سياسيون وخبراء عرب لـ« البيان»:

ثبات موقف الدول الداعية لمكافحة الإرهاب .. وفـشل محاولات قطر لتدويل الأزمة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

مع ثبات موقف الدول الداعية لمكافحة الإرهاب وإصرارها على التمسك بمطالبها كل كونه شرطاً لاستئناف العلاقات مع قطر، باءت كل محاولات التملص القطرية بالفشل رغم ضعف بعض المواقف الأوروبية وتناقض في مواقف الإدارة الأميركية.


وأجمع سياسيون وخبراء ومحللون عرب على ثبات موقف الدول الأربع من ضرورة تنفيذ قطر للمطالب العادلة. وأكدوا لـ«البيان» أن مساعي قطر لتدويل الأزمة كلها باءت بالفشل بسبب قناعة أغلبية الدول بمدى تورط قطر في دعم وتمويل الإرهاب. وأوضحوا أنه لا يمكن للدول الأربع أن تبقى جامدة أمام التهديدات والتطورات السريعة والمتلاحقة التي تشهدها منطقة الخليج بسبب عبث السياسية القطرية وتهورها.



وقال الباحث والمحلل السياسي السعودي د. حسين بن فهد الأهدل إن الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب ستظل متمسكة بمواقفها إلى أن تراجع قطر سلوكها العدواني تجاه جيرانها، خصوصاً أنها تدخلت في عمق الشؤون الخاصة للبحرين، وحاولت تأجيج الفتن والتظاهرات وإرباك الأمن فيها، كما حاولت عشرات المرات التدخل في الشأن السعودي ونشر الفوضى في السعودية واستضافت في «جزيرتها» رؤوس الفتن من المنسوبين للسعودية في الخارج أمثال سعد الفقيه والمسعري وغيرهما.


وقال الأهدل إن كل محاولات قطر لاختراق مواقف الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب فشلت وإن محاولات الالتفاف على المطالب العربية لها بالتوقيع مع واشنطن، ومحاولة استمالة بعض الدول الغربية كلها فشلت بدليل عودة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون خالي الوفاض من جولته الخليجية.


أما أستاذ العلاقات الدولية في بجامعة الملك سعود، د.أسامة بن عبد العزيز مطرفي، فقال إن ثبات الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب في مواقفها ضد سلوك الدوحة سببه عدم ثقتها في النظام القطري الذي سبق أن تعهد خطياً بقبول تنفيذ المطالب من دون أي ينفذ أي من تعهداته. وأضاف أن قطر وكعادتها تتعامل مع الموقف بالمكر والاحتيال ومحاولات الالتفاف على المطالب.


وأشار مطرفي إلى أن مواقف بعض الدول العربية الهشة تجاه السلوك القطري المشين ضد جيرانها، لن يسعف قطر، لأن السعودية وعدت على لسان وزير خارجيتها بكشف المزيد من الأدلة التي تدين قطر وتثبت تورطها في الإرهاب.


وأكد المستشار بالديوان الملكي، سعود القحطاني أن المطالب الـ 13 قد يزيد عددها بعد انكشاف سوء نية الدوحة أمام العالم أجمع، مشيراً إلى أن محاولات استجداء الدول الداعية لمكافحة الإرهابVV بزعم اختراق وكالة الأنباء القطرية، والاتكاء على مصادر صحافية، لن ينفع سلطات الدوحة طالما ظل تنظيم الحمدين الحاكم بأمره في قطر.



