خبراء ومحللون: «تنظيم الحمدين» طمأن التنظيمـات الإرهابية

خطاب تميم يعج بالتناقضات ويطابــــق تصريحاته المسببة للأزمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثارت كلمة أمير قطر تميم بن حمد سخرية واسعة لاحتوائها على حزمة من التناقضات والسقطات، وخلوها من أي مضمون سياسي يساهم في انفراج الأزمة، وغرق الخطاب في التعبيرات الإنشائية رغم أنه أول خطاب لتميم بعد 50 يوما من الصمت. كما أن الخطاب الذي استغرق 16 دقيقة يطابق في فحواه للخطاب الذي نشرته وكالة الأنباء القطرية والتي تسبب في اندلاع هذه الأزمة.

في خطابه الأخير الأخير قال تميم: "نحن نختلف مع البعض في مصادر الإرهاب والفرق مع المقاومة الشرعية". في خطابه في مايو رفض تميم اعتبار حزب الله وحركة حماس والاخوان منظمات إرهابية. وعاد في خطاب أول من أسم ليؤكد على الفكر نفسها. ما يعني أن المزاعم القطرية بتعرض وكالة الأنباء القطرية للاختراق لا أساس لها من الصحة.

ووجه تميم الشكر لتركيا على مشارعتها إنشاء قاعدة في الدوحة. وهو موقف سبق وأعلن عنها تميم حينما استقوى بقاعدة العديد الأميركية. المضمون نفسه: الاستقواء بالخارج.

لم ينس تميم توجيه الشكر للدولة التي فتحت أجواءها وموانئها لقطر. وهو يشير إلى إيران. ويطابق هذا ما أشار إليه تميم في خطاب مايو المنشور على وكالة الأنباء القطرية حين اعتبر إيران قوة استقرار.

واعتبر المحللون أن الخطاب انتحار سياسي وتكريس للأزمة التي تسبب بها تنظيم الحمدين، مؤكدين أن مضمون الكلمة عبارة عن إملاءات من تنظيم الحمدين الذي يعد تميم الناطق الرسمي باسمه فعلياً، وهو أقل وأضعف من أن يطرح حلاً للأزمة، فضلاً عن أنه أرسل رسالة طمأنة في خطابه لكل التنظيمات الإرهابية التي يقوم تنظيم الحمدين بدعمها.

وقال خبراء إن الأسئلة التي أثيرت فور انتهاء كلمة تميم: لمن وجه خطابه؟ في الواقع فإن من بين مستقبلي الرسالة التنظيمات الإرهابية التي تدعمها قطر. فالخطاب واضح بأن الدوحة مستمرة في نهجها الداعم والممول للإرهاب. وأن الرسالة وصلت إلى الإرهابيين في أن الرعاية والدعم القطري مستمران.

وأضاف الخبراء أن فريق إعداد بيان أمير قطر فشل في تحديد غاياته، وترتيب أولوياته، ووقع في الخلط بين الجوهري وبين الشكلي، فالخطاب ظاهره داخلية، وباطنه تضمين رسائل لم تخل من اعتراف ضمني باقتراف مخالفات مجرمة في القانون الدولي.

ناطق باسم الإرهاب

وقال الكاتب الصحافي والمدير العام لقناة «الإخبارية» السعودية جاسر الجاسر: «قررت السلطات في الدوحة أن تتخذ موقفاً مع الإرهاب وأن تتكئ وتعتمد عليه وأن تكون ناطقة باسمه». مشيراً إلى أن الدعوة للحوار الذي تضمنها خطاب الأمير دعوة فارغة لا معنى لها.

وأضاف: «السلطات في الدوحة انتهجت في سياستها اللغة المزدوجة والمتباينة وهو ما ذكرها تميم في خطابه بقوله»لا يجوز المساس بدولة شقيقة«، مبيناً أن قطر تدخلت في البحرين مراراً وتكراراً علناً وسراً وإعلاماً وتجييشاً وتحريضاً وبكل الأدوات وتدخلت في الإمارات وحرضت واستضافت قيادة تنظيم الإخوان ودعمته مالياً، وتدخلت في السعودية وشاركت ودعمت الحوثيين في الوقت الذي ادعت أنها طرف في تحالف دعم الشرعية في اليمن.

