نظام الدوحة يجيّش الناشطين للإساءة وتزوير الحقائق

«كتائب تميم الإلكترونية» تنشر الضـلال

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يترك «تنظيم الحمدين» مكاناً إلّا ودفن فيه بذور سمومه. لم يكتف بنشر العنف والفوضى والإرهاب في عديد دول وبلدان وإيواء التطرف ورموزه، فطفق يغدق الأموال وبلا حساب على تجييش الناشطين الإلكترونيين في «كتائب تميم»، لممارسة التضليل لبث الأكاذيب والأخبار الزائفة بحق الدول الداعية لمكافحة الإرهاب.

لقد خصّص «تنظيم الحمدين» أكثر من 100 مليون دولار أوائل يونيو الماضي لتمويل كتائب تميم الإلكترونية وتجييش آلاف الناشطين ضد الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، لقد تمّ تشكيل لجان متخصّصة في التضليل الإلكتروني ينتمي جل عناصرها إلى تيارات متطرّفة متحالفة مع الدوحة وتنشط في دول عدّة مثل تركيا وإيران وفرنسا وبريطانيا ودول مغاربية وفق ما كشفت عنه مصادر خليجية رفيعة.

وأكّد مراقبون أنّ كتائب تميم الإلكترونية رفعت من مستوى تضليلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال نشر أخبار زائفة وفيديوهات مفبركة وتصوير قطر على أنّها مستهدفة بسبب دعمها للقضية الفلسطينية ودفاعها عن ثورات الربيع العربي. ولفت المراقبون إلى أن «أحزاباً ومنظمات وجمعيات ووسائل إعلامية ذات مرجعيات إخوانية، عقدت صفقات مع قطر لتجنيد أعداد كبيرة من الناشطين في عواصم ومدن عربية وأجنبية، بهدف ترويج المواد المستهدفة سواء من خلال صفحات مزورة أو أخرى يتم اختراقها عبر قراصنة محترفين، فضلاً عن وضع إشارات الإعجاب والاشتراك والتعليق على الأخبار والصور والفيديوهات، بما يشيد بنظام الدوحة ويسيء لكل من يتخذ موقفاً مناوئاً لتصرفاتها العدائية».

وشدد أستاذ الإعلام في الجامعات الليبية عبد الكريم العجمي في تصريحات لـ «البيان»، على أن قطر دفعت مبالغ ضخمة من أجل تشكيل جيوش إلكترونية تدافع عن سياساتها في المنطقة والعالم، انطلاقاً من الترويج لمواد إعلامية واجتماعية تفبرك في مراكز رئيسية وهي الدوحة وإسطنبول ولندن، بهدف الإساءة إلى السعودية ودولة الإمارات ومصر وكل من يعلن تأييده للدول المقاطعة وشجبه لسياسات النظام القطري.

وأضاف العجمي أن تنظيم الحمدين وظّف مقدرات «الإخوان» في نشر الأكاذيب وتزييف الوقائع واستدرار عواطف البسطاء والسذج، لا سيّما في التركيز على أنّ قطر قبلة المظلومين، وما هي سوى مأوى للإرهابيين وقيادات الإخوان المتأسلمين وخونة الأوطان، وداعمة مثيري الإرهاب والفوضى في المنطقة عبر تحالفها مع الجماعات المتطرفة لمساعدتها على إثارة العنف والفوضى.

بين الدوحة وإسطنبول

ونقل موقع «ترك هابر أونلاين» الذي يتخذ من لندن مقراً عن مصادر دبلوماسية غربية في إسطنبول قولها، إن «اتنظيم الحمدين تواصل عبر الوزير السابق للإعلام حمد الكواري مع الجهات التركية للتنسيق في إطلاق جيش إلكتروني متخصّص في شن حملات إعلامية وإلكترونية على السعودية والإمارات والبحرين ومصر، من خلال جيش من الإعلاميين البعيدين عن صفة العلاقة العلنية بقطر أو بتركيا».