وفي البحرين أكد المحلل السياسي للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون حمد العامر لـ«البيان» أنه لا يمكن لقطر أن تغير الحقائق أو أن تزيفها، ولا يمكن لمجلس التعاون أن يبقى جامداً أمام التهديدات والتطورات السريعة والمتلاحقة التي تشهدها منطقة الخليج بسبب عبث السياسية القطرية وتهورها. وأضاف أن «تغريد قطر خارج السرب الخليجي، وإصرارها على تمويل عمليات التغيير في الوطن العربي، والمخطط لها أميركياً وبريطانياً منذ أمد طويل، يضع بقاء واستمرار منظومة مجلس التعاون الخليجي، وحفظ استقرارها واستقلال دولها، في ظل التآمر من قطر والحلفاء التاريخيين، أمراً غاية في الأهمية، خصوصاً أن عملية التغيير ليست سهلة، وغير مستحيلة».


بدوره، قال المحلل السياسي أحمد جمعة إن تكتيك قطر القائم على المراوغة والأكاذيب، مستوحى من خلال جماعة الإخوان المسلمين، وعليه فنحن لا نستغرب اليوم، حين نرى أن دول المقاطعة ومن خلال مواقفها الشجاعة والحاسمة، قد وضعت حداً قاطعاً أمام قطر بشأن كل ما تفعله أو تحاول أن تفعله، ومع إدراكها التام لأسلوب قطر في التملص ونكث العهود.


وأضاف جمعة أن «مواقف الدول الأربع تؤكد أنه لا رجوع للخلف تجاه قطر، يقابله محاولات قطرية مفضوحة لتزييف الحقائق، وإطلاق السباب والإهانات تجاه جيرانها». واعتبر أن «أمام قطر خيارين، لا ثالث لهما، إما الرجوع للبيت الخليجي، وإما مواصلة التعنت والمكابرة واختيار العدو الإيراني حلاً لها، وهي خطوة ستشكل بداية النهاية لقطر».


ويصف مساعد وزير خارجية مصر الأسبق، الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب السفير جمال بيومي، في تصريحات لـ«البيان»، الموقف الأميركي إزاء قطر بكونه «موقفاً متردداً وغير واضح»، قائلًا: «الموقف الأميركي متردد وأخشى أن يكون فيه نفاق».

ويشير إلى تردد الموقف الأميركي وتناقضه بالإشارة إلى التصريحات السابقة ضد قطر في الوقت الذي راحت فيه واشنطن تعقد اتفاقية مع الدوحة، التي ترفض عقد مثل تلك الاتفاقية مع الدول المقاطعة لها، فضلًا عن احتفاظ واشنطن بقاعدتها العسكرية في قطر. وفي المقابل فإن موقف دول المقاطعة- حسب بيومي- لا يزال ثابتاً، ويتم التأكيد دائماً على أننا «مصممون على مطالبنا» وخص بالذكر مطلبي وقف الحملات الإعلامية التحريضية وكذا وقف إيواء عناصر إجرامية خارجة عن القانون، واصفاً القطريين في الوقت ذاته بعدم وجود خبرة في السياسة الدولية يمكنهم من خلالها الرد على مطالب دول المقاطعة أو أن يتم التلاقي بين الطرفين.


كما يصف نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية د. عمرو هاشم ربيع، الموقف الأميركي بكونه «موقفاً متردداً ومذبذباً وخالياً من المبادئ». ويعتقد أن واشنطن في حيرة من أمرها، هل ترضي المملكة العربية السعودية أم ترضي قطر التي أوعزت لها دعم هذه الجماعات المتطرفة، وكذا الدخول في علاقات مع حركة حماس وما إلى ذلك.


ويوضح أن مواقف بعض الدول الأوروبية تتطابق مع الموقف الأميركي بعض الشيء، لكن ليس بمستوى الموقف الأميركي نفسه من التردد والتذبذب، مشدداً على ثبات موقف دول المقاطعة، وكذا إدراكها حقيقة المراوغة الأميركية، وإدراكها حقيقة محاولة التنصل من استحقاقات معينة من قبل واشنطن وكذا الدعم الأميركي لقطر والإيعاز لها بدعم وتمويل بعض الجماعات.


