نزوح الأموال يؤجج تنافس البنوك على الودائع

بنوك قطر تستجـــدي التمويـــل الأجـــنبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأت البنوك القطرية التوجه إلى آسيا وأوروبا لاستجداء الأموال بحثاً عن التمويل بعد أن سحب عملاء من دول عربية أخرى مليارات الدولارات من حساباتهم في أعقاب أزمة دبلوماسية إقليمية بسبب قيام الدوحة بدعم وتمويل الإرهاب.

ورغم أن الحكومة القطرية أودعت مبالغ كبيرة في البنوك للمساعدة في تعويض التدفقات الخارجة، فإن البنوك، حيث فشلت هذه الأموال في ردم الفجوة بين عمليات السحب والإيداع مع تواصل نزوح الأموال، تحاول إيجاد مصادر تمويل خاص جديدة إذ يحذر محللون من احتمال أن تشهد سحب مبالغ كبيرة من خزائنها في الأشهر المقبلة مع تواصل خروج الأموال وإقدام العملاء على سحب إيداعاتهم.

إصدار خاص

وقال مصدران لرويترز إن بنك قطر الوطني أجرى مباحثات رتبتها بنوك من بينها بنك «ستاندرد تشارترد» مع مستثمرين في تايوان لترتيب إصدار خاص من سندات فورموزا في السوق التايوانية بعملات أخرى غير الدولار التايواني.

وأضاف أحد المصدرين أن بنك قطر الوطني أكبر بنوك الشرق الأوسط يدرس أيضاً إصدارات خاصة في أسواق آسيوية أخرى.

وقال المصدر إن للبنك سندات وأوراقاً مالية متوسطة الأجل قيمتها نحو 6 مليارات دولار يحل أجلها في الفترة من الآن وحتى منتصف عام 2018 ومن المرجح أن يستهدف البنك إعادة تمويلها.

مضيفاً أن تلك الخطوة إجبارية وتعد من أكثر الخطوات إلحاحاً في ضوء الأزمة الدبلوماسية ومع حالة الشح في السيولة وعدم تدخل البنك المركزي القطري بضخ الأموال تحسباً لتآكل الاحتياطيات النقدية بالعملات الأجنبية التي يحتفظ بها فيما سيكون لجوء البنوك إلى أسواق السندات العامة والصكوك خطوة مقبلة.

وفي الآونة الأخيرة استطاع مصرف قطر الإسلامي أكبر البنوك الإسلامية في البلاد تدبير أموال من خلال صفقات إصدارات خاصة بالين الياباني والدولار الأسترالي.

شهادات إيداع

وقال مصرفي دولي إن البنك يعمل الآن على استكشاف المزيد من هذه الصفقات في أوروبا وآسيا، بالإضافة إلى برنامج لإصدار شهادات إيداع واتفاق مرابحة لتدبير سيولة نقدية.

وقال ناطق باسم بنك قطر الوطني «لدينا عدة مقترحات لإصدار فورموزا من عدة بنوك عالمية تتعامل في ذلك الجزء من العالم».

غير أنه أضاف أنه لم يتم بعد الاتفاق على شيء أو تحديد توقيت الإصدار واختيار مستشاريه.

وقال الناطق «من الطبيعي لبنك قطر الوطني الاستفادة بانتظام من الأسواق العالمية المختلفة بالحفاظ على علاقات وثيقة مع قاعدة مستثمريه باعتباره جهة إصدارات متكررة وهذا جزء من استراتيجية التمويل الإجمالية العامة لبنك قطر الوطني المتفق عليها قبل الخلاف الدبلوماسي الإقليمي» إلا أن المقاطعة العربية زادت من وطأة مشاكل التمويل وأجبرت البنوك القطرية على السير في هذا الطريق.

وتزايدت حاجة بنوك قطرية كثيرة لتأمين الحصول على تمويلات منذ يونيو الماضي عندما فرضت الإمارات والسعودية ومصر والبحرين مقاطعة دبلوماسية وتجارية على قطر بسبب تورط الدوحة في تمويل ودعم الإرهاب.

موجات نزوح

وتوضح بيانات مصرف قطر المركزي أن الأزمة أدت إلى موجات نزوح جماعية للأموال والمستثمرين من السوق القطري وأدت إلى خروج نحو 7.5 مليارات دولار من ودائع العملاء الأجانب .

بالإضافة إلى 15 مليار دولار أخرى من الودائع والقروض الأجنبية بين البنوك التي يعتقد أنها في الأساس من دول المقاطعة الأربع ليرتفع إجمالي الأموال النازحة إلى نحو 22.5 مليار دولار مع توقعات بموجات جديدة للنزوح نتيجة تدهر مناخ الاستثمار وتراجع التصنيفات الائتمانية لقطر ولمؤسساتها المالية والمصرفية وكبريات الشركات.

ويقدر محللون أن ما بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار أخرى قد تخرج من البلاد في الأشهر المقبلة. وأوضحت البيانات أن الحكومة القطرية أودعت رداً على ذلك ما يقرب من 18 مليار دولار في البنوك المحلية في يونيو وفي يوليو الماضي في خطوة يائسة لإنقاذ الموقف وعلاج الوضع المتردي لاسيما مع تلاشي ثقة الأفراد والمؤسسات في الجهاز المصرفي وفي مناخ الاستثمار في قطر.

