إلى سلبي.

وأضاف أنس الخصاونة أن هنالك دعوة عامة للبنوك المحلية من قبل المركزي القطري للتوجه إلى الأسواق الخارجية من أجل القروض والتمويل بدلاً من الاعتماد الكلي على الحكومة. لان القطاع المصرفي ليس وحده من يواجه تحديات نتيجة الأزمة بل هنالك تحديات تفاقمت مع الوقت وعلى الحكومة أن تحاول ترميم ما حدث كلما أصرت قطر في موقفها، اضطرت الى دفع الكثير من الأموال.

وتسببت مقاطعة الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب للدوحة، في خروج نحو 7.5 مليارات دولار من ودائع العملاء الأجانب، إضافة إلى 15 مليار دولار أخرى من الودائع والقروض الأجنبية بين المصارف منذ بداية الأزمة، فيما قدر محللون أن ما بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار مرشحة للخروج خلال الأشهر القليلة المقبلة.

تكاليف التمويل

وذكرت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني مؤخراً أن نزوح الأموال يمثل خطراً على السيولة ومن المرجح أن يؤدي إلى زيادة المنافسة بين المصارف القطرية على الودائع ويرفع تكاليف التمويل ويضغط على هوامش الربح.

وقبل القطيعة كانت أوروبا هي أكبر مصدر لدى المصارف القطرية للودائع والتمويلات الضخمة. وكان هذا المصدر أكبر قليلاً من أموال العملاء في الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.

وبعد انخفاض الودائع الحكومية في النظام المصرفي القطري عام 2016 كان رد فعل المصارف هو اجتذاب ودائع غير المقيمين وهي أكثر تكلفة من أجل الحفاظ على استقرارها وضمان تواصل أعمالها.

وتمثل الودائع 75 في المائة من تمويلات المصارف القطرية، بخلاف الاستثمار في حصص ملكية المصارف، وذلك حسب ما ذكرته وكالة «فيتش» وشكلت ودائع العملاء الأجانب نحو ربع إجمالي الودائع.

ثمن باهظ

وقال مصرفي آسيوي، إن المستثمرين الآسيويين جذبتهم التصنيفات الائتمانية العالية للمصارف القطرية غير أن المستثمرين الأوروبيين قد يجدون ثمن السندات القطرية «باهظاً» خاصة أنه قد يكون من الصعب تداولها في السوق الثانوية إذا استمرت القطيعة لفترة طويلة.

ويجري مصرف مقره سنغافورة محادثات مع مصرف قطري بشأن توفير تسهيل ائتماني ثنائي كذلك فإن مصرف قطر الوطني صاحب أكثر مصادر التمويل تنوعا بين المصارف القطرية كان أنشطها في آسيا، إذ أصدر في العام الماضي سندات فورموزا بما قيمته 1.10 مليار دولار من خلال إصدار خاص.

ومن المرجح أن تسعى مصارف قطرية أخرى إلى إبرام صفقات مماثلة سواء من خلال إصدارات السندات أو الصكوك الخاصة أو من خلال قروض ثنائية من المصارف التي تتعامل معها.

ارتفاع العوائد

وقال ريدموند رامسديل مدير قطاع المؤسسات المالية في فيتش، «حدثت زيادة في الإصدارات الخاصة إذ إن من الأسهل إبرام هذه الصفقات في الأوقات الأكثر غموضاً غير أننا ندرك أن عدداً من هذه الصفقات مبرم مع مستثمرين عالميين».

وأضاف «أسواق السندات العالمية مفتوحة أمام المصارف القطرية غير أن المخاطر الأكبر البادية تؤدي إلى ارتفاع العوائد المطلوبة».

وقدر المصرفي الآسيوي أن المصارف القطرية الكبرى قد تدفع عوائد تزيد 40 إلى 50 نقطة أساس على إصدارات السندات الخاصة بالمقارنة مع ما كانت تدفعه قبل العزلة وأن المصارف الأصغر ستدفع عوائد أكبر.

كما أبدى المصرفي نفسه شكوكاً فيما إذا كانت الإصدارات الخاصة والقروض الثنائية ستكفي لتغطية كل الاحتياجات التمويلية للمصارف.

١وقال، «كانت لديها بالفعل متطلبات سيولة تمويلية قبل القطيعة لذلك فمن الصعب معرفة ما إذا كانت ستتمكن من تدبيرها بالأحجام التي تحتاج إليها لتعويض فقدان السيولة».

ووسط الأزمة الدبلوماسية تبدو أسواق السندات العامة غير مغرية للمصارف القطرية. فكثير منها يشعر بالتوتر إزاء اضطراره لعرض عائد أعلى وإزاء مستوى شهية المستثمرين وذلك في ضوء اعتماد المقرضين الأصغر بصفة خاصة، من الناحية التاريخية، على الطلب من المصارف الخليجية لا سيما مصارف الإمارات.

 

Email