قطر في مأزق حقيقي

«تنظيم الحمدين» يدفع الدوحة نحو الكارثة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تزال قطر على غيّها القديم، على نفس الدرب تسير وبذات الأجندة تتمسّك، «الإرهاب» خيارها وهدفها الذي تصر على عدم الحياد عنه، على الرغم من عدم مقدرتها على تحمّل عواقبه، فالمحيط الساعي لخير المنطقة ورفاهها لن يسمح لها بتقويض أمنه وزعزعة استقراره وسلامته.

لن ينقذ «تنظيم الحمدين» تحالف الشر مع إيران وإسرائيل، فالدول الداعية لمكافحة الإرهاب على قلب رجل واحد لإعادة «رعاة التطرّف» ومموّلي سفك الدماء إلى جادة الطريق طال الزمن أو قصر.. وعلى قطر أن تعي أنّ مخرجها من المأزق الذي وضعت نفسها فيه بممارستها المشبوهة، ليس في محاولات التلاعب والالتفاف فكل ذلك لن يجدي فتيلاً وسيغرقها في قاع عزلة أعمق.

وتشير مصادر دبلوماسية، إلى أنّ «تنظيم الحمدين» لا يزال يتعمّد مخاطبة العالم بلغة تعج بالكثير من المكابرة، على الرغم من إدراكه عدم المقدرة على الصمود أكثر، لاسيّما في ظل توسّع إصرار الدول الداعية لمكافحة الإرهاب على ردعه، مؤكدة أنّ التحالف مع طهران وأنقرة وتل أبيب لن يخرج قطر من المأزق الذي وضعت نفسها فيه، لافتة إلى أنّ كل محاولات التلاعب بالمصطلحات والمواقف لن تجدي نفعاً في خروجها من وضعها المأزوم.

وتكشف المصادر ذاتها عن أنّ «دولاً عربية وأجنبية تنظر بعين الرضا لإجراءات الدول الداعية لمكافحة الإرهاب ولو لم تتخذ إجراءات مماثلة»، موضحة أنّ هذه الدول في انتظار انهيار المشروع القطري بكل أجنداته لتبارك، مضيفة أنّ كواليس السياسة العربية والدولية تكاد تجمع على أنّ إجراءات الدول الداعية لمكافحة الإرهاب في وجه قطر كان سليماً ويستحق كامل التقدير، لما يمثّله من حزم وحسم ضد الإرهاب والفوضى.

بدورهم، يرى محللون سياسيون أنّ «تنظيم الحمدين» يخشى التفريط في أنيابه السامة المتمثّلة في الإرهاب وقناة الجزيرة واحتضان جماعة الإخوان والتحالف مع إيران والتمسّك بالقاعدة العسكرية التركية، باعتبار أنّ هذه الأنياب هي ما يضمن له الاستمرار في الدور التخريبي وبث السموم، مضيفين: «لكن جيرانها لن يقبلوا بذلك بل ستكون لهم القدرة على اتخاذ حزمة من الإجراءات الجديدة التي تزيد من عزلتها بما يفقدها القدرة على إلحاق الأذى وغرز أنيابها السامة في الجسد الخليجي والعربي».

ويوضح مراقبون أنّ «تنظيم الحمدين» تورّط ومنذ البداية عندما ربط مقوّمات دوره الإقليمي والدولي بدعم الإرهاب والتحالف مع قوى التطرّف، وتحريضه على الدول والشعوب العربية والتآمر على جيرانه، ما يجعله يعتقد اليوم أنّ عودته إلى ما قبل انقلاب الأمير السابق حمد بن خليفة على والده قبل أكثر من عقدين، سيخرجه من دائرة التأثير السياسي وموقعه في صدارة الدول المتحكمة في توجهات الإرهابيين والمتخصصة في المساومات والمفاوضات باسمها.

آليات جديدة

ويبيّن المحلل السياسي والخبير القانوني التونسي عبد الحميد بن مصباح، أنّ «تنظيم الحمدين» سيجد نفسه في موقف صعب حال إصراره على استمرار تعنته ومكابرته، لاسيّما أنّ الدول الداعية لمكافحة الإرهاب تملك من آليات الضغط ما يجعلها قادرة على وقفه عن أذية جيرانه ومحيطه.

ويمضي ابن مصباح إلى القول إنّ الدول الداعية لمكافحة الإرهاب تعاملت مع قطر وفقاً للقانون الدولي، واستخدمت حقوقها السيادية فقط، وأنّها قادرة على فعل أكثر من ذلك بكثير في ظل احترام القوانين والأعراف الدولية، على غرار تجميد الأرصدة وسحب الودائع والمقاطعة الاقتصادية الكاملة.