وأضافت المصادر أن وزير الإعلام السابق والمستشار الحالي لأمير قطر حمد الكواري، اقترح على الأتراك الاستعانة بالإعلامي خضر عواركة مدير التخطيط الإخباري السابق في قناة الجزيرة وصديق بلال أردوغان ابن الرئيس التركي، باعتبار عواركة معـــروفاً بمواقفــه المعادية للمملكة العربية السعودية، فيما لا يمكن لأحد اتهامه بالعمل لصالح قطر، نظراً لهجومه المستمر على الدوحة، وتعرضه لحملات عنيفة من قبل قناة الجزيرة ومذيعيها.

في المقابل، أعلن عواركة رفضه العرض قائلاً: «كنت في الجزيرة لسنوات وتبرأت منهم ومن أموالهم حين أصبحوا أبواق فتنة وأدوات إسرائيلية علنية ووقحة ولا يشرفني الدفاع عنهم ولو مقابل أموال الدنيا»، مضيفاً: «اتصلت شركة علاقات عامة أميركية بمدير شركتي في كندا لتكليفنا بحملات إعلامية في الشرق الأوسط، عند التفاوض حول المطلوب اكتشفنا أنهم يعرضون علينا تولي الدفاع عن قطر باللغة العربية فأنهينا المفاوضات بالرفض».

«كلما وجدتم حساباً داعماً للسعودية أو الإمارات، واجهوه بحساب معاكس، حاولوا أن تجعلوه بالاسم ذاته أو باسم قريب منه لبث الاضطراب في المتلقي نفسه»، هذه إحدى التوصيات التي يخاطب بها مسؤولو كتائب تميم الإلكترونية حلفاءهم وتابعيهم ومئات المرتزقة الموزعين على عدد من الدول العربية والغربية، وأن مئات الحسابات أطلقت مؤخراً بمعرفات حكومية وشخصية لأطراف معادية للسياسات القطرية، وفق ما تؤكد مصادر مطلعة.

في ليبيا، قامت «كتائب تميم» بإنشاء حسابات بمعرفات الجيش الوطني الليبي وقائده العام المشير خليفة حفتر والناطق الرسمي أحمد المسماري لنشر مواد الهدف منها خلط الأوراق ونشر المعطيات الكاذبة، لتنوّه القيادة العامة للقوات المسلحة بأنّه في الآونة الأخيرة ومع سقوط ما وصفتها بـ«عاصمة الإرهاب القطرية»، وقطع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب علاقاتها مع الدوحة، انتشرت صفحات مزوّرة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تنسب نفسها إلى القوات المسلحة وقائدها العام المشير خليفة حفتر وعدد من قادة الجيش.

وأكدت القيادة العامة وفق مكتبها الإعلامي على بدء هذه الصفحات التابعة لمن أسمتهم «الجيش الإلكتروني القطري وميليشيات الإخوان والمقاتلة وداعش والقاعدة، بتشويه صورة أفراد الجيش ومحاولة بث الفرقة والفتنة بين صفوفهم»، نافية صحّة ما ورد عبر هذه الصفحات المزورة الممولة عبر حسابات قطرية إرهابية، مشيرة إلى أن «قنوات التصريح الوحيدة المتعارف عليها من الناطق العسكري والمكتب الإعلامي بالقيادة وشعبة الإعلام الحربي هم الوحيدون المخولون بالتحدث في أمور القيادة العسكرية وغيرها».

استهداف السعودية

ومول «تنظيم الحمدين» مؤسسات إعلام عربية ودولية لتتحول إلى أفاعٍ تبث سمومها في جسد الأمتين العربية والإسلامية، ومن ثمّ انتقلت لبث سمومها في مواقع التواصل الاجتماعي عبر عشرات الحسابات التي تُعرِّف نفسها بأنها «سعودية»، إلّا أنها تدافع عن قطر وتهاجم الوسائل الإعلامية المحلية، التي انتقدت التصريحات القطرية المسيئة للمملكة، وفق صحيفة عكاظ.

وبحسب رصد الصحيفة، فإنّ هناك تشابهاً كبيراً بين المعرفات التي تهاجم السعودية منذ أعوام وتحاول نشر الإحباط في الشارع، وهو أنها انبرت للدفاع عن قطر منذ الليلة التي أطلق فيها تميم بن حمد تصريحاته، التي هاجم خلالها أشقاءه في دول الخليج وامتدح إيران، ووصف ميليشيات حزب الله الإرهابية بالمقاومة، واعتبر حركة حماس الممثل الشرعي للفلسطينيين.

