اختار قطر مقراً ومفتي الإرهاب أباً روحياً

نائب الكنيست السابق العقل المدبر لتخريب الأوطان

قطر أداة إرهاب وتخريب عابرة للحدود | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحت عنوان «مرحلة الأوغاد وأوغاد المرحلة» يستند مؤلف كتاب «تحت خط 48 عزمي بشارة وتخريب دور النخبة الثقافية» د. عادل سمارة إلى الكتاب الفرنسي «قطر: أسرار الخزينة»، الذي يقول فيه كاتباه جورج مالبرونو وكريستيان شينو إن أمير قطر السابق حمد بن خليفة صار يعتمد على ابنه تميم أكثر فأكثر لإدارة الملفات الدبلوماسية المهمة التي كانت في الأساس مهمة رئيس الوزراء حمد بن جاسم.

وخلال الحرب ضد نظام القذافي في ليبيا، كان الأمير تميم هو المسؤول عن الاتصال بالقبائل الليبية، التي لعبت دورًا شديد الأهمية والحسم في الإطاحة بالعقيد الليبي الراحل معمر القذافي، وكان ذلك سبباً في أن يعتمد عليه والده من جديد في تعامل قطر مع الأزمة السورية، وهو الملف الذي أشعل الصراع بين حمد بن جاسم وعزمي بشارة، رجل تميم في الملف السوري.

ويسأل سمارة: كيف لرجل كان عضو كنيست صهيوني أن يصل إلى موقع القدرة على مصارعة الشخص الثاني من مالكي إمارة قطر بأرضها وثروتها وشعبها؟ ما مصدر قوة عزمي بشارة ليصل إلى هذه الدرجة في بضع سنوات، وهو آت من بعيد؟

أفكار «موسادية»

ويوثق سمارة في كتابه ما قاله هيثم المالح في حوار تلفزيوني من أنهم طاروا إلى قطر للقاء عزمي بشارة، وطبعًا لم تكن شخوص المعارضة السورية ذاهبة إلى الدوحة في دورة للتثقيف القومي العربي أو الحوار في الفلسفة والنظريات، بل كان الهدف تلقينها تعليمات وأفكار «موسادية» في كيفية تقويض سوريا، كما كان تقويض ليبيا.

وينقل سمارة عن الكتاب الفرنسي، كما حدث في ليبيا فإن رجلًا واحدًا لعب دورًا محوريًا في هذا التحرك، هذا الرجل هو عزمي بشارة، نائب الكنيست الإسرائيلي السابق من عرب إسرائيل، والرجل الذي تم نفيه من إسرائيل بسبب صلاته بميليشيات حزب الله.

واستضافته الدوحة بعدها كي يدير أحد مراكز الأبحاث فيها، إن عزمي بشارة المقرب من تميم منخرط في المعارضة السورية منذ البداية، لكنه اضطر لاحقًا إلى أن يتراجع أمام رئيس الوزراء حمد بن جاسم، الذي انتزع منه الملف وأحكم قبضته عليه

يعلق سمارة على ما جاء في الكتاب الفرنسي بقوله: «هنا يبتلع الكاتب الغطاء الصهيوني لخروج بشارة من فلسطين المحتلة، فهو ليس منفيًا، بل خرج قصدًا، وبرأيي الخاص خرج في مهمة تطبيعية، أما مركز الأبحاث فهو جزء من مهمة بشارة، فدوره ضد ليبيا وسوريا لا علاقة له بالأبحاث بل بالإرهاب».

كذب واضح

ويضيف سمارة: لم يهرب بشارة من الكيان الصهيوني، فهذا كذب واضح، فالكيان الضالع في الجاسوسية وضبط حدود الأرض المحتلة إلكترونيا يحول دون هروب الفيروسات، فما بالك بالحجم المحترم لعزمي بشارة الذي ذهب بموقف احتفالي علني ليسلم جواز سفره الإسرائيلي لسفارة تل أبيب في القاهرة.

وهي خطوة لا يفعلها هارب ولا منفي، بل شخص يحفظ خط الرجعة ذات يوم بعد إنهاء مهمته، لو كانت حدود فلسطين المحتلة سهلة بما يسمح لجثة بشارة بالتسلل غير المرئي لتمكن الفدائيون الحقيقيون من الدخول.

الإعداد صهيونياً

في سياق إعداده صهيونياً، شغل عزمي بشارة منصب نائب رئيس معهد فان لير (في القدس المحتلة من سنة 1990 حتى 1996) وهو معهد متخصص في الواقع الصهيوني. لقد ورد في ديباجة المعهد ما يلي: «العمل على زرع ونشر التطرف الديني والطائفي والعرفي، والقضاء على فكرتي القومية العربية والتضامن الإسلامي، وإحلالهما بفكرة التعاون الإقليمي الشرق أوسطي، وتوظيف الأصولية الإسلامية وأيديولوجيات الأقليات في المنطقة لصالح إسرائيل».

كاتب فلسطيني: لم أدرك أن بشارة كان يُعدّ ليكون سفيراً للمشروع الصهيوأميركي في المنطقة.

