دبلوماسيون لـ«البيان »: «إعادة السفير» تصل بالأزمة إلى نقطة اللاعودة

قطر تثبّت على نفسها ما أنكرته: الحضـن الإيراني ملاذ الحمدين

ت + ت - الحجم الطبيعي

تكشف السياسة القطرية منذ الأزمة التي تسببت بها مع الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب عن تطابق سلوكياتها مع ما تنفيه، وعلى رأسها العلاقات الوثيقة مع إيران، حيث انتقلت الدوحة من المواربة إلى العلن بخصوص طبيعة علاقاتها الوثيقة مع إيران .

وأعلنت أول من أمس إعادة سفيرها إلى طهران، وهو ما يتناغم مع المكالمة الهاتفية التي أجراها أمير قطر تميم بن حمد مع الرئيس الإيراني حسن روحاني وتوصيته بتعزيز العلاقات في كافة المجالات.

واستنكر دبلوماسيون قرار قطر بعودة العلاقات الدبلوماسية بين الدوحة وإيران، مشيرين إلى أن إعادة السفير القطري إلى العاصمة الإيرانية طهران يعد تصعيداً جديداً في ملف الأزمة بين قطر ودول المقاطعة الأربع (مصر والسعودية والإمارات والبحرين).

وتأكيد على أن الدوحة عازمة على المضي قدماً في تغريدها خارج السرب العربي. وأوضح الدبلوماسيون لـ«البيان» أن قطر تخطت كافة الخطوط الحمراء، ولم تراعِ خطورة خطواتها التصعيدية على الأمن القومي في منطقة الخليج العربي، وتجاهلت مطالب دول المقاطعة بضرورة قطع علاقاتها الدبلوماسية مع النظام الإيراني وأعادت سفيرها من جديد.

قرار استفزازي

بدوره وصف وزير خارجية مصر الأسبق محمد العرابي القرار القطري بعودة العلاقات الدبلوماسية مع إيران وإعادة السفير القطري إلى طهران بـ «القرار الاستفزازي»، مشيراً إلى أن النظام القطري لديه إصرار على تعقيد الأمور والوصول بالأزمة مع دول المقاطعة إلى نقطة «اللاعودة»، وعدم تقديم أي تنازلات من شأنها حلحلة الأزمة وفتح صفحة جديدة من العلاقات الودية مع الدول العربية.

والخليجية بشكل خاص. وأوضح «العرابي» لـ«البيان» أن قرار إعادة السفير القطري لطهران جاء بعد أيام قليلة من صدور قرار ملكي بتحمل خادم الحرمين تكاليف إقامة الحجاج القطريين في الأراضي السعودية وترحيبه بهم، مشيرًا إلى التقارب القطري - الإيراني له تداعيات خطيرة على منطقة الخليج، خصوصاً أن النظام الإيراني لديه نوايا غير طيبة فيما يتعلق بالأوضاع في المنطقة.

وزير خارجية مصر السابق شدد على أن خطوة إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الدوحة وطهران دليل على أن النظام القطري يعلن أنه لن يستجيب للضغوط التي تمارس عليه من دول المقاطعة لوقف دعمه للإرهاب وعدم إيواء شخصيات موضوعة على قوائم الإرهاب من قبل منظمات دولية.

وأشار إلى أن العلاقات القطرية ـ الخليجية تمر بواحدة من أصعب حالاتها، خاصة مع تذمر قادة الخليج من النقض القطري للإجماع العربي على كافة الأصعدة وعودة السفير القطري لإيران من جديد يكشف كذب النظام القطري الذي ادعى اختراق الوكالة الرسمية ونشر تصريحات منسوبة للأمير القطري تؤكد التقارب مع طهران.

تخبط في الرؤية

أما مساعد وزير الخارجية السابق السفير جمال بيومي فأوضح أن سياسة قطر الخارجية تعاني من تخبط في الرؤية، فرغم أن أبجديات السياسة تقول إن أولويات الدول التعاون مع دول الجوار وتعظيم العلاقات مع دول ذات التاريخ المشترك إلا أن النظام القطري ضرب بكل قوانين السياسة عرض الحائط، ووضع يده في يد النظام الإيراني الذي يناصب العرب العداء ولديه أغراض في بسط نفوذه من خلال المد الإيراني في المنطقة.

