«أسرار الخزينة» كتاب فرنسي: قطر قزم بشهية وحش

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في كتابهما «قطر.. أسرار الخزينة» الصادر في باريس عن دار ميشيل لافون، وصف الكاتبان الفرنسيان جورج مالبرونو وكريستيان شينو دولة قطر بـ«القزم الذي له شهية الوحش»، الذي حاول شراء الفيتو الروسي في الأمم المتحدة، عندما طلب حمد بن جاسم ذلك علانية من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قبل أن ينتقل من «دبلوماسية دفتر الشيكات» إلى تسليح الجماعات الإرهابية كما حدث في ليبيا وسوريا.

وأكد أن حكام الدوحة لم يتركوا شيئاً إلا استثمروا فيه من الطاقة والعقارات إلى كرة القدم، وعلى الصعيد السياسي دعموا جماعة الإخوان في مصر، وسعوا للسيطرة على ليبيا بعد أن كان لهم الدور الأكبر في إطاحة نظام القذافي، ودعموا الجماعات المتشددة في سوريا بالمال والسلاح، وكان لهم دور في انتفاضات تونس ومصر.

حيث «لا شيء يوقف أطماع قطر نحو النفوذ»، وفق مؤلفي الكتاب اللذين عرضا عدداً من الأسئلة، من بينها: لماذا تحاول قطر التسلل إلى المؤسسات الدولية مثل اليونسكو وجامعة الدول العربية؟ وهل يسعى هذا البلد من خلال تسلله المحموم هذا، ومن خلال دعمه للمتطرفين، إلى ضمان سلامة نفوذه؟ وكيف عملت قطر على إنشاء إمبراطورية ممتدة الأطراف بشراء العالم من خلال احتياطاتها من النفط والغاز؟

قوة المال

ويصل الكتاب بقارئه إلى أن سياسات قطر تتحكم فيها الرغبات الشخصية في التحدي والعناد، اعتماداً على قناة «الجزيرة» والمفاوضات السرية ولعبة الوساطات التي تسعى الدوحة إلى أن تكون فاعلة فيها، وعلى قوة المال، وفي هذا السياق أشار كريستيان شينو إلى كيفية شراء القطريين مركز كليبر، أكبر مركز للمؤتمرات في باريس، الذي وقع في غرامه أمير قطر الأب الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.

فدفع فيه 400 مليون يورو، في حين أن سعر المبنى في سوق العقارات يقدر بـ350 مليون يورو، مشيراً إلى أن ما تقوم به قطر هو استراتيجية اقتصادية تقوم على تقديم عروض أسعار أعلى من أسعار السوق بنحو 30 أو 40 في المئة، وأن قوتها المالية تسمح لها بالاستيلاء على الكثير من تلك الأشياء.

يقف كتاب «قطر: خزينة الأسرار» عند الدور القطري في حرب ليبيا التي انتهت بسقوط نظام معمر القذافي، كاشفاً أن قطر لم تدعم المتمردين من حلفائها ذوي الأجندات المتشددة فقط، بل سلّحتهم أيضاً، حتى إنها أرسلت قوات خاصة إلى ليبيا.

وأشار إلى أنه في بداية أبريل 2011، أرسلت قطر أكثر من عشرين طناً من الأسلحة إلى الثوار في ليبيا، وحتى يوم سقوط طرابلس في 22 أغسطس الذي تم نقل وقائعه مباشرةً على قناة الجزيرة، كان هناك أكثر من 18 طائرة دخلت لنقل بنادق ومنصات صواريخ وأسلحة خفيفة وسيارات عسكرية وأزياء عسكرية، كما كان لقطر 60 عسكرياً ساعدوا المسلّحين المتطرفين على تأسيس مراكز قيادة في بنغازي وغيرها.

وكان حلم أمير قطر آنذاك بناء ميناء كبير في ليبيا لتحويل الغاز القطري إلى الضفة الشمالية لحوض المتوسط، ولكن المشروع لم يتحقق، واستطاع الليبيون فضح المخطط القطري، وعملوا على إلحاق الهزيمة به بعد أن اكتشفوا وجهه الحقيقي.