«أُقسم أن يكون ولائي فقط لدولة إسرائيل، وأن أخدم وبولاء الكنيست الإسرائيلي».. «أقسم أن يكون انتمائي وبكل أمانة لـدولة إسرائيل وأن أقوم وبكل أمانة بواجباتي في الكنيست الإسرائيلي»..

هذا هو القسم الذي أدّاه عزمي بشارة ثلاث مرات أمام الكنيست الإسرائيلي الذي كان عضواً فيه لثلاث دورات متتالية، بدأت عام 1996 وانتهت بطرده عام 2006، في إطار صفقة بين الكيان الصهيوني ودولة قطر، التي استوردت بشارة إلى ديارها، حيث أقام معزَّزاً مكرَّماً بحسابات مفتوحة وبتأثير سياسي لافت.

وفي مقال بعنوان «كشف حقيقة عزمي بشارة» أبرز أحمد حسين، وهو كاتب فلسطيني من سكان أراضي 1948 «كنت أعرف عزمي جيداً كمفكر قومي من الطراز البرلماني المتفوق، لذلك لم يكن محتملاً أن تكون بيننا علاقة شخصية تذكر من الجانبين.

ولكنه وصف في أحد مقالاته القومية تركيزي الشديد على إنكار أن الإسلام سابق للعروبة، وإصراري أن كل حضارات المنطقة السامية المؤسسة هي بالقطع التاريخي العرقي والبنيوي حضارات عربية، وأن الفلسطينيين هم امتداد للأصل العربي الكنعاني صاحب الأولية التاريخية في فلسطين، وأن اليهودية هي هامش أسطوري كنعاني....

. وصف ذلك بتعال متجاوز أنه «هزة بدن». ورددت عليه بمقال مطول نشر في موقع «أجراس العودة» بينت فيه أن «وعيه» القومي يتطابق جيداً مع مشروعه التعاقدي الصهيوني، كعضو سابق في الحزب الشيوعي الإسرائيلي. ثم كففنا عن ذلك، خوفاً من الانكشاف وأنا قرفاً من النموذج».

ويتابع «كنت عضواً في جمعيتين أهليتين هما «الصوت لنشر الوعي التفافي الفلسطيني» و «جمعية أنصار السجين» أبرز أعضائهما المرحومان منصور كردوش وصالح برانسي رجلا حركة الأرض المحظورة. وكان عزمي بشارة، في ذلك الحين، شيوعياً «مطروداً» ولم يصبح بعد عضواً للكنيست.

وفي أحد الأيام جاء الأخ صالح برانسي ليقول بحماس شديد إن عزمي بشارة يريد أن يجتمع بأعضاء الجمعيتين لبحث انضمامه إلى «الحركة القومية الاشتراكية» التي أنشأناها بمواصفات قانونية، فقط تحايلا للحصول من خلالها على ترخيص بإصدار صحيفة.

لم ننجح في إقناع صالح برانسي أن عزمي بشارة يريد أن يصبح حصاناً برلمانياً، وأن اللعبة تافهة ورخيصة هدفها الركوب على الموجة القومية من خلال منصور كردوش وخلاله كأبرز القوميين على الساحة. وأنه سيعزز بهما أهليته القومية، ثم يسقطهما في الطريق إلى مخدعه البرلماني.

وأصر صالح على موقفه من عقد الاجتماع مع بشارة. وأصررت مع بعض الأعضاء الآخرين على الرفض. بينما لزم منصور الصمت كعادته في الأزمات. وأخيراً قررنا احتراماً لصالح وتلافياً للانقسام أن نحضر الاجتماع بشرطين: أولاً، ألاّ يعقد الاجتماع في مكتب الجمعيتين.

(تبين لنا بعد ذلك أن هناك اتفاقاً بين صالح وعزمي لعقده في أحد فنادق الناصرة)، وثانياً لأن أقوم شخصياً، بكتابة ورقة عمل تحدد بنود البحث في الاجتماع، وتوزع على الجميع قبل بداية الجلسة. وقد اتفق الجميع على ما ورد فيها من بنود. وكان البند الأول يقول إن هذا الاجتماع لا يشمل بحث قضية العضوية في الكنيست لأنها غير «ممكنة وغير واقعية في هذه المرحلة».

يضيف الكاتب «حينما حضر عزمي بشارة، وزعنا الورقة، وانتهت الجلسة من دون كلمة واحدة. قال إنه سيدفع ثمن القهوة ومضى. وعرفت فيما بعد أنه طلب من صالح استثنائي من حضور الاجتماع، ووافقه المرحوم، ولكن منصور رفض. على الأقل هذا ما وصلني، وأميل إلى تصديقه. كما أن هناك قضية أخرى لا بد من ذكرها حتى لا تكون إجحافاً بحق أحد. من الذي بادر للاتصال بالآخر، المرحوم صالح برانسي أم عزمي بشارة ؟ لا أعرف.

وكان عزمي بشارة كما يبدو يعاني من ميول متشددة ملحّة. فاختار قطر مقراً، ومفتي الإرهاب المدعو يوسف القرضاوي أباً روحياً، ولكنه لم يتنازل عن شغفه القومي، فعاود زيارة دمشق التي كان قد زارها قبل «هروبه»، متحدياً. وحظي هناك باستقبال الأبطال، وبمقابلات عالية المستوى كما قيل.

Email