شركات عالمية تستعد للرحيل

أوضاع كارثية تنتظر الاقتصاد القطري

ت + ت - الحجم الطبيعي

تنتظر الاقتصاد القطري أوضاع كارثية، بعد انقضاء المهلة الممنوحة للدوحة، والتي حددتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بوساطة كويتية، من دون الموافقة على المطالب الخليجية والعربية.

ويراقب العالم، وخصوصاً الشركات عابرة للقارات، ماذا يحدث في الساعات المقبلة، لتقرر الرحيل من قطر، وعدم استلام عطاءات العقود الجديدة، كما ستتأزم عمليات الشحن، وتواصل تكلفة التأمين على الديون السيادية الارتفاع إلى مستويات قياسية جديدة، بينما يستمر الريال في ترنحه وانهياره مقابل العملات الدولية، مع اتساع مقاطعته من جانب البنوك ومراكز الصرافة حول العالم.

ويرى مراقبون أن الخسائر التي تعرض لها الاقتصاد القطري منذ بدء المقاطعة، التي اقتصرت على إغلاق الحدود البرية والجوية والبحرية بين الدول الخليجية وقطر، هي مجرد مقدمات لقادم أكثر سوءاً، إذ ذكر تقرير لوكالة «بلومبيرغ» أمس، أن الأسوأ لم يأتِ بعد للاقتصاد القطري:

وبحسب التقرير، فإن الدول الخليجية ما زالت تسمح لناقلات النفط والغاز القطرية بشق عباب البحر، ولم تطلها المقاطعة الاقتصادية.

وتتفق صحيفة الإكسبريس البريطانية أيضاً، مع التوجه القائل إن القادم سيكون أكثر سوءاً بالنسبة للدوحة، وستكون الشركات والأعمال التجارية القطرية ضحية عناد السلطات ومتخذي القرار، إذ سيتم تأخير الشحنات وتعطيل أوقات السفر، وستدفع الشركات نحو تطبيق خطط الطوارئ، في حال استمرت الأزمة وتعقدت بشكل أكبر، بحسب الصحيفة.

مخاطر مصرفية

وتتجه الأزمة المالية في قطر إلى مزيد من التفاقم، في الأيام القادمة، فخلال شهر واحد فقط يجد القطاع المصرفي بالبلاد نفسه في وضع صعب، جراء كثافة السحب والتحويلات إلى خارج واستبدال الريال بعملات أخرى خاصة الدولار، إضافة إلى ارتفاع الفائدة على الودائع في ظل تقلص الأرباح. وفق ما ذكرته سكاي نيوز عربية.

ولا تتوقف المخاطر عند ما جرى ذكره، فمصارف ومؤسسات سعودية وإماراتية وبحرينية تمتلك ودائع قصيرة الأجل بنحو 18 مليار دولار في قطر، ونحو 24 % من الودائع بالبلاد أموال سعودية وإماراتية.

وإذا ما جرى اتخاذ قرار بسحب هذه الأموال ضمن خيارات المقاطعة المطروحة، فسيتفاقم الأمر ليصل إلى زعزعة استقرار النظام المصرفي القطري، كما قد يسجل مزيد من التراجع في تصنيفها الائتماني مع تراجع بنسب أكبر للريال، مما يعني انتهاء زمن الثقة في مناخ الاستثمار.

وتواجه المؤسسات القطرية حالياً مهمة غير سهلة تتمثل في إيجاد أسواق جديدة لتزويدها بالسلع الغذائية عن طريق ممرات جوية وبحرية بديلة. وفي أحسن الأحوال، سترتفع تكاليف السلع والخدمات المتجهة إلى الدوحة عبر الممرات البديلة، على اعتبار أن على الطائرات أن تقطع مسافات أطول.

كلفة شحن البضائع

وبلغة الأرقام، يكبد شحن البضائع عبر المرافئ العُمانية والإيرانية تكلفة أعلى من نظيرتها الإماراتية التي كانت تقدم للتجارة مع قطر خدمات مالية ولوجستية يصعب تعويضها خلال فترة قصيرة.

أما على المدى البعيد، فإن السيناريو الذي يمكن أن تواجهه قطر في حال امتد عمر الأزمة قد يكون كارثياً، فحتى وإن كانت الدوحة مالكة لاحتياطات مالية واستثمارات أجنبية تصل قيمتها إلى نحو 300 مليار دولار، فإن القادم ليس آمناً.