سوريا

ويؤكد الكتاب أهمية سوريا بالنسبة إلى قطر، ويكشف الكاتبان أن أمير قطر بات مهووساً بهذا الملف، متخذاً منه معركة شخصية، إذ إنه صيف عام 2012 قررت قطر تسليح المعارضة السورية. وهكذا «فإن وحدات من القوات الخاصة القطرية انتشرت عند الحدود التركية والأردنية مع سوريا، لكن محاولاتها المتكررة سابقاً للدخول إلى سوريا لم تنجح».

ويشير الكتاب إلى أن «نجاح» الأمير تميم في إدارة الملف الليبي كان سبباً في أن يعتمد عليه والده من جديد في تعامل قطر مع الأزمة السورية، وهو الملف الذي أشعل الصراع بين حمد بن جاسم وعزمي بشارة، رجل تميم في الملف السوري.

صفقات وعمولات

يخصص الكتاب فصلاً كاملاً للحديث عن حمد بن جاسم، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق، الذي وصفه أحد الأجانب الذين تعاملوا معه عن قرب لمدة 30 سنة بأنه كان القوة الضاربة، والذراع المسلّحة للأمير السابق، لا ينام سوى أربع أو خمس ساعات ليلاً، بينما كان الأمير حمد لا يملك طاقته على العمل، وكان من آخر عمولاته وهو في السلطة 400 مليون دولار في صفقة شراء هارودز من الفايد، و200 مليون دولار لجسر لم يرَ النور بين قطر والبحرين.

وبحسب المؤلفين، فإن حمد بن جاسم «انتبه مبكراً لقوة ونفوذ المال على الناس، وهو يرى أن كل شيء، وكل شخص، يمكن شراؤه، بشرط أن تضع له الثمن المناسب.

ومنذ فترة طويلة، قبل أن ينقلب حمد على والده في أوائل التسعينيات، جاء اثنان من رجال الأعمال الفرنسيين لزيارة الأمير الأسبق خليفة، في منزله بمدينة كان الفرنسية، سعياً لتعزيز وتوسيع أنشطة شركاتهما في قطر، وآنذاك سأل خليفة، الذي لم يكن مهتماً بـ«البزنس» أصلاً، وزير خارجيته حمد بن جاسم عما ينبغي قوله لرجلي الأعمال، فرد عليه حمد: «قل لهما أن يناقشا هذا الأمر معي».

ووصل رجلا الأعمال الفرنسيان إلى قصر الريان، مقر إقامة الأمير، وبعد دقائق من المناقشة، قال الأمير: «إن حمد بن جاسم هو الذي يهتم بشؤون الأعمال الخاصة بنا، سأترككم معه الآن»، ونهض حمد بن جاسم مرافقاً الأمير حتى الباب، متظاهراً بأنه يهمس في أذنه بكلمات ما، وعندما عاد إلى رجلي الأعمال الفرنسيين قال: «أنا أشعر بحرج بالغ لأنني مضطر إلى أن أقول هذا، لكن الأمير طلب 20 مليون دولار لنفقاته الخاصة، هو لن يقول لكما هذا، أنا في غاية الحرج»، ويرجّح الكتاب أن ذلك المبلغ هو أول ما وضعه ابن جاسم في جيبه بعد توليه الإشراف على صفقات الأمير السابق.

في عام 2007، تولى حمد بن جاسم منصب رئيس الوزراء، وظل محتفظاً بحقيبة الخارجية.

ويقول أحد أقاربه لمؤلفي الكتاب: «إنه هو من كان يمسك بالاتصالات والعلاقات الدولية القطرية كلها. كان لا بد أن تكون لحمد بن جاسم صلة من قريب أو من بعيد بكل الشراكات والصفقات المالية والتجارية التي عقدتها قطر في العقدين الماضيين، وهو يملك أيضاً فندقي الفور سيزون وويست باي في الدوحة، وفندقي راديسون وتشرشل في لندن».

Email