ويشدّد المحلل التونسي على أنّ «تنظيم الحمدين» يجر قطر إلى خسائر كارثية حال استمراره إنكار دوره التخريبي في المنطقة، مشيراً إلى أنّ تحالفه مع ايران وتركيا وأية دول أخرى لن يجنبه تأثيرات الإجراءات التي اتخذتها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب.

ويلفت ابن مصباح إلى فشل «تنظيم الحمدين» في تدويل الأزمة، وعليه إدراك أنّه مدان عالمياً، وأن الغطاء الذي كانت يستر به دوره الإرهابي رفع نهائياً وعليه العودة لحجمه الحقيقي، وعدم الاستمرار في انتهاج المناكفة ومعاكسة الواقع والتعدّي على خصوصيات الجغرافيا، إذ إنّ من شأن ذلك تعميق العزلة وإغلاق أي منفذ للخروج منها.

لا صلح

ووفق ما يرى المحلل السياسي التونسي منذر ثابت، فإنّ «تنظيم الحمدين» لم يترك مجالاً للصلح والوفاق ورأب الصدع عبر الارتماء في أحضان المشروع التوسّعي الفارسي، والمشروع التوسعي العثماني والمشروع الصهيوني، فضلاً عن المشروع الإخواني.

مضيفاً أنّ الغرب توصّل إلى أنّ مصالحه مع قطر لا تمثل شيئاً حال مقارنتها بمصالحه مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، فضلاً عن اقتناعه بأنّ التطرّف الذي طرق أبواب عواصمه ومدنه وهدد مصالحه هو من صنيعة «تحالف الشر» الذي تقف قطر في صدارته.

ويوضح ثابت أنّ لجوء «تنظيم الحمدين» لإيران وتركيا زاد من تورّطه في مستنقعات التطرف، إذ تبين للعالم أنّه اختار التحالف مع قوى الإرهاب دون غيرها، ما سيعني لعواصم القرار الدولي محاولته التنصّل عن التزاماته والاستمرار في تزعّم منظومة الإرهاب، كما فعل عبر دعمه جماعات «داعش» والقاعدة والإخوان والحوثيين وحزب الله والميلشيات في دول عدّة.

مأزق حقيقي

في السياق، يلفت المحلل السياسي الليبي محمد أحمد الهوني، إلى أنّ قطر في مأزق حقيقي بعد رفضها مطالب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، ولن تستطيع الاستمرار في المكابرة والتنطع، لاسيّما أن ما كانت تعتبرها عناصر قوة في السابق باتت اليوم عناصر ضعف أمام العالم مثل قناة الجزيرة والجماعات الإرهابية وتيارات التطرّف واللعب على حبال التناقضات.

ويوضح الهوني أن «تنظيم الحمدين» قد يختار لعب دور «إسرائيل الخليج» من حيث التماهي مع الكيان الصهيوني في الحجم والدور والعزلة الإقليمية إلّا أنّ ذلك لن يفيده، باعتبار أنّ الشعب القطري لن يقبل، ولأنّ الحسابات الجيوسياسية في الخليج مختلفة عن الوضع في البحر المتوسط، فضلاً عن أنّ لدول الخليج من القدرة على ردع قطر المعزولة، أكثر مما لدى دول المشرق من القدرة على معاقبة إسرائيل المعزولة منذ تأسيسها.

إنكار ومكابرة

من جهته، ينوّه المحلل السياسي التونسي عمر الحاج، إلى أنّ «تنظيم الحمدين» تبنّى أفكار الإخوان، بما فيها التعنّت الذي كبّد الجماعة الإرهابية خسارة كل معاركها، فضلاً عن خضوعه لمواقف ودعوات وتوجيهات قوى التطرف جعله يفقد البصر والبصيرة في مواجهة الواقع والتحديات.

ويلفت الحاج إلى أنّ المتطرّفين هم الذين يقودون دفة السياسة القطرية كأفراد لتوريط قطر في صراع لن تستطيع الانتصار فيه أو النجاة من عواقبه، وحينها تكتشف قطر أنها ضحت بكل شيء من أجل لاشيء، موض حاً أنّ إجراءات الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بدأت تعيد الميليشيات والعناصر المدعومة من قطر إلى حجمها الحقيقي، فضلاً عن أنّ أي عقوبات جديدة على قطر سيشجع الدول المترددة على اتخاذ قرارات مماثلة.

 

 

 

Email