وإذا استنزفت قطر الاحتياطات جراء تشديد المقاطعة التي قد تشمل قطع إمدادات الغاز ولو بشكل جزئي، الأمر الذي ـ إذا ما حدث- سيهز أركان الدولة التي ستجد نفسها مضطرة لوقف إنفاقها على مؤسسات كبيرة مثل شبكاتها الإعلامية الضخمة.

فضلاً عن ذلك، سيؤدي الوضع الجديد إلى تراجع مكانة الخطوط الجوية القطرية وتأجيل مشروع تحويل الدوحة إلى مركز دولي للملاحة الجوية، وكذلك الدخول في صعوبات لا حصر لها من أجل استكمال مشروع «مونديال قطر 2022».

أزمة الريال

وتتعرض العملة القطرية في الخارج إلى أزمة غير مسبوقة، مع انتهاء المهلة الزمنية التي منحتها دول الخليج لقطر لتلبية مطالبها المتعلقة بوقف دعم التطرف.

ومع تأكيدات باشتداد المقاطعة على قطر، ومواصلتها التعنت تجاه المطالب، وفي ضوء الانخفاضات المتتالية لعملتها، وامتناع بنوك حول العالم عن التعامل بها، يثار سؤال، عن كيفية انخفاض الريال القطري في الخارج رغم كونه مرتبطاً بالدولار، كبقية عملات الخليج.

وتتخذ قطر قرار توفير العملة مقابل سعر ثابت أمام الدولار أو غيره من العملات داخل الدولة. وفي هذه الحالة، فإن الذي يود شراء الدولار داخل قطر فيدفع قرابة 3.64 ريالات لكل دولار. ولكن هذا السعر محصور بداخل قطر فقط.

أما في خارج قطر، فإن ترتيبات السعر الثابت لا تطبّق على الأسواق العالمية، بمعنى أن البنوك الأجنبية ودور الصرافة وغيرها من المؤسسات تتعامل مع العملات بحسب العرض والطلب، وبحسب المخاطر المتعلقة بها سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي.

ورفعت المقاطعة الخليجية مع قطر من المخاطر الاقتصادية للدولة الخاضعة للمقاطعة بحسب البنوك العالمية، ما جعلها إما تمتنع عن التعامل بالريال أو تطلب سعرا منخفضا لشرائه، كتعويض لها عن المخاطر التي تتكبدها، وبغض النظر عن سعره في الدوحة.

وفي الواقع شهد الريال القطري تداولات عالمية بسعر بلغ 3.81 ريالات مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى منذ 1980.

مسيرة التراجع

وانخفض سعر صرف الريال القطري بنسبة 4% (4042 نقطة أساس) مقابل وحدات حقوق السحب الخاصة خلال النصف الأول من عام 2017، ووحدة حقوق السحب الخاصة هي العملة المعتمدة من صندوق النقد الدولي لتسوية التبادلات المالية بين الدول.

وتراجع الريال مقابل وحدات حقوق السحب الخاصة من 4.865 ريالات لكل وحدة حقوق سحب خاصة في 3 يناير 2017 إلى نحو 5.062 ريالات قطرية لكل وحدة حوق سحب خاصة في 29 يونيو 2017، بعد قطع السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات مع قطر، بحسب «جريدة الرياض».

وتدهور سعر صرف الريال القطري مقابل وحدة حقوق السحب الخاصة خلال النصف الأول من عام 2017، حيث كان يساوي نحو 0.2055 وحدة حقوق سحب خاصة في 3 يناير 2017، وانخفضت قيمته لتصل إلى 0.1975 وحدة حقوق سحب خاصة في 29 يونيو 2017.

وانخفض الريال القطري مقابل اليورو بنسبة 9.9% خلال الفترة من 3 يناير 2017 إلى 29 يونيو 2017،.

تفاقم الأمور

مع ارتفاع التكاليف وزيادة نسب التضخم سيحدث تراجع في مستوى المعيشة. وستتفاقم هذه الأمور بشكل تصاعدي كلما تفاقمت الأزمة السياسية، وستضع الدوحة بحسب الخبراء الاقتصاديين، أمام خيارين؛ إما أن تجفف اليوم منابع دعم التطرف والإرهاب طواعية، أو تنتظر لتجف منابع أموالها وينكمش اقتصادها مهما جربت من مسكنات مؤقتة، ذلك أن قطر لا يمكن أن تغادر جغرافيا المنطقة إلى مكان آخر، ولا يمكن أيضا أن تنعم داخل الجغرافيا الخليجية إلا إذا عادت إلى حضنها الخليجي.

Email