وقالت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني أول من أمس إن نزوح الأموال يمثل خطراً على السيولة ومن المرجح أن يؤدي لزيادة المنافسة بين البنوك القطرية على الودائع ويرفع تكاليف التمويل ويضغط على هوامش الربح.

ثمن باهظ

قبل الأزمة كانت أوروبا هي أكبر مصدر لدى البنوك القطرية للودائع والتمويلات الضخمة. وكان هذا المصدر أكبر قليلاً من أموال العملاء في الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي الست الذي لا تزال قطر عضواً فيه.

وبعد انخفاض الودائع الحكومية في النظام المصرفي القطري عام 2016 كان رد فعل البنوك هو اجتذاب ودائع غير المقيمين وهي أكثر تكلفة من أجل الحفاظ على نموها.

وتمثل الودائع 75 في المئة من تمويلات البنوك القطرية، بخلاف الاستثمار في حصص ملكية البنوك، وذلك حسب ما تقوله وكالة «فيتش».

وشكلت ودائع العملاء الأجانب حوالي ربع إجمالي الودائع.

وقال مصرفي آسيوي إن المستثمرين الآسيويين جذبتهم التصنيفات الائتمانية العالية للبنوك القطرية غير أن المستثمرين الأوروبيين قد يجدون ثمن السندات القطرية «باهظاً» خاصة أنه قد يكون من الصعب تداولها في السوق الثانوية إذا استمر الخلاف الدبلوماسي لفترة طويلة.

اقتناص الفرص

ويقول مصرفيون قطريون إنهم تلقوا سيلاً من المكالمات الهاتفية وزيارات من بنوك عالمية كثيرة في الأسابيع الأخيرة للاستفادة من الفرص المتاحة.

وقال مصدر مقر عمله في قطر إن الرئيس التنفيذي لبنك آسيوي زار في الآونة الأخيرة بنوكا قطرية معينة لبحث الفرص المتاحة خاصة وأن التسهيلات التي ستقدم للبنوك القطرية ستحقق عائدات كبيرة لارتفاع المخاطر في حين يجري بنك مقره سنغافورة محادثات مع بنك قطري بشأن توفير تسهيل ائتماني ثنائي.

كذلك فإن بنك قطر الوطني صاحب أكثر مصادر التمويل تنوعاً بين البنوك القطرية كان أنشطها في آسيا إذ أصدر في العام الماضي سندات فورموزا بما قيمته 1.10 مليار دولار من خلال إصدار خاص.

ومن المرجح أن تسعى بنوك قطرية أخرى لإبرام صفقات مماثلة سواءً من خلال إصدارات السندات أو الصكوك الخاصة أو من خلال قروض ثنائية من البنوك التي تتعامل معها.

أوقات غامضة

وقال ريدموند رامسديل مدير قطاع المؤسسات المالية في فيتش «حدثت زيادة في الإصدارات الخاصة إذ أن من الأسهل إبرام هذه الصفقات في الأوقات الأكثر غموضاً غير أننا ندرك أن عدداً من هذه الصفقات مبرم مع مستثمرين عالميين».

وأضاف «أسواق السندات العالمية مفتوحة أمام البنوك القطرية غير أن المخاطر الأكبر البادية تؤدي إلى ارتفاع العوائد المطلوبة».

وقدر المصرفي الآسيوي أن البنوك القطرية الكبرى قد تدفع عوائد تزيد 40 إلى 50 نقطة أساس على إصدارات السندات الخاصة بالمقارنة مع ما كانت تدفعه قبل الأزمة الدبلوماسية وأن البنوك الأصغر ستدفع عوائد أكبر.

كما أبدى المصرفي نفسه شكوكاً فيما إذا كانت الإصدارات الخاصة والقروض الثنائية ستكفي لتغطية كل الاحتياجات التمويلية للبنوك.

وقال «كانت لديها بالفعل متطلبات سيولة تمويلية قبل الأزمة لذلك فمن الصعب معرفة ما إذا كانت ستتمكن من تدبيرها بالأحجام التي تحتاج إليها لتعويض فقدان السيولة».

أسواق السندات

ووسط الأزمة الدبلوماسية تبدو أسواق السندات العامة غير مغرية للبنوك القطرية فكثير منها يشعر بالتوتر إزاء اضطراره لعرض عائد أعلى وإزاء مستوى شهية المستثمرين وذلك في ضوء اعتماد المقرضين الأصغر بصفة خاصة، من الناحية التاريخية، على الطلب من البنوك الخليجية لا سيما بنوك الإمارات.

ويبدو أن الوضع حاد على وجه الخصوص بالنسبة للبنوك الإسلامية، حيث يعد المستثمرون من السعودية والإمارات والبحرين من بين أكبر المستثمرين في سوق الصكوك العالمية.

وقالت مصادر لرويترز إن بنك قطر الدولي الإسلامي لم يبت حتى الآن في الموعد الذي سيصدر فيه صكوكاً مقومة بالدولار.

وكان البنك عين بنوكاً في مايو الماضي للإصدار المحتمل حسبما ذكرت رويترز في ذلك الوقت.

الإجراءات الحكومية تفشل في تعويض خروج الأموال

خروج 7.5 مليارات من ودائع الأجانب المصرفية

حاجة البنوك للودائع ترفع تكاليف التمويل وتعصف بفرص الأرباح

Email