مع تواصل أمد الأزمة بسبب عناد الدوحة

اقتصاد قطر يواجه سيناريوهات كارثيّة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتواصل نزيف الخسائر في الاقتصاد القطري بوتيرة متسارعة لتطال التراجعات القطاعات فيما تبدو آفاق المستقبل أكثر قتامة وسط توقعات بخسائر جديدة مؤلمة يهوي معها النمو ويتداعى الاقتصاد إلى مراحل صعبة ليواجه سيناريوهات كارثية.

ودعا خبراء الاقتصاد الدوحة إلى عدم شق الصف العربي وعدم تحميل المواطن القطري أعباء الغلاء والمعاناة وحماية الاقتصاد من الانزلاق في هوة الكساد وفقد المزيد من الدرجات في التصنيفات السيادية للدولة القطرية ولمؤسساتها وهي الخسائر التي سيتطلب علاج تأثيراتها فترات طويلة وجهوداً مضنية.

وأكد الخبراء أن تواصل العناد من جانب الدوحة من شأنه زيادة فاتورة الخسائر التي تتكبدها مع تواصل أمد المقاطعة العربية معتبرين أن المرحلة المقبلة ستشهد صعوبات أكبر بالنسبة للاقتصاد القطري في حال استمرار المقاطعة لاسيما في حال ما اتخذت الدول المقاطعة للدوحة قرارات وإجراءات جديدة تصعيدية في مواجهة موقف الدوحة وإصرارها على دعم الإرهاب.

سيناريوهات صعبة

ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور أنور أبو عبد الرب، أن السيناريوهات الاقتصادية المستقبلية بالنسبة لقطر صعبة جداً ومظلمة إلى حد كبير لاسيما أن الاقتصاد القطري مرتبط إلى حد كبير بالاقتصادين السعودي والإماراتي.

وبالتالي فان فك هذا الارتباط سيحدث ضرراً كبيراً بالقطاعات الاقتصادية القطرية لاسيما التجارية وقطاعات التشييد والبناء والسياحة خاصةً مع تواصل إغلاق المنافذ الحدودية البرية مع السعودية والتي تشكل شريان حيوي لتدفق السلع والبضائع ومستلزمات الإنتاج وكذا إغلاق موانئ ومطارات وأجواء الإمارات والسعودية والبحرين ومصر أمام الشركات والناقلات والسفن القطرية.

وقال إن السيناريوهات أمام قطر من النواحي الاقتصادية قاتمة وستستدعيها للتوجه إلى ايجاد حلول للخروج من الأزمة، ولكن أفضل الحلول وانسبها لقطر هي الحلول السياسية وخاصة ما يتعلق بتخلي الدوحة عن دعم وتوفير التمويل للإرهاب.

وأضاف الدكتور أنور أبو عبد الرب إن اقتصاد قطر ليس كبير الحجم بل صغير ولا يتسم بالتنوع الذي يمكن أن يحصنه ضد التحديات والأزمات كما أن الدوحة تعتمد على المواد الخام ومستلزمات الإنتاج المستوردة وكذلك السلع الغذائية والاستهلاكية نظراً لضعف الإنتاج المحلي.

وبالتالي فان أمامها فرصة أن تجد منافذ للاستمرار في صادراتها ووارداتها عبر دول الجوار إذا ما انتهت الأزمة، أما اذا طالت فستكون أمام معضلة كبيرة وخيارات صعبة خاصة أن معظم الإمدادات تمر عبر السعودية وهي منفذ أساسي لعبور السلع والتجارة إلى قطر.

هروب العمالة

وأضاف أن قطر تعتمد على الاستثمار الأجنبي من شركات ضخمة، وأيدٍ عاملة وافدة وكل هذا تأثر سلباً وبشدة من المقاطعة العربية للدوحة، كما تراجعت الثقة من المؤسسات الدولية في العملة القطرية الأمر الذي ظهر جلياً خلال الساعات الماضية حيث تسببت الدوحة في تكبيل عملتها ليتم تجميد العمل بها في الأسواق العالمية موضحاً خطورة شعور الشركات الأجنبية من تزايد الخطر السياسي في قطر مما يعني هروب الاستثمارات ونزوح الأموال كما ستشهد العمالة في قطر حالة من عدم الاستقرار مما يهدد بموجات من النزوح الجماعي ما ينذر بموجة من الانهيارات في الاقتصاد وقطاعاته المختلفة.

وبالتالي تعثر المشاريع الضخمة خاصة الإنشائية التي يجري العمل فيها استعداد لاستضافة كاس العالم 2022، وستكون المرحلة المقبلة من الأزمة أكثر خطورة لأن ذلك سيؤدي إلى انهيار شامل وعنيف في قطاعات اقتصادية رئيسية.