فيما يعتقد مساعد وزير خارجية مصر الأسبق حسين هريدي، أن واشنطن تسعى منذ البداية إلى «عدم التصعيد» ودفع أطراف الأزمة لمباحثات مباشرة لمحاولة التغلب على الموقف الراهن، وقامت الولايات المتحدة مؤخراً بتوقيع مذكرة تفاهم مع قطر من أجل مكافحة الإرهاب لتراقب واشنطن مدى التزام قطر بسياسات معينة، وتعمل الإدارة الأميركية حالياً على وضع معايير تحدد مدى التزام الدوحة ومدى احترامها لتلك المذكرة.



وزير الإعلام الأردني الأسبق، د. سمير مطاوع يؤكد أن لجوء الدوحة إلى دول العالم هو طريقة للاستنجاد لعل هذه الدول تؤثر في الأزمة الحالية. وأن الإدارة الأميركية منذ تسلم ترامب لم تعد مفهومة والوصول فيها إلى الحقيقة أمر صعب. ويضيف أن «المهم أن تدرك قطر أن الخطوة الأهم من الاستنجاد بالدول هي تغيير السياسات التي تنتهجها، وعليها أن تأخذ بعين الاعتبار أنها عضو في مجلس التعاون الخليجي، والأحرى أن تبقى الأزمة داخل المجلس ويتم حلها داخل البيت الخليجي».


وبين عضو مجلس النواب الأردني السابق د. أمجد آل خطاب أن التناقضات في الإدارة الأميركية هي غير حقيقية، فمن ناحية سياسية ما يهم الدول هو رأس الهرم الأميركي، وكان موقفه واضحاً اتجاه المقاطعة وعلى الرغم من أن الدوحة وقعت اتفاقية مع أميركا لتعزيز مكافحة الإرهاب، فهي لا تعني أمراً. ويجد آل خطاب أن موقف الدول الأربع سيبقى ثابتاً في المقاطعة إلى أن يصدر موقف إيجابي من قبل الدوحة.


من جهته، يعتقد الخبير الاستراتيجي، د. عامر السبايلة أن الموقف الأميركي تجاه الأزمة ينطلق من أساس مكافحة الإرهاب، «فالموقف واضح إلا أن الإجراءات غير ذلك، فمحاولة إنجاز اتفاقية مع الدوحة ماهو إلا ضمانات تقدمها أميركا للدول الأربع في كون الدوحة ستكافح الإرهاب»، مشيراً إلى أن «هذه الاتفاقية جاءت على خلفية الأزمة، ومنحت الولايات المتحدة دور المراقب على السياسة القطرية، وأن الدوحة تحاول تدويل الأزمة لتخفيف المطالب».


ويرى المحلل السياسي حازم الخالدي أن مواقف الدول الأربع لن تتغير ما لم تستجب قطر لمجموعة المطالب التي قدمت لها، والتي على رأسها مكافحة الإرهاب وعدم تمويله واحتضانه. وحتى إن كان هنالك تناقضات دولية في التعامل مع هذه الأزمة، فالدول ثابتة في موقفها وهي الأهم في هذه المعادلة.



ويرى مراقبون تونسيون أن الدول الداعية لمكافحة الإرهاب المدعوم قطرياً، أعلنت بصوت واحد أن أية وساطة لا تنبني على مبدأ تنفيذ مطالبها، هي وساطة فاشلة، وقد أدرك وزراء الخارجية، الأميركي والألماني والفرنسي والتركي ذلك، حيث إن الخلاف عميق، وهو مرتبط بمصير دول وشعوب المنطقة التي تواجه تهديدات جدية من عراب الإرهاب القطري وحلفائه في المنطقة.


وأكد المحلل السياسي منذر ثابت أن الدول الداعية لمكافحة الإرهاب أبدت حزما واضحا في تصديها لمحاولات الاختراق القطري المباشرة وغير المباشرة، وأثبتت قدرة فائقة على الاستمرار في موقفها المبني بالأساس على ثوابتها السياسية وخاصة في ما يتعلق بالحرب على الإرهاب والعمل على تجفيف منابعه.

