دعم للإرهابيين ورعاية للتغيير الديموغرافي

قطر وإيران.. تكامل الأدوار في تدمير سوريا

■ ملايين السوريين تشردوا نتيجة استيلاء الإرهابيين على مناطق المعارضة بدعم قطري | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأ الدور القطري التخريبي في الأزمة السورية منذ أن بدأت تضخ الأموال والسلاح إلى الشعب السوري ودفعه إلى العنف والتدمير، ولعب الدور التحريضي الذراع «العسكري» للدوحة قناة الجزيرة، مهندسة الحقد والكراهية في العالم العربي والإسلامي.

ونتيجة هذا التحريض والكراهية الذي تولت قيادته قناة الجزيرة، تكالبت على سوريا كل قوى التطرف في العالم، وهنا التقت النوايا القطرية والإيرانية في تدمير هذه الدولة وتحويلها إلى جماعات عنف وقتل وتدمير بذريعة التغيير.. قطر تمول بالمال وإيران تندفع إلى سوريا بميليشياتها الطائفية ليكون الخاسر الأول الشعب السوري.

تشابه الأدوات

من يتتبع المشهد السوري على مدار السنوات الست الماضية، يدرك تماما التوافق الإيراني القطري من أجل تدمير الدولة السورية، وليس النظام، والنيل من البنية التحتية.

بل إن الأدوات المستخدمة في هذا التدمير تتشابه إلى حد كبير بين الدوحة وطهران، ولعل أبرز هذه الأدوات هي الميليشيات المأجورة التي تعمل بالدولار من أجل تدمير المجتمع السوري بشكل ممنهج.

وأكثر من مرة انفضحت قطر على العلن بسياساتها تجاه سوريا، وكذلك انكشف الغطاء عنها في أكثر من حادثة، تبين بما لا يدع مجال للشك دورها القذر مع إيران في سوريا.

شاركت قطر من خلال أجهزة الاستخبارات بأسوأ عملية تغيير ديموغرافي في سوريا، المعروفة بعملية (كفريا الفوعة- الزبداني)، بل كانت المهندس الأول لهذه العملية.

واللافت في الأمر، أن قطر دبرت هذه العملية بالتنسيق مع ميليشيات حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، حيث كانت إيران تسيطر على منطقة الزبداني بينما ميليشيات حزب الله تحاصر المدنيين على الحدود السورية اللبنانية.

وقد استضافت الدوحة في شهري فبراير ومارس من العام الحالي العديد من اللقاءات تضم ضباطاً إيرانيين ومسؤولين عسكريين من حزب الله اللبناني، مع مسؤولين من أحرار الشام وجبهة النصرة المسؤولة عن حصار كفريا والفوعة.

وبحسب مصادر في المعارضة السورية، فضلت عدم الكشف عن اسمها، أكدت أن الدوحة دفعت 50 مليون دولار لأحرار الشام، بينما قدمت أكثر من مئة مليون دولار لميليشيا حزب الله والحرس الثوري الإيراني لإتمام هذه الصفقة.

ووصفت هذه العملية بأنها أكبر عملية تغيير ديموغرافي في سوريا منذ بداية الأزمة لحماية النظام السوري وتحقيقا لرغبة إيران في الانتشار الشيعي على محيط مدينة دمشق.

وتؤكد المصادر أنه لولا الدور القطري، وجمعها بالمتناقضات بين أحرار الشام التي تدعي أنها «فصيل ثوري»، بينما تتحالف مع جبهة النصرة الإرهابية لما تمت هذه الصفقة، بل أن قطر أصرت على هذه الصفقة على مدار ثلاثة أشهر من اللقاءات السرية بين الطرفين.

التنسيق الأمني

ومن خلال الدور القطري تمت الصفقة الدنيئة بترحيل أهالي المنطقتين مقابل منح كل من تنظيم النصرة وأحرار الشام مبالغ مالية.. وبالفعل تمت العملية وبالتالي مولت قطر بصورة غير مشروعة تنظيم القاعدة بمبلغ هائل يكفي التنظيم للحياة أكثر في سوريا.

ووفقا للمصادر المتابعة للشأن السوري الداخلي، قالت لـ«البيان» إن العملية التي أبرمتها الدوحة، كانت تهدف قطر من خلالها إلى تقوية تنظيم جبهة النصرة (التي غيرت اسمها إلى هيئة فتح الشام) في ظل تزايد الضغط الدولي على التنظيم وإعلان التحالف الدولي الحرب ضده، وكذلك الأمر السماح لهذا التنظيم بابتلاع بقية التنظيمات الأخرى، وبالفعل كان هذا ما حدث بعد تحولات الجولاني المزعومة واستلام المال القطري، حيث فتحت النصرة النار على الفصائل المعتدلة في الريف الغربي من حلب وكذلك هاجمت بعض الفصائل في ريف إدلب.

الشواهد على العلاقة الوثيقة بين قطر وجبهة النصرة، علاقة مفضوحة لدى أوساط المعارضة السورية، حتى أن قيادات عسكرية من هيئة الأركان السورية السابقة طلبت من قطر أن تتعامل بشكل مباشر معها فيما يتعلق بالتمويل وتقديم السلاح إلا أن قطر أصرت على أن تتعامل بشكل منفرد.

ومن هنا يمكن التساؤل مرة أخرى، كيف لقطر أن توفق في علاقاتها في سوريا بين العلاقة مع أحرار الشام وجبهة النصرة من طرف، وبين ميليشيا حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني من جهة أخرى.

هناك العديد من المراقبين السوريين، يرون أن تكامل الدور القطري والإيراني واضح في تدمير سوريا، وبالفعل كل الفصائل التي تسيطر عليها الميليشيات المدعومة من قطر يبدو فيها حجم التدمير والخراب واضحا، وكذلك الحال بالنسبة للمناطق التي تقع تحت سيطرة الحرس الثوري الإيراني.