وأوضح بيومي لـ «البيان» أن خطوة استعادة العلاقات بين الدوحة وطهران فيها نوع من أنواع المكايدة السياسية، فقطر تريد توصيل رسالة لدول المقاطعة أنها لا يفرق معها الخطوات التصعيدية الصادرة عنهم وأنها لن تستجيب للمطالب الـ13 وستمد أواصر التعاون مع الشيطان نفسه لخدمة مصالحها، مشيراً إلى أن الأزمة كشفت التحالف القطري مع إيران، عوضاً عن الانسجام مع محيطها الخليجي.

صحف أجنبية

في السياق، أفادت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أن قطر أعلنت استعادة كامل علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، متجاهلة مطالب الدول العربية في النزاع الإقليمي الذي من شروطه قطع الدوحة علاقاتها مع طهران.

وفي إعلانها عن القرار، لم تعمد قطر للإشارة إلى الأزمة الدبلوماسية التي انبثقت منذ شهر يونيو الماضي، إلا أن هذه الخطوة وبحسب الباحث الزميل بمعهد جيمس بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس، كريستيان كواتس أولريتشن، دلالة على إظهار قطر اتخاذها اتجاهاً مختلفاً، يمكن أن يعزز اتجاهها لعدم الاستجابة للمطالب العربية.

وذكرت صحيفة «إندبندنت» البريطانية أن وزارة الخارجية القطرية قد أعلنت في وقت مبكر من يوم الخميس الماضي أن سفير بلادها سيعود لطهران، بعد أن سحبته في مطلع عام 2016 تضامناً مع السعودية إثر الأزمة التي رافقت إعدام رجل الدين السعودي نمر النمر. ولكن البيان الأخير لوزارة الخارجية أعرب عن أن «قطر تتطلع لتعزيز العلاقات الثنائية مع إيران في كافة المجالات».

وعلى الرغم من سحب سفيرها عام 2016، حافظت قطر على علاقاتها التجارية القيمة مع إيران، وشاركتها في أكبر حقل للغاز الطبيعي البحري، يسمى حقل غاز الشمال. ومنذ بدء النزاع الدبلوماسي مع الدول المكافحة للإرهاب، أرسلت إيران شحنات غذائية لقطر، فضلاً عن قيام إيران بانتقاد السعودية بشكل منتظم.

ترحيب إيراني

في المقابل، رحبت إيران بخروج قطر عن الإجماع الخليجي مجدداً وأكد الناطق باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي الأخبار التي تناقلت عن المكالمة الهاتفية بين وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف ونظيره القطري.

مشيراً إلى أن الطرف القطري أعرب خلال الاتصال عن رغبة بلاده لإعادة سفير قطر إلى طهران. وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء أن قاسمي أشار في تصريح له إلى أن الدوحة كانت قد استدعت سفيرها في السابق لإجراء مزيد من المشاورات، مشيراً إلى أن قرار إعادته إلى طهران هو «قرار صائب وخطوة إيجابية».

ازدواجية الدوحة

ويصف مراقبون العلاقة التي تربط إيران بالنظام القطري بعلاقة التبعية، في إشارة إلى أن نظام الدوحة يسعى إلى تنفيذ مخططات وأجندات إيرانية بهدف زعزعة الاستقرار في المنطقة الخليجية والعربية. وتعتبر هذه العلاقة عن تحالف بُني على المصالح الاقتصادية والسياسية.

حيث بيّن أن قطر وإيران تتشاركان في «حقل الشمال» وهو أكبر حقل للغاز في العالم، وكلتا الدولتين تقع عليهما نفس التهمة في رعاية وتمويل الجماعات الإرهابية ومدّها بكل ما يلزم من أجل تمرير مخطط سياسي مشبوه يحمل تبعات وآثاراً وخيمة على المنطقة.

كما تستثمر قطر وإيران الفوضى في البلاد العربية، من أجل تحقيق مكتسبات سياسية، الأمر الذي يخدم أجندة خفية تسعى إيران إلى تحقيقها، عبر تحالفها مع النظام القطري كونه كان يمتلك علاقات قوية مع الأشقاء في دول الخليج والشرق العربي، ما يلفت الانتباه إلى المصالح المشبوهة بين الطرفين.

Email