وأكد الجاسر أن أمير قطر في كلمته لم يكن مقتنعاً بما يقول، معتبراً أن الكلمة مسجلة وهو يقولها بشكل آلي ونبراته ساكنة وثابتة والإرهاق بدا واضحاً عليه ولم يكن لديه روح وحماس وثبات في الموقف فجاء الخطاب مفككاً ومرتبكاً ومشوشاً. مفسراً ذلك بأن الخطاب كان إملاء من تنظيم الحمدين وشركائه من الإخوان.

بدوره، قال المحلل السياسي الدكتور عبدالله الطاير، في تصريح صحافي، إن الغالب الأعم على كلمة أمير قطر استجداء العالم ليقبل على الدوحة مستثمراً، في حين أن الاستثمارات لن تأتي لعاصمة تحتضن رموز التطرف والإرهابيين، مشيراً إلى أن رسالة الدول المكافحة للإرهاب دعت الأمير القطري إلى الدعوة لحل الخلافات خصوصا عندما قال»حان الوقت لحل الخلافات من خلال المفاوضات.

كما أن الخلافات بين الدول يجب أن لا تمس المواطنين والشعوب، ليكونوا ضحايا الخلافات السياسية للأنظمة«ما يعني أن حكومة قطر استشعرت أخيرا ما جنته على شعبها بسبب سياسات رعناء. وقال الطاير إن الدور التركي ساهم في إطالة أمد الأزمة مع قطر،مشيرا إلى ان ذلك سيؤثر كثيراً على الشعب القطري.

تضليل وكذب

وبدا واضحا بالخطاب أن الدوحة تلعب كدأبها على المصطلحات، فتصف مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب لها، بالحصار، بيد أنها تعلم جيدا أن الحصار يعني فرض طوق كامل على البلد، بما في ذلك الممرات الدولية، وإلا لما كانت البضائع التركية لتعرف سبيلاً إليها. ولا كانت هناك إمكانية لفتح خط ملاحي بين قطر وإيران كما حدث بالفعل.

وظهر عصيا على الاستيعاب أيضا حديث أمير قطر عن السيادة واحترام الاستقلالية، وفي الوقت نفسه لم ينس أن يثمن في خطابه الدعم العسكري والاقتصادي التركي.

17 فضيحة

في السياق، أكد المتخصص في العلاقات العامة وعضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود، طارق الأحمري، أن تميم بن حمد، يسعى من خلال خطابه لكسب التعاطف وإثبات المظلومية عليه وعلى شعبه. وقال الأحمري، في مجموعة تغريدات على»تويتر"، إن الخطاب كان في المجمل سيئا في صياغته، واحتوى الكثير من التناقضات والأساليب الخطابية الإعلامية الضعيفة.

وأفرد الأحمري 17 ملاحظة، أبرزها أن الخطاب هو محاولة استعطاف لكسب أكبر قدر من الجمهور واستمرار الجمهور السابق؛ حيث تم اختيار ذات المكان الذي ألقى منه تميم خطاب تولي الحكم في قطر.

وأضاف أن أمير قطر ركز في بداية الخطاب وفي ثلاث لقطات متكررة بشكل دقيق على صورة أجداده في الرسمة الضخمة خلفه لخلق انطباع عن اعتزازه بأجداده وهم قد قلبوا الحكم على بعضهم، مشيرا إلى أن تميم بدأ الخطاب بلغة عاطفية بحتة في محاولة للتأثير على كسب تعاطف الشعب القطري معه، واستخدامه لمفردة الحصار وليس المقاطعة هو استمرار لمحاولة إثبات المظلومية عليه وعلى شعبه.

وحول توجيه أمير قطر الشكر للدول الأوروبية والعظمى، اعتبر الأحمري أنه يحاول استعداء الدول الخارجية ضد دول المقاطعة والمنظمات باسم حرية التعبير والتدخل والقمع والظلم وهذا أسلوب ركيك، فضلا عن التلويح بأنه يقوم باتفاقيات مع دول خارجية لكسب تأييدها وهذا موقف ضعف. وأشار المتخصص في العلاقات العامة إلى تناقض أمير قطر في خطابه؛ حيث ذكر في بداية الخطاب أن قطر مستمرة في التقدم ولم يضرها شيء، ثم عاد ليقول إن قطر قد تضررت من المقاطعة.

Email