وبعد التدقيق في محتوى التغريدات، اتضح جلياً أن هذه المعرفات تمثل توجهاً واضحاً، مهمتها الأساسية التركيز على مهاجمة السعودية والدفاع عن قطر وتصريحات أميرها، في حين دأبت التغريدات السابقة والقديمة في الحسابات ذاتها على الدفاع عن تنظيم الإخوان المتطرف وقياداته.

قواسم مشتركة

ولفتت الصحيفة إلى أن هذه الأساليب ليست جديدة، إذ سبق وأعلن مؤتمر الأمن والإعلام الذي نظمته أكاديمية نايف للأمن الوطني 2015، أنه يوجد نحو ستة آلاف حساب في «تويتر» موجهة لزرع الفتنة والإحباط داخل المجتمع السعودي، وأربعة آلاف حساب تقوم بإعادة نشر التغريدات الصادرة من حسابات تسيء إلى المملكة، وتحاول بث الفتنة وزعزعة الأمن، وتمّ رصد حسابات تقوم بطريقة منهجية بنشر ما يعادل 90 تغريدة مسيئة للسعودية في الدقيقة الواحدة، أي نحو 130 ألف تغريدة يومياً، فيما يرجّح أن تكون هذه الأرقام قد تضاعفت، وأصبح هناك عشرات الآلاف من الحسابات الوهمية التي تدار من قبل الأشخاص أنفسهم وللأغراض ذاتها.

لقد اتضح أن هذه الحسابات والتغريدات التي تبثها ترتبط بستة قواسم مشتركة، هي محاولة الإيحاء بأن صاحب المعرف مواطن سعودي، الدفاع عن قطر ومهاجمة أي انتقادات صادرة من وسائل الإعلام السعودية، مهاجمة قناة العربية والدفاع عن قناة الجزيرة، المشاركة في الهاشتاقات المسيئة للمملكة، وإعادة تغريدات للحسابات القطرية والإخوانية التي تهاجم السعودية، وجميعها تتابع حسابات معروفة لشخصيات قطرية وإخوانية.

تجنيد عناصر

إلى ذلك، تشير مصادر موثوقة إلى أن كتائب تميم الإلكترونية جنّدت مئات العناصر في دول المغرب العربي مثل الجزائر وتونس وموريتانيا للدفاع عنها ومهاجمة خصومها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، معتمدة في تجييش هذه العناصر على أحزاب وجماعات إخوانية مرتبطة بها عقائدياً وسياسياً واقتصادياً.

وأشار المحلل السياسي التونسي منذر ثابت، إلى أن « قطر بدأ خوض الحرب الإلكترونية منذ فترة بعيدة، واعتمدت عليها في تشويه الأنظمة العربية مقابل تلميع صورتها ، وأطلقت خلال الأسابيع الماضية مشروعاً كبيراً بهدف كسب التعاطف في الشارع العربي، وخصصت غرف عمليات تنشط على مدار اليوم للدفاع عن «تنظيم الحمدين» وتقديمه على أنه نصير الضعفاء ومعين الفقراء وداعم الثوار والمدافع عن قضايا الأمة، وجميعها شعارات أثبتت كذبها.

بدوره، أكّد المحلل الليبي البشير الصويعي، أن «تنظيم الحمدين» استقطب ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعية للإساءة لدول المقاطعة والدفاع عن نظام تميم، وخصص مكافآت مالية كبيرة لذلك تدفع عبر السفارات القطرية أو من خلال التحويل المالي أو عن طريق شركات مرتبطة بالدوحة.

50%

أظهر تحليل حسابات «تويتر» باللغة العربية في العام 2015، أن كل ثاني تغريدة في قطر كانت تحمل خبراً داعماً ومؤيداً لتنظيم داعش، أي أن 50 في المئة من تغريدات قطر تعلن الدعم لداعش، ما يجعل قطر على رأس قائمة الدول الحاضنة لحسابات «تويتر» المؤيدة لداعش.

وتصل نسبة التغريدات المؤيدة لداعش في باكستان إلى 35 في المئة لتحتل المركز الثاني، فيما تقف بلجيكا في المركز الثالث تليها إندونيسيا وبريطانيا وليبيا في المركزين الخامس والسادس تليها تركيا.

Email