أذرع الدوحة المزدوجة

ولعل الخريطة السورية واضحة في هذا الأمر، على سبيل المثال إدلب وحلب حين كانتا تحت سيطرة المعارضة المدعومة من قطر، في المقابل من يتابع المناطق الخاضعة لسيطرة الحرس الثوري الإيراني تلقى ذات المصير من التدمير والخراب، مثل الزبداني ومضايا وبعض مناطق ريف دمشق.

وفي ذروة الحرب الأهلية في سوريا والصراع الدامي، ووسط تسليح كل من إيران وقطر أطراف الصراع في سوريا، أقدمت الدوحة وطهران على توقيع اتفاقية صادمة بين الأجهزة الأمنية، ففي أكتوبر 2015 اتفقت الدوحة وطهران على توقيع اتفاق أمني عسكري تحت مسمى «مكافحة الإرهاب والتصدي للعناصر المخلة بالأمن في المنطقة»، بينما يعبث البلدان بأمن المنطقة وأرواح الشعوب.

وتشير المعلومات إلى أن قائد حرس الحدود الإيراني قاسم رضائي التقى بمدير أمن السواحل والحدود في قطر علي أحمد سيف البديد، في أكتوبر 2015 ووقعا تلك الاتفاقية بالإضافة إلى اتفاقية تعاون لـ«حماية الحدود المشتركة» بين البلدين، وذلك بعد عقد 12 اجتماعا سبق آخر اجتماع لمسؤولين أمنيين للبلدين في 2015، وشمل الاتفاق الأمني العسكري «إجراء تدريبات عسكرية مشتركة».

الثمن في حلبوقد تزامنت هذه الاتفاقية برفع مستوى الدعم العسكري للقوى المتصارعة في سوريا، حيث دفعت الدوحة الفصائل المتطرفة للتقدم في مدينة حلب وبالتحديد حلب الشرقية، وبالفعل تم التقدم وسيطرة الفصائل المتطرفة على حلب الشرقية، بينما التزمت إيران الصمت من خلال الفصائل، في صمت على ما يبدو لتحضير عمل عسكري واسع والقضاء على هذه الفصائل، ومن ثم تدمير مدينة حلب.

في نهاية العام 2016 اشتد التحدي بين الفصائل المسلحة وبين قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية حول معركة حلب، وقد ارتفع التمويل القطري للفصائل المتطرفة قبيل ما يسمى بمعركة حلب، وقد أكدت مصادر في المعارضة السورية لـ«البيان» أن التمويل القطري والتسليح آنذاك بلغ مستوى لم يبلغ من قبل، حينها ظنت المعارضة أنها قادرة على السيطرة، لكنها لم تعلم أن هذا التمويل من أجل إطالة أمد التدمير بينما تزحف الميليشيات الإيرانية نحو حلب الشرقية.

وفي نهاية ديسمبر من العام 2016 أصدرت الفصائل بيانا قالت فيه إنها لن تترك الأحياء الشرقية من حلب، وأنها ستقاتل حتى النهاية بعد ان تلقت ضمانات من الاستخبارات القطرية أن التسليح سيستمر حتى نهاية المعركة، بينما كان رجال الاستخبارات القطرية ينسقون بشكل مباشر مع الجانب الإيراني لتدمير حلب وإخراج المعارضة بعد أن تتحول المدينة إلى ركام، خصوصا وأن قطر زودت المعارضة في الآونة الأخيرة بأسلحة ذات قوة تدميرية أعلى.

وفي ذلك الوقت، قال زكريا ملاحفجي المسؤول في المعارضة السورية إن جماعات المعارضة أبلغت الولايات المتحدة أنها لن تترك حلب ردا على دعوة موسكو لإجراء محادثات مع واشنطن بشأن انسحاب كامل لمقاتلي المعارضة من الأحياء الشرقية في المدينة المحاصرة. في هذه الأثناء، اتفقت إيران وقطر أن تدفع الدوحة بانسحاب المعارضة ورفع وتيرة القصف على المناطق التي تسيطر عليها، وبالفعل هذا ما حدث تماما، ارتفعت وتيرة القصف وأوقفت قطر تزويد المعارضة بالسلاح، حتى اختلفت الفصائل فيما بينها، وفي لحظة أسرعت جبهة النصرة أبرز الفصائل الإرهابية التصاقا بقطر إلى الهروب من حلب باتجاه مدينة إدلب بضمانات روسية، وتركت المدينة مدمرة لا تنفع لأدنى مقومات الحياة.

ونتيجة العبث الإيراني القطري بدماء الشعب السوري، وقعت أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث حسب تعبير الأمم المتحدة في حلب، بل أن البعض وصف ما جرى في حلب بـ«الجحيم الأرضي».

تورط بالدم

تؤكّد أرقام صادرة عن الأمم المتحدة أنّ عشرات الآلاف غادروا منازلهم نازحين إثر تقدّم قوات النظام في عدد من أحياء حلب، توجّه جزء منهم إلى مناطق سيطرة القوات الكردية في حيّ الشيخ مقصود، فيما ذهب آخرون إلى مناطق سيطرة النظام.

لقد تورطت الأيادي القطرية بالدم السوري من الشمال إلى الجنوب، وباتت البصمات القطرية مشبوهة مع الأصابع الإيرانية، تعمل بشكل متناغم يتحاربون على المنابر في النهار ويخططون لتدمير سوريا في الليل، وكانت النتيجة هروب الشعب السوري إلى أوروبا والدول المجاورة في المخيمات بفضل النوايا القطرية والإيرانية القاتلة والظالمة بحق الشعب السوري.

Email