النظام حــوّل البــلاد إلى ثكنة عسكــرية وأمنيــة واستخبـارية لمحاصـرة أي حراك شعبي

حالة التذمر الشعبي في قطر تتوســع وتميم يجند أجانب لتأمين نظامه

ت + ت - الحجم الطبيعي

اتسعت دائرة التذمر الشعبي في قطر، وبات شعار «ارحل يا تميم» مسموعاً في شوارع الدوحة رغم حالة التضييق الأمني المعتمدة من قبل النظام القطري.

وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن حالة التململ تبدو واضحة بين القطريين الذين أدركوا حجم الورطة التي وضع فيه أمير البلاد تميم بن حمد بلادهم بسبب تآمره على الدول الشقيقة، خصوصا مع ظهور بوادر أزمة اقتصادية ومالية، تجسدت بالخصوص في تراجع قيمة الريال، وارتفاع نسبة التضخم، وغلاء الأسعار بشكل غير مسبوق، بعد أن صارت البضائع تورد عبر البحر والجو، وبعد أن كانت تصل عن طريق البر من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

تحركات مشبوهة

وقالت مصادر إن النظام في الدوحة حوّل قطر الى ثكنة عسكرية وأمنية واستخباراتية لمحاصرة أي حراك شعبي رافض لتصرفاته، حيث لوحظت تحركات مشبوهة لعناصر أجنبية بعضها تركي وإيراني إلى جانب عناصر أخرى تنتمي إلى حزب الله وحركة حماس، كما تم تجنيد المئات من أفراد الجاليات الآسيوية وخاصة الباكستانية والأفغانية لرصد مواقف المواطنين القطريين من أبناء القبائل المشتبه في إمكانية إطلاقها احتجاجات علنية ضد النظام الحاكم.

وأشارت المصادر إلى أن اتساع دائرة التنصت على المكالمات الهاتفية ومواقع التواصل الاجتماعي، مع الاعتماد على أخصائيين أتراك تم انتدابهم خصيصا لهذا الغرض، بينما ظهرت مدرعات تابعة للقاعدة التركية في شوارع الدوحة لإرهاب السكان المحليين، في وقت يجمع فيها المراقبون على أن نظام تميم بات يعتمد بشكل شبه تام على العناصر الأجنبية في تأمين نفسه وقمع مواطنيه، وهي ظاهرة تكاد تكون غير مسبوقة عالميا.

في الأثناء، وجه نائب رئيس مجلس المعارضة القطرية، عبدالله محمد المري، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل «تويتر»، رسالة للشعب القطري طالبهم من خلالها بالتوقف عن سياسة التطبيل للقيادة القطرية في مواجهة المجتمع الدولي ودول الخليج، مؤكداً أن الشعب القطري سيندم على ما يحدث ولكن وقتها لن يفيد الندم.

وطالب المري، بضرورة طرد القوات التركية والإيرانية من قطر.

وأبرزت مصادر من المعارضة القطرية أن نظام تميم بات يعتمد على الأجانب في تسيير شؤونه الأمنية والعسكرية، بالأساس على عناصر تنتمي عقائديا الى جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة الإرهابيين وإلى بعض الميليشيات العراقية واللبنانية الى جانب قيادات من الحرس الثوري الإيراني تقوم بالإشراف على غرف العمليات.

وبحسب المعارضة القطرية، فإن الإيرانيين يتدخلون في الشأن الداخلي القطري منذ سنوات طويلة، ويدعمون أجهزة الأمن القطرية منذ انقلاب الأمير الأب حمد بن خليفة على والده في عام 1995.

أمر صعب

وفي سياق متصل، ترى الأمين العام المساعد لائتلاف المعارضة القطرية نوف بنت أحمد آل ثاني، أن فكرة نزول الشعب القطري إلى الشارع أمر صعب نظراً لما يمارسه تميم بن حمد من قمع تجاه المواطنين القطريين.

وأضافت في تصريحات صحافية أن قطر تدار بقبضة من حديد، وتستدعي بالذاكرة آلة القمع التي كان يمارسها الاتحاد السوفييتي على معارضيه، إلى جانب شروع النظام في موجة اعتقالات طالت حتى 3 من أعضاء الأسرة الحاكمة، وتابعت: من الممارسات التي تنفذها قطر أنها قامت بإسقاط جنسية معظم المعارضين البارزين وأنا منهم، حيث تم إعلامي رسميا من البعثة الدبلوماسية القطرية في جنيف بأنه تم إسقاط جنسيتي وعلي تسليم جميع الأوراق الثبوتية لانتفاء الصفة والمصلحة من حملها.

تجسس وتنصت

في الأثناء، ذكرت تقارير مسربة من داخل قطر أن نظام تميم يقوم باستقطاب أعداد من المقيمين العرب في البلاد، لتشكيل ما يسمى بفرق الدعم الأمني، وهي مجاميع سرية، تقوم برصد حركات المقيمين العرب الذي يمكن أن يكونوا مناوئين لسياسات تميم، كما يشرف بعضها على البرامج الدعائية على صفحات التواصل الاجتماعي، لتلميع صورة النظام القطري للمتلقي خارج البلاد.

وأضافت المصادر ذاتها، أن هذه الفرق برزت بالخصوص بعد ظهور بوادر تذمر لدى المقيمين، نتيجة تراجع قيمة الريال القطري، وارتفاع الأسعار، وفقدان العملات الأجنبية وخاصة الدولار في المصارف والصرافات، والتكهن بإمكانية أن تشهد البلاد أزمة اقتصادية حقيقية في حال توسيع دائرة الإجراءات المتخذة ضد النظام القطري بداية من اليوم.