وقال ثابت لـ«البيان» إن الجميع يدرك أن تنظيم الحمدين الذي يمتلك احتياطاً نقدياً يصل إلى 300 مليار دولار، كان صرف مليارات الدولار لشراء الذمم والضمائر عبر العالم بما في ذلك دول الغرب، واستطاع أن يشكل لوبيات داخل النخب السياسية والإعلامية والاقتصادية والحقوقية ليجيرها لخدمة مشروع الإسلام السياسي في المنطقة، الأمر الذي يفسر التناقض في المواقف وخاصة في الولايات المتحدة، حيث يسعى المستفيدون من المال القطري إلى تزييف الوقائع وتزوير الحقائق وفبركة المعطيات للتأثير على القرار السياسي بما يخدم مصالحهم.


وأوضح المحلل السياسي عزالدين بن محمود أن المشهد بات واضحاً، فالدول الأربع باقية على موقفها وإجراءاتها الموحدة، والنظام القطري يترهل من الداخل، ويواجه حالة من التململ التي تهدد مستقبله، وهو عاجز عن اختراق منظومة المقاطعة، وليس أمامها إلا الاستمرار في الترويج للأكاذيب والإشاعات التي يقوم بفبركتها ونشرها، سواء في وسائل إعلامه أو في وسائل إعلامية أجنبية خاضعة لحسابات العرض والطلب.

وأوضح بن محمود أن تنظيم الحمدين بات على يقين بأن لا حل أمامه إلا الرضوخ للمطالب، ولكنه يكابر ويماطل ويسعى إلى اللعب على التناقضات، أو على عنصر الوقت، وهي سياسية إخوانية بامتياز.

كما يعمل على كسب تعاطف دولي اعتماداً على شراء الذمم والتلويح بالعقود المالية الضخمة، انطلاقاً من استعداده للتنازل للغرباء مقابل العناد أمام الأشقاء.



في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يرى القيادي في حزب الشعب وليد العوض، أن الدول العربية اكتوت بنار السياسة القطرية خصوصاً خلال العقد الأخير. وقال إن المطالب الـ13 ثابتة وتنطلق من استراتيجية الدول الداعية لمكافحة الإرهاب. وأوضح أن هذه الدول ترى أن قطر لعبت دوراً أكبر من حجمها، وهم يريدون إعادتها إلى حجمها الطبيعي.


وأكد أن مصر خاصرة قوية للأمة العربية، كما أن السعودية والإمارات تقفان إلى جانب مصر كونها محوراً لقيادة الأمة العربية، وأن ما يجري إعادة موضعة عوامل النفوذ والقوة بحيث تستعيد مصر مكانتها، والسعودية في الخليج، وهذا يقتضي أن يتم تحجيم دور قطر، وتحجيم مكانتها التي صعدت إليها في الآونة الأخير بالاستناد إلى إمبراطورية المال والإعلام.

وأضاف أن «الثبات العربي يدل على حجم المصالح التي تدافع عنها الدول العربية، كما أن هذه الدول لديها معلومات ومؤشرات أن قطر تدخلت في الشؤون الداخلية ودعمت جماعات الإسلام السياسي التي خرجت من أحشائها العديد من الجماعات المتطرفة».


من جهته، قال المحلل السياسي كمال الرواغ، إن الدول العربية هي أقرب الدول لقطر وهم جيرانها الحقيقيون، ويعرفون تفاصيل الأمور وما يجري في الدوحة، ويعرفون عن رعاية قطر للإرهاب وتمويلها للمؤسسات والجماعات الإرهابية.

وأوضح أن الدول العربية تأكدت أن قطر تحتضن جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس والجماعات المتطرفة الليبية. وأوضح أن المواقف الأوروبية متذبذبة لأن هناك مصالح لها في قطر، ويريدون أن يحافظوا على هذه المصالح.     

Email