من جهته، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية الدكتور نائل موسى، إن قطر حاولت في بداية الأزمة سد الخلل والعجز ومحاولة الاستعاضة عن الأسواق الإماراتية والسعودية بالأسواق الإيرانية والتركية لكن البدائل تتسم بارتفاع التكلفة وضعف الجدوى الاقتصادية ولا يمكن اعتمادها كبدائل أو خيارات استراتيجية على المدى الطويل.

فترة حرجة

وتابع أن المقاطعة إذا استمرت وتفاقمت فستؤثر على قطر على المدى البعيد في حال اتسعت دائرة الدول المقاطعة، وهذه الفترة حرجة جداً وخطيرة، وهي فترة الانعزال السياسي، وترتب عليها أمور سلبية كثيرة جداً.

ولفت الدكتور نائل موسى، إلى محور تركيا وإيران هو بديل مؤقت، وغير كاف أو فعّال على المدى الطويل بالنسبة للدوحة وأن الوقت سيثبت سوء الاختيار والرهان لاسيما مع تفاقم التبعات الاقتصادية للمقاطعة في القطاعات المختلفة لاسيما مع تزايد هروب الاستثمارات واشتعال موجات الغلاء واتساع نطاق وقف التعامل بالريال في البنوك والمؤسسات المالية العالمية وكذلك في شركات الصرافة ووكالات السياحة والسفر على مستوى العالم.

وفي السياق، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزة الدكتور معين رجب، إن هناك احتمالات كثيرة في حال استمرار مقاطعة قطر أن تحدث تداعيات كارثية للاقتصاد، وقد تصل إلى مراحل خطيرة وبشكل دراماتيكي ومفاجئ، وتكون المفاجآت في عدة اتجاهات مختلفة، وبمدى وتأثيرات واسعة.

فقد الأسواق

وقال وزير التخطيط السابق في السلطة الفلسطينية الدكتور سمير عبدالله، إن قطر خرجت من السوق الإقليمي بصورة مفاجئة، على غرار الخروج البريطاني من تحت عباءة الاتحاد الأوروبي ولكنها هنا خرجت بطريقة منظمة، خلافاً لقطر التي ستفقد الكثير من الأسواق والدخل، لاسيما مع الفارق الكبير بين حجم البلدين.

وأكد أن الخطر الكبير الذي تعانيه قطر هو مدى قدرتها على تنفيذ المشاريع الواجب تشييدها وتحضيرها استعداداً لمونديال عام 2022 وقد يصبح بعدها موضوع استضافة الدوحة كأس العالم محلاً للتساؤلات والشكوك.

تصفية حسابات

إلى ذلك تستأنف البنوك المحلية والأجنبية في قطر عملها اليوم بعد عطلة عيد الفطر المبارك، التي استمرت لمدة 9 أيام، فيما قررت البنوك اتخاذ إجراءات جديدة لمواجهة الزحام المتوقع خلال أول أيام الأسبوع، لاسيما مع حالة الذعر وعدم اليقين بين العملاء والمودعين وتلاشي ثقة المستثمرين في الاقتصاد والريال القطري.

حيث من المتوقع ان يسارع أصحاب الحسابات والأرصدة إلى سحب أموالهم ومدخراتهم وتحويلها للعملات الأخرى خاصة الدولار الأميركي تجنباً لمزيد من التراجعات في سعر الريال والخسائر التي لحقت به على مدار الأيام الماضية.

وقرر عدد من البنوك القطرية والأجنبية العاملة في قطر زيادة أعداد الموظفين الذين يتعاملون مع عملاء البنوك، سواءً على الكونترات بالخزينة أو موظفي خدمة العملاء، وذلك لإنهاء معاملات التمويلات والقروض والإيداع، وشهادات الضمان والكفالات البنكية.

نزوح جماعي

كما قررت البنوك زيادة موظفي معاملات فروع الشركات العامة والخاصة، حيث من المنتظر زيادة التعاملات في هذه الفروع، وذلك لتسوية أوضاع الشركات المالية وإيداع السيولة المالية في الحسابات المصرفية التابعة لها وسط توقعات بموجة نزوح جماعي من الأموال من القطاع المصرفي القطري الذي يعاني من ضعف السيولة وقلق المتعاملين وضعف الإقبال على الريال.

وأكد عدد من مديري الفروع بالبنوك المحلية أنه من المتوقع زيادة الإقبال على الخدمات المصرفية هذا الأسبوع سواءً من الشركات أو من الأفراد، بسبب موجات السحب المتوقعة للأموال والنشاط المتوقع في تغيير العملات خاصة التحويل من الريال للعملات الأخرى المتاحة والتي تشكل ملاذات أكثر أماناً في ظل ترنح الريال.

Email