وبينما كان الإعلام القطري يروج للداخل أن كل ما أقدمت عليه الدول الأربع (الإمارات العربية المتحدة، السعودية، البحرين، مصر) هو بهدف الضغط على السيادة القطرية، كانت الطائرات الإيرانية تتهافت على مطار حمد الدولي في الدوحة، تجلب المواد الغذائية، بينما انكب أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني على اتصالات متتالية إلى إيران.

وحاول وزير الخارجية القطري التركيز على عامل السيادة موهماً بذلك الشعب القطري أن كل ما يجري بهدف النيل من سيادة قطر، بينما ظهرت تساؤلات عديدة من المراقبين الخليجيين، هل وقف تمويل الإرهاب في سوريا والعراق واليمن ينقص من السيادة القطرية، وهل طرد جماعات الإخوان المحرضة على الفتنة والقتل في مصر ينقص من السيادة القطرية.

ومن يتابع مجريات الأحداث منذ بداية المقاطعة في 6 يونيو الماضي، يرى أن السلوك القطري يجسد كل التناقضات فيما يتعلق بالسيادة وأمن المنطقة، وأنها تقول عكس ما تفعل وتزداد بالتحريض والعبث بإمكانات شعوب المنطقة، فيما تفرض على الشعب القطري ضريبة ليس مسؤولاً عنها. أمام هذا الوهم الذي تبيعه قطر للشعب القطري، تأتي الطائرات التركية والجنود من تركيا لتعزز مبدأ السيادة المزعومة من قطر، لتجسد قطر بذلك مبدأ التدخل في شؤون الخليج رداً على مطالب الدول الأربع بوقف الطعن في ظهر الخليج، فكيف من يتحدث عن السيادة يلهث خارج حدوده الإقليمية طالبا الحماية.. أين السيادة في كل هذا العبث القطري؟.

تململ واضح

وبدأ التململ الداخلي من سياسات قطر واضحا، خصوصا في الأسواق المالية والأسواق الاستهلاكية، وبدا الريال القطري يساوي صفراً في الأسواق المالية العالمية، الأمر الذي دفع القطريين إلى حالة من التململ في الداخل، بينما يمضي النظام القطري في مشروع جلب التدخلات الخارجية لحمايته، في الوقت الذي تسعى دول الخليج إلى إعادة قطر إلى الصف الخليجي.

وتشير عدة مصادر متطابقة، إلى أن حالة الاختناق القطري الاقتصادية، بدأت تدخل في دوائر التفكير القطري، لافتة إلى أن الهواجس بدأت تتنامى من الوضع الاقتصادي الداخلي.

وأشارت المصادر أن غالبية الشعب القطري، يتساءل لماذا كل هذه الرعونة والعناد السياسي، مادامت الدول العربية لا تنوي التدخل أو الإساءة للشعب القطري، فقط المطلوب تعديل النهج القطري وقطع العلاقات مع كل من يسيء إلى أمن الخليج.

ورأى الكاتب السعودي هاشم عبده هاشم أن ما تتجه إليه قطر من جلب قوات خارجية هو أمر خطير على المنطقة وعلى أمن الخليج، في الوقت الذي تتحدث فيه الدوحة عن السيادة الوطنية.

وقالت المعارضة القطرية المقيمة بالعاصمة المصرية القاهرة منى السليطي لـ «البيان»- إن من حول الأمير تميم بن حمد آل ثاني أو بطانته وأولئك الذين هم من يقفون بجواره ولديهم مصالح معه، هؤلاء جميعًا يدعمونه ويساندونه في السياسات القطرية والمواقف وكل القرارات المتخذة، بينما عامة الشعب القطري ليسوا منساقين خلف القيادة السياسية وجميعهم ضد الفساد، ولديهم حالة عدم رضا آخذة في التصاعد على المستوى الشعبي.

وشددت على أن القطريين ينتظرون من يمد لهم يد العون ويدعمهم في مواجهة هذه السلطة، ولا يجدون من يدعمهم (كما وجد المصريون في 30 يونيو 2013 القوات المسلحة والمشير عبد الفتاح السيسي آنذاك ليدعمهم) لكن القطريين لا يجدون سوى مجموعة من أصحاب المصالح الذين لا يمكن أن يدعموا الشعب القطري الرافض لتلك السياسات.

وأفادت بأن الداخل القطري يرحب بأي قرارات خارجية تنهي ذلك الوضع الذي يعيشه مع السلطة، فالشعب قلق جدًا والناس لا يستطيعون ممارسة حياتهم بصورة طبيعية، وكثير من الشوارع خالية لأن الناس خائفة وتترقب مصير الأزمة. متمنية خروج معارضة وطنية حقيقية تعمل من أجل السعي لإزاحة ذلك النظام، لكنها قالت إن أي معارضة هي بحاجة لمن يدعمها ويساندها.

عدم رضا

يقول آخر سفراء مصر في الدوحة محمد مرسي عوض لـ "البيان" إن الإعلام القطري لا يبرز أبدًا وجود أية أصوات مناهضة للسياسات القطرية، ويركز على تصدير وإبراز صورة إظهار التضامن الشعبي مع الحكومة القطرية والسياسات القطرية ودعم الشعب لدولته ومساندته لها، ذلك رغم وجود حالة عدم رضا في كثير من الأوساط القطرية الرافضة لتلك السياسات.

Email